الأحد ديسمبر 22, 2024

قال الله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} [سورة الحجرات]

هذه الآية نزلت في بني أسد الدين أظهروا الإسلام في سنة مجدبة طالبين الصدقة ولم تكن قلوبهم مطمئنة بالإيمان أظهروا الإسلام وكانوا يؤدون صورة الصلاة وراء النبي والنبي لم يُكشف له أمرهم إلا بعد نزول الآية فأخبرهم الله تعالى بأن الإيمان ليس بالقول فحسب إنما هو بالقلب فما آمنتم ولكن قولوا أسلمنا أي انقدنا واستسلمنا، فمن هنا لا يجوز أن يتوهم متوهم أن الآية في سورة الحجرات تعطي معنى أن الإسلام والإيمان من حيث الشرع مختلفان وقد مر معنا أن الإسلام في الآية معناه الانقياد ظاهرا وهذا معناه اللغوي، وأما من حيث الشرع فقد عرفنا معنى الإسلام ومعنى الإيمان ولذلك قال علماء الأمة: إن من قال يصح أن يكون العبد عند الله مسلما غير مؤمن أو مؤمنا غير مسلم فهو ضال من الضالين الجاهلين باللغة والدين.

وسنذكر إن شاء الله أقوال بعض المفسرين في هذه الآية لزيادة الإيضاح.

منهم أبو حيّان الأندلسي المتوفى سنة 754هـ قال في «النهر الماد من البحر المحيط» ما نصه[(607)]: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} : قال مجاهد: نزلت في بني أسد بن خزيمة قبيلة تجاور المدينة أظهروا الإسلام وقلوبهم دخلة إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا فردّ الله عليهم بقوله {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} كذبهم الله تعالى في دعوى الايمان ولم يصرح بأكاذيبهم بلفظه بل بما دل عليه من انتفاء إيمانهم وهذا في إعراب مخصوصين {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فهو اللفظ الصادق من قولكم وهو الانقياد والاستسلام ظاهرا، فلذلك قال الله تعالى: {…وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} وجاء النفي بـ {…وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الدالّة على انتفاء الشىء إلى زمان الإخبار به».اهـ

وقال الإمام عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي المتوفى سنة 710هـ في تفسيره ما نصه[(608)]: «{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} أي بعض الأعراب لأن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، وهم أعراب بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة فأظهروا الشهادة يريدون الصدقة ويمنون عليه {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} أي ظاهرا وباطنا.

{…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ) لهم يا محمد {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} لم تصدّقوا بقلوبكم {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فالإيمان هو التصديق، والإسلام هو الدخول في السلم والخروج من أن يكون حربا للمؤمنين بإظهار الشهادتين، ألا ترى إلى قوله: {…وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} فاعلم أنه ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب فهو الإسلام وما واطأ فيه القلب اللسان فهو إيمان وهذا من حيث اللغة، وأما في الشرع فالإيمان والإسلام واحد كما عرف».اهـ

وقال الإمام علاء الدين علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي المعروف بالخازن المتوفى سنة 725هـ في كتابه تفسير الخازن ما نصه[(609)]: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} الآية نزلت في نفر من بني أسد قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنةٍ مجدبة فأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر فأفسدوا طرق المدينة بالقذارات وأغلوا أسعارها وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: أتتك الأعراب بأنفسهم على ظهور رواحلها وجئناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلتك بنو فلان وبنو فلان، يمنّون على رسول الله بذلك ويريدون الصدقة، ويقولون: أعطنا، فأنزل الله فيهم هذه الآية: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} أي صدّقنا {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي لم تصدقوا بقلوبكم {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي استسلمنا وانقدنا مخافة القتل والسبي {…وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أخبر أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقلب، وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيمانا دون التصديق بالقلب والإخلاص فالمؤمن والمسلم واحد عند أهل السنة».اهـ

ووجدنا في كتاب تفسير الجلالين للسيوطي والمحلي في تفسير هذه الآية: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} نفر من بني أسد {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} صدقنا بقلوبنا {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} لهم {…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} انقدنا ظاهرًا».اهـ

فائدة: قال الإمام ابن الجوزي المتوفى سنة 596هـ في كتابه «زاد المسير» وصفهم الله عز وجل بالإيمان والإسلام لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم».اهـ

ومن أقوى الأدلة على أن الإسلام والإيمان هما شىء واحد قول الله تعالى في سورة الذاريات: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *} .

قال النسفي فيها: «وفيه دليل على أن الإسلام والإيمان واحد لأن الملائكة سمّوهم مؤمنين ومسلمين هنا».اهـ

وقال الخازن الذي مرّ ذكره في تفسير هذه الآية: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا} أي من قرى قوم لوط {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *} يعني لوطا وبنتيه وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعا لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم.

