قال الله تعالى: {…وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ… *} [سورة المدثر]
قال المفسر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرءان» ما نصه[(751)]: «{…وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ… *} ، أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو أي إلا الله جل ثناؤه» اهـ.
وقال المفسر الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المسمى «معالم التنزيل» ما نصه[(752)]: «قال عطاء: {…وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ… *} يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار، لا يعلم عِدَّتَهم إلا الله، والمعنى: إن تسعة عشر هم خزنة النار، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله عز وجل» اهـ.
هذا معنى الآية، الملائكة جنود الله أي يُطيعونه في ما أمرهم ولا يعصونه، قال الله تعالى: {…لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} [سورة التحريم] ، ليس معنى الجنود في هذه الآية أن الله يحتاجُ إليهم أو يستعينُ بهم كما أن الملِك أو السلطان يحتاج إلى جنودِه ويستعينُ بهم، الآية {…جُنُودَ رَبِّكَ} ليس معناها أنهم أعوانُه كما حرَّف وادَّعى وافترى إمام المشبهة والمجسمة ابن تيمية الحراني في كتابيه «مجموع الفتاوى»[(753)]، والمسمى «بيان تلبيس الجهمية»[(754)] حيث قال: «أنه سبحانه يفعل ذلك بجنوده وأعوانه من الملائكة» اهـ.
ابن تيمية هذا، يُسَمِّي الملائكةَ «أعوانُ الله» والعياذ بالله من الكفر. وقد قال الله تعالى: {…وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ *} [سورة آل عمران] ، أي مستغنٍ عن كل ما خلق، وقال تعالى: {…وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ *} [سورة الرعد] ، فالله تعالى لا معينَ ولا آمِرَ له، ولا شبيهَ ولا نظيرَ له، ولا وزيرَ ولا مُشيرَ له، ولا ضِدَّ ولا مُغالِبَ ولا مُكْرِهَ له، ولا نِدَّ ولا مِثلَ له.
ولقد دافع عن هذا المنكر القبيح والكفر الصريح، الذَّنَبُ الوهابي الجوال المدعو عبد الرحمـن دمشقية في تسجيل له بالصوت والصورة نشره على الإنترنت، حيث أوَّلَ كُفرَ شيخه وإمامِه في التجسيم والتشبيه، فقط لأنه صَدَرَ من ابن تيمية، المجسمةُ المشبهةُ يؤَوِّلون الكفرَ الصريحَ لمشايخهم.
فيا لفضيحة الوهابية!!! لأيِّ شيءٍ يُكَفِّرون المسلمين؟!! كيف يُنكرون على المسلمين استعانَتَهم بالأنبياء والأولياء والصالحين، ولا يُنكِرون على إمامِهِم المجسم ابن تيمية نِسبَةُ الأعوانِ لله بل يؤَوِّلون له، أليس الأولى بهم أن يُحذِّروا منه حيث نَسَبَ لله الأعوان من الملائكة الذين هم أولياء، بَدَلَ أن يُنفِقوا الأموال الطائلة في سبيل تكفير المسلمين حيث استعانوا بالأنبياء والأولياء؟؟!!!
ـ[751] معالم التنزيل (طبعة دار المعرفة – بيروت، الطبعة الثالثة في سنة 1413هـ، الجزء الرابع ص417).
ـ[752] مجموع الفتاوى (المجلد الخامس ص507).
ـ[753] بيان تلبيس الجهمية (ج6 ص36).
ـ[754] تفسير الطبري (المجلد الثاني عشر الجزء29 ص137).