فَصْلٌ فِى ذِكْرِ مَا شَرَّفَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الآيَاتِ
شَرَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ الْمُصْطَفَى بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَكَارِمِ أَخْلاقِهِ وَشَرَفِ حَالِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [سُورَةَ الْقَلَم/4].
وَمِنْهَا مَا أَبَانَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ عُلُوَّ شَرَفِ نَسَبِهِ وَعَظِيمَ قَدْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [سُورَةَ التَّوْبَة/128].
وَمِنْهَا مَا كَشَفَ عَنْ ثَنَائِهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِى كُتُبِهِ الْمُنَّزَلَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [سُورَةَ الْفَتْح/29]. [فَسَّرَ بَعْضُهُمْ سِيمَاهُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ الْحَدِيثَ، أَىْ أَنَّ الأَوْلِيَاءَ لَهُمْ عَلامَاتٌ إِذَا رَأَيْتَهُمْ ذَكَرْتَ اللَّهَ تَعَالَى].
وَمِنْهَا مَا أَوْضَحَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّبِيِّينَ وَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا ءَاتَيْتُكُم مِّنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِى قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/81].
وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ احْتِرَامِهِ وَتَوْقِيرِهِ وَإِجْلالِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [سُورَةَ الْحُجُرَات] وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [سُورَةَ الأَنْفَال/24] وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [سُورَةَ النُّور/63].
وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى دَوَامِ تَعْظِيمِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ أَزْوَاجَهُ الْكَرِيمَاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى ﴿النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [سُورَةَ الأَحْزَاب/6] وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾ [سُورَةَ الأَحْزَاب/53].
وَمِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى أَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [سُورَةَ الْحِجْر/72].