فَصْلٌ فِى شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّلاةِ.
(وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الصَّلاةِ ثَلاثَةُ أَشْيَاءَ) أَحَدُهَا (الإِسْلامُ) فَلا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ الأَصْلِىِّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ فِى الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا فِى الآخِرَةِ عِقَابًا زَائِدَةً عَلَى عِقَابِ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إِذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا فِى الإِسْلامِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إِنْ عَادَ إِلَى الإِسْلامِ (وَ)الثَّانِى (الْبُلُوغُ) فَلا تَجِبُ عَلَى صَبِىٍّ وَصَبِيَّةٍ لَكِنْ يُؤْمَرَانِ بِهَا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ إِنْ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بِهَا وَإِلَّا فَبَعْدَ التَّمْيِيزِ وَيُضْرَبَانِ عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ كَمَالِ عَشْرِ سِنِينَ (وَ)الثَّالِثُ (الْعَقْلُ) فَلا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ (وَهُوَ) أَىْ مَجْمُوعُ الثَّلاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (حَدُّ التَّكْلِيفِ) أَىْ ضَابِطُهُ وَمَدَارُهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِى بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ وَالْمُرَادُ التَّكْلِيفُ بِالصَّلاةِ الَّذِى يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِى الدُّنْيَا بِالْمُطَالَبَةِ بِهَا لا التَّكْلِيفُ الَّذِى يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِى الآخِرَةِ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِهَا فَإِنَّ الْكَافِرَ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَالصَّلَوَاتُ الْمَسْنُونَاتُ) أَىْ جَمَاعَةً (خَمْسٌ الْعِيدَانِ) أَىْ صَلاةُ عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الأَضْحَى (وَالْكُسُوفَانِ) أَىْ صَلاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ (وَالِاسْتِسْقَاءُ) أَىْ صَلاتُهُ. وَتُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِى التَّرَاوِيحِ فِى رَمَضَانَ وَكَذَا تُسَنُّ فِى الْوِتْرِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ التَّرَاوِيحَ.
(وَالسُّنَنُ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ) وَيُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ وَهِىَ (سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) إِحْدَى عَشْرَةَ مُؤَكَّدَةٌ وَسِتَّةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَهُنَّ (رَكْعَتَا الْفَجْرِ) قَبْلَ فَرْضِهِ (وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهُ) وَيُسَنُّ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ كَذَلِكَ بَعْدَهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمَرْفُوعِ عِنْدَ أَبِى دَاوُدَ وَالنَّسَائِىِّ وَالتِّرْمِذِىِّ وَغَيْرِهِمْ مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ اهـ وَعَلَيْهِ فَالرَّوَاتِبُ تِسْعَ عَشْرَةَ (وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَثَلاثٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) فَيَنْوِى بِالثِّنْتَيْنِ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ وَبِالْوَاحِدَةِ الْوِتْرَ وَالْوَاحِدَةُ هِىَ أَقَلُّ الْوِتْرِ وَلا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَكَانَ يُقَوِّيهِ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ عَبْدُ اللَّهِ الْهَرَرِىُّ لِأُمُورٍ مِنْهَا حَدِيثُ الشَّافِعِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا هِىَ أَىْ صَلاةُ الْوِتْرِ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْوِتْرُ مَا شَاءَ اهـ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَكْثَرَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَفِى وَجْهٍ ثَلاثَ عَشْرَةَ. وَوَقْتُهُ بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَوْ أَوْتَرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. وَالرَّاتِبُ الْمُؤَكَّدُ مِمَّا تَقَدَّمَ زِيَادَةً عَلَى الْوِتْرِ عَشْرُ رَكَعَاتٍ ثِنْتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ جَمَعَهَا صَاحِبُ الزُّبَدِ بِقَوْلِهِ مِنَ الرَّجَزِ
ثِنْتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ كَذَا وَبَعْدَهُ وَمَغْرِبٍ ثُمَّ الْعِشَا
(وَثَلاثُ نَوَافِلَ مُؤَكَّدَاتٌ) غَيْرُ تَابِعَةٍ لِلْفَرَائِضِ أَىْ أَكَّدَ الشَّرْعُ فِعْلَهَا أَحَدُهَا (صَلاةُ اللَّيْلِ) بَعْدَ النَّوْمِ وَهِىَ الْمُسَمَّاةُ بِالتَّهَجُّدِ. وَالنَّفْلُ الْمُطْلَقُ فِى اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِى النَّهَارِ وَالأَفْضَلُ لِمَنْ قَسَمَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا النَّفْلُ وَسَطَ اللَّيْلِ ثُمَّ ءَاخِرَهُ (وَ)الثَّانِيَةُ (صَلاةُ الضُّحَى) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً وَالأَفْضَلُ ثَمَانِيَةٌ وَوَقْتُهَا مِنِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ إِلَى زَوَالِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِىُّ فِى التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِى شَرْحِ مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَتْرُكُ فِعْلَهَا بَعْضَ الأَوْقَاتِ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ اهـ (وَ)الثَّالِثُ (صَلاةُ التَّرَاوِيحِ) وَهِىَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْوِى الْمُصَلِّى بِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا سُنَّةَ التَّرَاوِيحِ أَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ وَالأَصْلُ أَنَّ السُّنَّةَ هِىَ قِيَامُ رَمَضَانَ بِلا تَقْيِيدٍ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَأَكْثَرُ مَا صَلَّاهَا عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِيمَا رَأَتْهُ عَائِشَةُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ. وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِنِيَّةِ التَّرَاوِيحِ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ خِلافُ الْوَارِدِ مَعَ أَنَّ الأَصْلَ فِى كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ. وَوَقْتُهَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ.