الأربعاء ديسمبر 4, 2024

  فَصْلٌ فِى نَوَاقِضِ الْوُضُوء الْمُسَمَّاةِ أَيْضًا بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ. وَالْحَدَثُ أَمْرٌ اعْتِبَارِىٌّ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلاةِ حَيْثُ لا مُرَخِّصَ. (وَالَّذِى يَنْقُضُ) أَىْ يُبْطِلُ (الْوُضُوءَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) وَفِى نُسْخَةٍ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا (مَا خَرَجَ مِنْ) أَحَدِ (السَّبِيلَيْنِ) أَىِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِنْ مُتَوَضِئٍ حَىٍّ وَاضِحٍ مُعْتَادًا كَانَ الْخَارِجُ كَبَوْلٍ وَغَائِطٍ أَوْ نَادِرًا كَدَمٍ وَحَصًى نَجِسًا كَهَذِهِ الأَمْثِلَةِ أما نـجاسة البول والدم والغائط فمعروفةٌ وأمَّا الـحصاةُ الـمنعقدة في الكُلية أو الـمثانة ففي التـحفة أنها نـجسةٌ لانعقادها من البول وقال في الـنهاية وَأَمَّا الـحَصَاةُ التي تَـخْرُجُ معَ البَولِ أَو بَعْدَهُ أحيانًا وَتُسَـمِّيهَا العامَّةُ الـحَصِيَّةَ فَأَفْتَـى فيها الوَالِدُ رحمهُ اللهُ تعالى بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَـرَ طبيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّـها مُنْعَقِدَةٌ مِن البَولِ فَنَـجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ اهـ أَوْ طَاهِرًا كَدُودٍ وَعُمُومُ كَلامِ الْمَاتِنِ يَقْتَضِى أَنَّ الْمَنِىَّ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ عُمُومُ نَصِّ الإِمَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الشَّيْخَانِ إِلَى أَنَّ الْمَنِىَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ لا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَىْ فَلا يَكُونُ خُرُوجُهُ نَاقِضًا وَإِنِ انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِسَبَبٍ جَامَعَهُ. وَكَوْنُ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ نَاقِضًا هُوَ فِى الْمُتَّضِحِ ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَإِنَّمَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالْخَارِجِ مِنْ قُبُلَيْهِ جَمِيعًا.

     (وَ)الثَّانِى (النَّوْمُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْمُتَمَكِّنِ) بِمَقْعَدِهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَلا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ الأَرْضَ بَلْ مِثْلُهَا الدَّابَّةُ وَنَحْوُهَا. وَخَرَجَ بِالْمُتَمَكِّنِ مَا لَوْ نَامَ قَاعِدًا غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ أَوْ نَامَ قَائِمًا أَوْ عَلَى قَفَاهُ إِذْ لا تَمْكِينَ لَهُ عِنْدَئِذٍ وَلَوْ أَلْصَقَ مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ.

     (وَ)الثَّالِثُ (زَوَالُ الْعَقْلِ) أَىِ الْغَلَبَةُ وَالتَّغْطِيَةُ عَلَيْهِ (بِسُكْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

     (وَ)الرَّابِعُ (لَمْسُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ الأَجْنَبِيَّةَ) أَىْ لَمْسُهُ بَشَرَةَ غَيْرِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ مَيْتَةً غَيْرَ الْمَحْرَمِ وَلَوْ مَيْتَةً (مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) فَلا نَقْضَ مَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ وَلَوْ رَقِيقًا. وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى بَلَغَا حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا. وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَجْلِ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ.

     (وَ)الْخَامِسُ وَهُوَ ءَاخِرُ النَّوَاقِضِ (مَسُّ فَرْجِ الآدَمِىِّ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حَيًّا أَوْ مَيْتًا (بِبَاطِنِ الْكَفِّ) أَىِ الرَّاحَةِ مَعَ بُطُونِ الأَصَابِعِ. وَلَفْظُ الآدَمِىِّ سَاقِطٌ فِى بَعْضِ نَسْخِ الْمَتْنِ وَلا بُدَّ مِنْهُ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَمَسُّ حَلْقَةِ دُبُرِهِ) أَىِ الآدَمِىِّ فَإِنَّهُ سَاقِطٌ فِى بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ نَاقِضٌ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْجَدِيدِ) وَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ فَلا يَنْقُضُ مَسُّ الْحَلْقَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ. وَخَرَجَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ ظَاهِرُهُ وَحَرْفُهُ وَرُؤُوسُ الأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا فَلا نَقْضَ بِذَلِكَ. وَيَتَمَيَّزُ غَيْرُ النَّاقِضِ مِنَ الْكَفِّ عَنِ النَّاقِضِ بِوَضْعِ إِحْدَى الْكَفَّيْنِ عَلَى الأُخْرَى مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ وَتَفْرِيقٍ لِلأَصَابِعِ فَمَا اسْتَتَرَ بَاطِنٌ نَاقِضٌ وَمَا لا فَلا وَيُلْحَقُ بِالْبَاطِنِ بَاطِنُ الإِبْهَامِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَتِرٍ حِينَئِذٍ.