السبت سبتمبر 7, 2024

الْفَصْلُ الأَوَّلُ

فِي التَّجْوِيدِ وَالتَّرْتِيلِ

   التَّجْوِيدُ لُغَةً مَصْدَرٌ مِنْ جَوَّدَ تَجْوِيدًا أَيْ أَتَى بِالْقِرَاءَةِ مُجَوَّدَةَ الأَلْفَاظِ وَمَعْنَاهُ الإِتْيَانُ بِالْجَيِّدِ وَاصْطِلاحًا إِعْطَاءُ كُلِّ حَرْفٍ حَقَّهُ وَمُسْتَحَقَّهُ وَتَرْتِيبُ مَرَاتِبِهِ وَرَدُّ الْحَرْفِ إِلَى مَخْرَجِهِ وَأَصْلِهِ وَتَلْطِيفُ النُّطْقِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا تَعَسُّفٍ وَلا إِفْرَاطٍ وَلا تَكَلُّفٍ. قَالَ الدَّانِيُّ »لَيْسَ بَيْنَ التَّجْوِيدِ وَتَرْكِهِ إِلَّا رِيَاضَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ بِفَكِّهِ« اهـ أَيْ بِفَمِهِ.

   وَطَرِيقُهُ الأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ الْعَارِفِينَ بِطَرِيقِ أَدَاءِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقَارِئُ مِنْ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَصِفَتِهَا وَالْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ وَالرَّسْمِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيُّ.

   أَمَّا التَّرْتِيلُ لُغَةً فَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ رَتَّلَ فُلانٌ كَلامَهُ إِذَا أَتْبَعَ بَعْضَهُ بَعْضًا عَلَى مُكْثٍ وَاصْطِلاحًا تَرْتِيبُ الْحُرُوفِ عَلَى حَقِّهَا فِي تِلاوَتِهَا بِتَلَبُّثٍ فِيهَا.

   وَأَمَّا حُكْمُهُ فَتَعَلُّمُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

   وَأَمَّا فَضْلُهُ فَهُوَ أَنَّهُ يُعَلِّمُ التِّلاوَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُنْزِلَ.

   وَأَمَّا اسْتِمْدَادُهُ فَمِنَ الْقِرَاءَةِ الْمُتَّبَعَةِ الْمُتَلَقَّاةِ بِالتَّوَاتُرِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ.

   وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ قُرَّاءِ زَمَانِنَا ابْتَدَعُوا فِي الْقِرَاءَةِ شَيْئًا يُسَمَّى بِالتَّطْرِيبِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَنَّمَ بِالْقِرَاءَةِ فَيَمُدَّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَدِّ وَيَزِيدَ فِي الْمَدِّ مَا لَمْ تُجِزْهُ الْعَرَبِيَّةُ.