فَصْلٌ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الآيَاتِ لِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ظَهَرَتْ لِمَوْلِدِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ءَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى هَانِئٍ الْمَخْزُومِىِّ قَالَ «لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى [وَارْتَجَسَ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى اهْتَزَّ] وَسَقَطَ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً وَخَمَدَتْ نَارُ الْفُرْسِ وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَة… » [غَاضَ الْمَاءُ نَضَبَ أَىْ ذَهَبَ فِى الأَرْضِ].
وَفِى سُقُوطِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ إِلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا وَكَانَ ءَاخِرُهُمْ فِى خِلافَةِ عُثْمَانَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَأَمَّا نَارُ فَارِسٍ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالَّتِى كَانَتْ تُوقَدُ وَتُضْرَمُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَانْطَفَأَتْ.
وَأَمَّا بُحَيْرَةُ سَاوَةَ الَّتِى كَانَتْ تَسِيرُ فِيهَا السُّفُنُ فَقَدْ جَفَّ مَاؤُهَا.
وَمِنَ الآيَاتِ الَّتِى ظَهَرَتْ لِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ رُمِيَتْ وَقُذِفَتْ بِالشُّهُبِ مِنَ السَّمَاءِ وَحُجِبَ عَنْهَا خَبَرُ السَّمَاءِ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ وَالْمَحْفُوظَ أَنَّ قَذْفَ الشَّيَاطِينِ بِالشُّهُبِ عِنْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْهَا أَنَّ إِبْلِيسَ حُجِبَ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَصَاحَ وَرَنَّ رَنَّةً عَظِيمَةً كَمَا رَنَّ حِينَ لُعِنَ وَحِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَحِينَ وُلِدَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِينَ نَزَلَتِ الْفَاتِحَةُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِىُّ فِى الْمَوْرِدِ الْهَنِىِّ عَنْ بَقِىِّ بنِ مَخْلَدٍ.
وَمِنْهَا مَا سُمِعَ مِنْ أَجْوَافِ الأَصْنَامِ وَمِنْ أَصْوَاتِ الْهَوَاتِفِ بِالْبِشَارَةِ بِظُهُورِ الْحَقِّ فِى وَقْتِ الزَّوَالِ.