قال الله تعالى: {…وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى *} [سورة طه]
قال الله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا *} [سورة الإنسان] .
المقصود بالشراب شراب أهل الجنة، وليس معنى الآية العصيرات التي تباع في الأسواق والدكاكين كعصير التفاح أو العنب أو الجزر أو ما شابه، وبعضهم يكتب هذه الآية في بعض المحال التي يباع فيها العصير أو على بعض عيون وسُبُل الماء، مع أن ماء السبيل وماء العين وعصير الفاكهة طاهر لكن ليس هذا معنى الآية، إنما الآية عن شراب أهل الجنة، وسياق الآيات قبلها وبعدها يدل على ذلك.
قال المفسر ابن جرير الطبري في تفسيره ما نصه[(755)]: «وقوله: {…وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا *} يقول تعالى ذكره: وسقى هؤلاء الأبرارَ ربُّهم شرابًا طهورا، ومن طهره أنه لا يصير بولا نجسا، ولكنه يصير رشحًا من أبدانهم كرشح المسك». ثم قال: «حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أبان، عن أبي قلابة: إن أهل الجنة إذا أكلوا وشربوا ما شاؤوا دعوا بالشراب الطهور فيشربونه» اهـ.
واعلم أن من قال وهو يملأ وعاءً شرابًا {وَكَأْسًا دِهَاقًا *} بقصد الاستخفاف بما وعد اللّه به المؤمنين في الجنة من الكأسِ الممتلئة شرابًا هنيئًا فقد كفر، لأن معنى كلامه أن ذاك الذي ذكرَه اللهُ مثلُ هذا الذي أملأه. ومعنى {وَكَأْسًا دِهَاقًا *} أي كأسًا ممتلئةً بالشَّراب.
وكذا كلُّ موضعٍ استُعمِلَ فيه القرءانُ بقصد الاستخفاف فهو كفر، فإن كان بغيرِ ذلك القصدِ فلا يكفُرُ لكن قالَ الشيخُ أحمدُ ابنُ حَجَرٍ الهيتميّ: لا تَبعُدُ حُرمتُهُ. أي هو حرام لأنه أورد الآية في غير موضعها.
ـ[755] تأويلات أهل السنة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1426هـ المجلد العاشر ص395).