الخميس ديسمبر 12, 2024

(فصلٌ) فِى زكاة الفطر أو الفِطرَةِ وهى الـخِلقة.

  (وتـجبُ زكاة الفطر بثلاثة أشياءَ الإسلام) فلا فطرة على كافرٍ أصلىٍّ إلا فِى رقيقِه وقريبِه الذى يجب مؤنتُهُ الـمسلمَيْـنِ (و) بإدراك وقت وجوبـها وهو بصفتِها وذلك (بغروبِ الشمس مِن ءَاخِر يوم مِن شـهر ومضانَ) وهو مسلمٌ حىٌّ غنِىٌّ حيـنئذٍ فتُخْـرَجُ زكاةُ الفِطر عَمَّن مات بعد الغروبِ دون مَن وُلِدَ بعده (ووجودِ الفضلِ) وهو يَسَارُ الشخصِ وقتَ الوجوبِ بـما يَفْضُلُ (عن) دَيْنِهِ ولو مؤجَّلًا وعن مسكَنِهِ قوله (وعن مسكنه إلـخ) أي فلا يـمنعُ وجودُ الـمسكنِ والـخادمِ الـمحتاجِ إليهما عدمَ الوجوبِ وإن اعتادَ السُّكنـى بالأجرةِ إلا أن يكونا نفيسَيْـنِ يُـمكنُ إبدالُـهُما بلائقَيـنِ بحيثُ يزيدُ التفاوتُ عما ذكروه فوقَ ذلك من دين وملبس ومسكن فيلزمُهُ الأداءُ عند ذلك. والـمرادُ بـحاجتِهِ للـخادمِ أن يـحتاجَهُ لـخدمته وخدمة مَن تلزمُهُ خِدمتُهُ لا لِعملِهِ فِى أرضِهِ وماشيتِهِ كما فِى الـمجموع. وهذا إذا كان الـمسكنُ والـخادمُ موجودَينِ فإن كان معه مالٌ يـحتاجُ لِصرفِهِ إليهما فكالعدمِ أيضًا إن لـم يَعْتَدِ السُّكنَـى بالأجرةِ على ما فِى الإيعابِ لكن فِى التُّحفةِ والنهايةِ بعد قولِ الـمنهاجِ ولا يـمنعُ الفقرَ مسكنُهُ وثيابُهُ ما نصُّهُ وثـَمنُ ما ذُكِرَ ما دام معه يـمنعُ إعطاءَهُ بالفقرِ حتَّـى يصرفَهُ فيهِ اهـ قال الشِّربينِـىُّ فِى حاشيةِ الغرر البـهيةِ فهل هذا إن اعتادَ السُّكنَـى بالأجرةِ أو مطلقًا فيُخالِفُ ما مـرَّ ويُفَرَّقُ فليُحَرَّر اهـ وبـحثَ السبكـىُّ أنه لـو اعتادَ السُّكنـى بالأجرةِ أو فِى الـمدرسةِ فالظاهرُ خروجُهُ عنِ اسمِ الفقرِ بثـمنِ الـمَسْكَنِ اهـ. وعبدِهِ الـمحتاجِ إليهِ الـمَمْلُوكَيـنِ أو الـموقوفَيـنِ عليه اللائقَيـنِ به اللَّذَيـنِ يَكفيانِهِ للـعمرِ الغالبِ وهو هنا سِتُّونَ سنةً وكِسوتِهِ أى دَسْتِ ثوبٍ قوله (دَسْت ثوبٍ) هو ما يـحتاجُهُ منَ الثيابِ فِى العادةِ على ما يليقُ به ولو تعددَت كقميصٍ وسراويلَ وعِمامةٍ ومُكَعَّبٍ أى مداسٍ. وما زاد عليه مِـمَّا يـحتاجُهُ ولو للبـردِ كجُبَّةٍ مـحشُوَّةٍ أو للتجـمُّلِ فِى بعضِ أيامِ السنةِ أي ولو حليًّا لامرأةٍ.كطيلسانٍ وكتبِهِ التى يـحتاجُها و(قوتِه وقوتِ عياله فِى ذلك اليوم) أى يومِ عيد الفطر وكذا ليلتُهُ الـمتأخرةُ عنه.

