فَصْلٌ فِى الْوُضُوءِ
لِيُعْلَمْ أَنَّ لِلْوُضُوءِ أَرْكَانًا وَسُنَنًا سَنَذْكُرُهَا ثُمَّ نَذْكُرُ كَيْفِيَّةَ الْوُضُوءِ جَامِعِينَ بَيْنَ الأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَمَّا أَرْكَانُ الْوُضُوءِ فَسِتَّةٌ
وَأَمَّا سُنَنُهُ فَهِىَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا
التَّسْمِيَةُ وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الإِنَاءَ وَالِاسْتِيَاكُ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَمَسْحُ الأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَالطَّهَارَةُ ثَلاثًا ثَلاثًا وَالدَّلْكُ وَالْمُوَالاةُ وَتَقْلِيلُ الْمَاءِ فَقَدْ كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ مِنَ الْمَاءِ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ الْمُعْتَدِلَتَيْنِ. فَمَنْ تَوَضَّأَ مُقْتَصِرًا عَلَى الأَرْكَانِ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَنِ صَحَّ وُضُوؤُهُ لَكِنْ يَكُونُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ خَيْرًا.
وَيُسْتَحَبُّ اسْتِدَامَهُ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّلِ الْوُضُوءِ إِلَى ءَاخِرِهِ وَالأَحْسَنُ فِى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِثَلاثِ غَرَفَاتٍ وَيُبَالِغَ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا، وَفِى مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ يَضَعَ إِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ وَيُلْصِقَ سَبَّابَتَيْهِ بِبَعْضِهِمَا عِنْدَ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثًا، وَفِى مَسْحِ الأُذُنَيْنِ أَنْ يَمْسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ ثَلاثًا فَيَضَعُ سَبَّابَتَيْهِ فِى صِمَاخَيْهِ ثُمَّ يُدِيرُهُمَا عَلَى الْمَعَاطِفِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَيُلْصِقُ يَدَيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِهِمَا وَيَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْوُضُوءِ «أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
وَمَعْنَى الْغُرَّةِ أَنْ يَزِيدَ فِى غَسْلِ الْوَجْهِ عَلَى الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، وَمَعْنَى التَّحْجِيلِ أَنْ يَزِيدَ فِى غَسْلِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَفِى الرِّجْلَيْنِ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ، وَمَعْنَى الْمُوَالاةِ أَنْ يَغْسِلَ الْعُضْوَ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ الْعُضْوُ الَّذِى قَبْلَهُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، أَىْ مِنَ الصَّغَائِرِ.