قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ… ) [سورة المائدة]
معنى قوله تعالى حكاية عن أصحاب عيسى عليه السلام {…هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} ، أي هل يستجيب ربك لك إن طلبت منه هذا الطلب، بدليل هذه القراءة الواردة لهذه الآية وهي {…هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} قال الفراء معناه: هل تقدر أن تسأل ربك، فلا يجوز أن يُتوهم أن الحواريين شكّوا في قدرة الله تعالى على إنزال هذه المائدة من السماء، فالله تعالى قادر على كل شىء لا يعجزه شيء، وإنما كما يقول الإنسان لصاحبه: هل تستطيع أن تقوم معي وهو يعلم أنه مستطيع.
قال القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرءان»[(173)]: «وقيل إن القوم أي الحواريين، لم يَشُكُّوا في استطاعة البارئ سبحانه لأنهم كانوا مؤمنين عارفين عالمين، وإنما هو كقولك للرجل: هل يستطيع فلان أن يأتيَ وقد علمتَ أنه يستطيع، فالمعنى: هل يفعل ذلك؟ وهل يجيبني إلى ذلك أم لا؟» اهـ.
نقل الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه «فتح الباري شرح صحيح البخاري»[(174)]، عن الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي أنه قال: «جحد صفة القدرة كفر اتفاقًا» اهـ. ويدخل في هذا أيضًا من شك في قدرة الله تعالى على كل شئ.
وقد مر معنا مزيد تفصيل عن مسألة القدرة في شرح الآية {…وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ، فمن شاء فليراجعه هناك.
ـ[173] الجامع لأحكام القرءان (المجلد السادس ص364).
ـ[174] فتح الباري شرح صحيح البخاري (طبعة دار الريان سنة 1407ر الطبعة الأولى الجزء السادس ص604).