  (ويُزَكِّى) الشخصُ (عن نفسِهِ وَعـمن تلزمُهُ نفقتُهُ مِنَ الـمسلميـن) فلا يلزم الـمسلمَ فِطْرَةُ عبدٍ وقريبٍ وزوجةٍ كفَّارٍ وإن وجبت نفقتُهم.

  وإذا وجبَتِ الفطرةُ على الشخص فيُخرج فِى يومِ العيدِ والأفضلُ قبل صلاتِهِ (صاعًا من) غالب (قوت البلد) ولو كان الشخص في باديةٍ لا قوتَ فيها أخرج مِن قوتِ أقرب البلاد إليه. ومن لـم يُوسِرْ بصاعٍ بـل ببعضِهِ لـزمه ذلك البعضُ (وقَدْرُهُ) أى الصاع أربعةُ أمدادٍ والـمُدُّ مكيالٌ يساوِي سعةَ جفنةٍ بِكَفَّي رجلٍ معتدِلِـهما وبالوزنِ ما يسعُ رطلًا وثلثًا بغداديًا استشكلَ في الروضةِ ضبطَهُ بالأرطالِ بأنه يحتلفُ قدرُهُ وزنًا باختلافِ الـحبوبِ ثـم صَوَّبَ قولَ الدَّارِمِيِّ الاعتمادَ على الكيلِ بالصاعِ النَّبَوِيِّ دون الوزنِ قال فإن فُقِدَ أخرجَ قدرًا يتيقَّنُ أنه لا ينقُصُ عنه وعلى هذا فالتقديرُ بالوزنِ تقريبٌ. قال في حاشيةِ الكرديِّ على بافضل يعني أنَّ العِبـرةَ بالكيلِ فـيما يُكالُ وإن زاد أو نقصَ في الوزنِ ومِـمَّا يستوِي وزنُهُ وكَيْلُهُ العدَسُ والـماشُ وقد عايرَ الـمنصورُ الصاعَ النَّبَوِيَّ بالعدس فوجده خـمسةَ أرطالٍ وثُلُثًا قال ابنُ عبدِ السلامِ وتفاوتُهُ لا يُـحتَفَلُ بِـمثلِهِ فكلُّ صاعٍ وسِعَ مِنَ العدَسِ ذلك اعتُبِـرَ الإخراجُ بهِ ولا مبالاةَ بتفاوتِ الحبوبِ وزنًا اهـ والـمقصودُ باستواءِ وزنِ وكَيْلِ العدسِ والـماسِ كما نُقِلَ عنِ البندنيجـيِّ وغيـرِهِ أنَّ الصاعَ مِنَ الـماشِ والعدسِ لا يتفاوتُ وزنُهُ كُلَّما كِيلَ بـخلافِ حبوبٍ أُخرَى كالقمحِ والشعيـر فإنَّك إذا وزنْتَ صاعًا من قَمحٍ ثـم وزنتَ صاعًا ءاخَرَ منه وجدتَ تفاوتًا بـينهما فضلًا عنِ التفاوتِ الواقعِ في الوزنِ بين صاعِ القمحِ وصاع الذُّرَةِ وصاعِ الـحِمَّصِ وغيـرِ ذلك منَ الـحبوبِ ولذا قالوا إنَّ العبـرةَ بالكيلِ لا بالوزنِ. منَ العدَسِ فالصاعُ (خـمسةُ أرطالٍ وثلثٌ بالعراقِيِّ) وسبق بيانُ الرّطل العراقِيِّ في نصاب الزروع.