الإثنين ديسمبر 23, 2024

قاضي قضاة المالكية بمصر علي بن مخلوف يكفر ابن تيمية

جاء في كتاب كنز الدرر وجامع الغرر لأبي بكر بن عبد الله بن أبيك الدوإداري في معرض كلامه عن حوادث عام 705هـ أن قاضي قضاة المالكية بمصر علي بن مخلوف (1) الذي توفي سنة 718 هجري قال (ابن تيمية يقول بالتجسيم وعندنا من اعتقد هذا كفر ووجب قتله) انتهى

وليعلم أن أحمد بن تيمية هذا الذي هو حفيد الفقيه المجد بن تيمية الحنبلي المشهور، ولد بحران ببيت علم من الحنابلة، وقد أتى به والده الشيخ عبد الحليم مع ذويه من هناك إلى الشام خوفا من المغول، وكان أبوه رجلأ هادئا أكرمه علماء الشام ورجال الحكومة حتى ولوه عدة وظائف علمية مساعدة له، وبعد أن مات والده ولوا ابن تيمية هذا وظائف والده بل حضروا درسه تشجيعا له على المضي في وظائف والده وأثنوا عليه خيرا كما هو شأنهم مع كل ناشىء حقيق بالرعاية وعطفهم هذا كان ناشئا من مهاجرة ذويه من وجه المغول يصحبهم أحد بني العباس وهو الذي تولى الخلافة بمصر فيما بعد، ومن وفاة والده بدون مال ولا تراث بحيث لو عين الآخرون في وظائفه للقيئ عياله البؤس والشقاء.

وكان في جملة المثنين عليه التاج الفزاري المعروف بالفركاح وابنه البرهان والجلال القزويني والكمال الزملكاني ومحمد بن الحريري الأنصاري والعلاء القونوي وغيرهم، لكن ثناء هؤلاء غر ابن تيمية ولم ينتبه إلى الباعث على ثنائهم، فبدأ يذيع بدعا بين حين وءاخر، وأهل العلم يتسامحون معه فني الأوائل باعتبار أن تلك الكلمات ربما تكون فلتات لا ينطوي هو عليها، لكن خاب ظنهم وعلموا أنه فاتن بالمعنى الصحيح، فتخلوا عنه واحدا إثر واحد على توالي فتنه.

ثم إن ابن تيمية وإن كان ذاع صيته وكثرت مؤئفاته وأتباعه، هو كما قال فيه المحدث الحافظ الفقيه ولي الدين العراقي ابن شيخ الحفاظ زين الدين العراقي في كتابه الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية (علمه أكبر من عقله) وقال أيضا (إنه خرق الإجماع في مسائل كثيرة قيل تبلغ ستين مسألة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع خالف فيها بعد انعقاد الإجماع عليها) وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم، فأسرع علماء عصره في الرد عليه وتبديعه، منهم الإمام الحافظ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي قال في الدرة المضية (2) ما نصه (أما بعد، فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مظهرا أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدس، وأن الافتقار إلى الجزء (أي افتقار الله إلى الجزء) ليس بمحال (3)، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأن القرءان محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديما، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا ؤقفت به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة لما آحدث في الفروع) انتهى

(1) علي بن مخلوف ابن ناهض بن مسلم النويري قاضي القضاة زين الدين أبو الحسن المالكي، حكم بالديار المصرية نيفاً وثلاثين سنة، سمع المرسي وروى عنه وسمع الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وغيرهما.
(2) انظر مقدمة الدرة المضية للامام السبكي
(3) معنى هذا الكلام ان الله مركب من اجزاء ويحتاج الى تلك الاجزاء والعياذ بالله.

والله تعالى أعلم وأحكم.