وقد ذكر الأندلسي في البحر المحيط في تفسيره لهذه الآية أن الإسلام والإيمان من حيث الشرع واحد».اهـ

وقال الحافظ السيوطي في تفسير هذه الآية: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا} أي قرى قوم لوط {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *} لإهلاك الكافرين {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *} وهو لوط وبنتاه وصفوا بالإيمان والإسلام أي مصدقون بقلوبهم عاملون بجوارحهم الطاعات».اهـ

ومن جملة الأدلة على أن المسلمين هم المؤمنون قول الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلاَلَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ *} [سورة الروم] .

كذلك قوله تعالى في سورة النمل: {قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلأَُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ *} .

ولا يغفل أن قوم بلقيس كانوا كفارا، فقول سليمان: {قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلأَُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ *} منقادين طائعين وهذا كان قبل أن تؤمن ومن معها بالله العظيم ففي هذا دليل على أن الإسلام من حيث اللغة يُطلق على الانقياد والاستسلام، وأما شرعًا فهو الانقياد والاستسلام لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن جملة الأدلة الساطعة على أن الإيمان والإسلام شىء واحد الآية في سورة آل عمران: {…قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ *} .

فقد قال الإمام النسفي في تفسيره الجزء الأول عند ذكر تفسيره للآية: {…قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} حواريّ الرجل صفوته وخاصته {…نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} أعوان دينه {…آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ} يا عيسى.

{…بِأَنَّا مُسْلِمُونَ *} إنما طلبوا شهادته بإسلامهم تأكيدًا لإيمانهم لأن الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم، وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد.اهـ

وفي تفسيره لسورة النمل يورد دليلاً على أن الإسلام من حيث اللغة الانقياد فيقول تفسيرا لقوله تعالى: {…قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ *} منقادين لك مطيعين لأمرك.

كذلك يقول في تفسير سورة الزخرف عند قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ *} الذين صدّقوا بآياتنا {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ *} لله منقادين له.

وهذا دليل آخر واضح، ففي قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا… *} الآية في [سورة الصافات] .

يقول النسفي رحمه الله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا… *} انقادا لامر الله وخضعا.

قال الله تعالى: {…وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} . أي انقاد لمشيئته الكل، الكافر والمؤمن.

وقد سئل الحافظ أبو عبد الرحمـن عبد الله العبدري رضي الله عنه عن الذي يفرّق بين الإيمان والإسلام فأجاب بقوله: «إن كان يقصد بهذا أن المرء قد يكون مسلما عند الله وليس بمؤمن عنده فهو ضالّ لأنه في الحقيقة لا يكون المرء مسلما عند الله تعالى حتى يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما هذه هي الحقيقة.

أما قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} .

هذه الآية تعني أن أولئك الأعراب الذين يتظاهرون بالإسلام يتشهّدون ويصلّون مع المسلمين، وقلوبهم لم تؤمن.

فالله تبارك وتعالى يخبر نبيّه بأن هؤلاء الذين يقولون ءامنا ولم تؤمن قلوبهم أي لم يعتقدوا صحة الإسلام، لا يعتقدون أن الإسلام في نفوسهم صحيح وهم يدّعون أنهم آمنوا وهم لم تؤمن قلوبهم، قل لهم لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا أي انقدنا انقيادًا ظاهرًا أي استسلمنا هذا إسلام لغوي ليس إسلامًا شرعيًا، لأنه في اللغة: [أسلم الرجل لفلان] معناه: انقاد له، خضع له.

{…قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي انقدنا، استسلمنا ظاهرًا، هذا معناه، ليس معناه أننا أسلمنا إسلامًا شرعيًا ما أسلموا إسلامًا شرعيًا، لأن الإسلام الشرعي لا يصح إلا مع التصديق القلبي، إلا مع الإيمان القلبي، الإسلام الشرعي لا يصح إلا مع الإيمان القلبي، والإيمان القلبي أي التصديق وحده بدون نطق بالشهادة لا ينفع، الشخص الكافر الذي خرج من أبوين كافرين ثم صار عنده تعلّق بالقلب بالإسلام أحبّ الإسلام وأحبّ النبي، أحبّه بقلبه حبًّا شديدًا لكنه لم ينطق بـ «لا إلـه إلا الله» مرة، هذا ما زال كافرًا، تصديقه لا ينفعه، تصديقه بقلبه أن محمدًا جاء بدين الحق وأنّ الإسلام هو الصحيح وما سواه فليس حقًا هذا التصديق بالقلب والتعلق بمحمّد لا يجعله عند الله مؤمنا ولا مسلمًا.

هذه الآية: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} كثير من الناس يفهومونها على غير وجهها، وهذا وجهها أن الإسلام المذكور فيها معناه الإسلام اللغوي وهو الانقياد ليس الدخول في دين الإسلام، لأن الإسلام أي العمل الظاهر الشهادتان والصلاة ونحو ذلك لا يكون معتبرًا عند الله تعالى إلاّ مع التصديق إلاّ مع الإيمان القلبي، والإيمان القلبي وحده لا يكفي بل لا بد أن يجتمعا، أن يجتمع الأمران: النطق بالشهادة باللسان والإيمان القلبي، لا بد من اجتماع هذين الأمرين عندئذ يكون مسلمًا لأنه نطق، ويكون مؤمنا لأنه صدّق بقلبه». انتهى كلام الحافظ العبدري

فتأمل فيه رحمك الله وانظر بعين البصيرة. فإنّ في ما ذكر إيضاح كامل بيِّن في الآية التي في سورة الحجرات.

فائدة مهمة: الإيمان في اللغة التصديق، أمّا في الشرع فهو تصديق مخصوص، أي التصديق بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.

والإسلام في اللغة الانقياد، وفي الشرع انقياد مخصوص، وهو الانقياد بما جاء به النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم وتصديق ذلك بالشهادتين.

وقد قال الإمام القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب بن محمّد ابن جعفر بن القاسم الباقلاني في كتابه «تمهيد الأوائل وتلخيص الدّلائل» في باب القول في معنى الإسلام ما نصه[(610)]: «فإن قال قائل: فما الإسلام عندكم؟ قيل له: الإسلام هو الانقياد والاستسلام، وكلّ طاعة انقاد العبد بها لربّه تعالى واستسلم فيها لأمره فهي إسلام، والإيمان خصلة من خصال الإسلام، وكل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا.

فإن قال: لم قلتم ذلك وان معنى الإسلام هو ما وصفتم؟

قيل له: لأجل قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} . فنفى عنهم الإيمان وأثبت لهم الإسلام، وإنما أراد بما أثبته الانقياد والاستسلام ومنه قوله تعالى: {…لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ} وكل من استسلم لشىء فقد أسلم، وإن كان أكثر ما يستعمل ذلك في المستسلم لله عز وجل ولنبيّه عليه الصلاة والسلام». اهـ

وقد جاء في شرح الإمام النووي رضي الله عنه على صحيح مسلم رحمه: «كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا» .

فالجواب على هذا الكلام أن يقال كما قال الإمام الهمام عبد الله الأثري: «هذا بحسب ما يكون عند الناس هكذا ليس باعتبار الحقيقة، باعتبار الحقيقة المسلم مؤمن والمؤمن مسلم لكن باعتبار الناس قد يكون الرجل يُظهر الإيمان ويتشهّد ويُصلي وقلبه كافر هذا بحسب الظاهر مسلم، أما من حيث الحقيقة فليس مؤمنا».اهـ

خاتمة: فعلى العاقل أن يفكّر ماذا يقول وهل هو موافق لشرع الله، ولا ينبغي له أن يتكلم بحسب هوى النفس الأمّارة بالسوء ناسيا أو متناسيا أن كل ما يتلفظ به يكتبه الملكان رقيب وعتيد إن كان خيرًا أو شرًا، ولا يتسرّع في إطلاق الفتوى بحسب الهوى والغرض فإن ما يمليه عليه الشيطان، وما يوحي به إليه مما فيه معارضة الدين وتكذيب للنبي وتعطيل لآيات القرءان الكريم يؤدّي بالشخص إلى جهنم وبئس المصير، وساءت مرتفقا، وهذا الذي فرّق بين الإيمان والإسلام من حيث الشرع قد ضلّ وهوى، وإنما يتبع الهوى وإن بقي على هذا الحال فلا شك أنه سيتردى وأين؟ في لظى نزاعة للشوى، نعوذ بالله منه ومن ضلاله، ومن الغوى.

نسأل الله أن ينفعنا بما قدّمنا وأن ينفع به المسترشد المستنصر طالب الحق والصواب والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله وسلم على النبي ومن تلا وسلام على عباده الذين اصطفى أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.

ـ[607]       النهر الماد من البحر المحيط (ص/982).

ـ[608]       صحيفة (173 – 174).

ـ[609]       تفسير الخازن (ص/173).

ـ[610]       تمهيد الأوائل وتلخيص الدّلائل (ص/390).