فَصْلٌ فِى الْحَيْضِ
يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ ثَلاثَةُ دِمَاءٍ دَمُ الْحَيْضِ وَدَمُ النِّفَاسِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ.
فَأَمَّا الْحَيْضُ فَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْوِلادَةِ وَلَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ.
وَمِنْ مَسَائِلِ الْحَيْضِ
أَنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى مَا رَأَتِ الدَّمَ تَتَجَنَّبُ مَا تَتَجَنَّبُهُ الْحَائِضُ مِنْ صَوْمٍ وَصَلاةٍ وَوَطْءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلا تَنْتَظِرُ بُلُوغَهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ إِنْ نَقَصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَضَتْ مَا كَانَتْ قَدْ تَرَكَتْهُ مِنْ صَوْمٍ وَصَلاةٍ وَلا يَلْزَمُهَا غُسْلٌ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ لا يُعْتَبَرُ حَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَقَلَّ الْحَيْضِ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ مَتَى مَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَاعَةً تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى وَتَصُومُ وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا فَإِنْ عَادَ فِى زَمَنِ الْحَيْضِ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ عِبَادَتِهَا فِى زَمَنِ الْحَيْضِ كَأَنْ رَأَتْ دَمًا لِخَمْسَةِ أَيَامٍ عَلَى الِاتِّصَالِ وَانْقَطَعَ فَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَامٍ مَثَلًا وَلَمْ يَسْتَمِرَّ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ الأَوَّلِ فَتُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ فَقَطْ وَلا إِثْمَ فِى الْوَطْءِ الَّذِى حَصَلَ أَثْنَاءَ انْقِطَاعِ الدَّمِ لِبِنَاءِ الأَمْرِ عَلَى الظَّاهِرِ.
وَمِنْهَا أَنَّ الِانْقِطَاعَ يُعْرَفُ بِأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَدْخَلَتِ الْقُطْنَةَ فَرْجَهَا لَخَرَجَتْ بَيْضَاءَ.
فَائِدَةٌ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ لِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَزَادَ عَلَى عَادَتِهَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ كُلُّهَا حَيْضًا، وَلَوِ اسْتَمَرَّ وَزَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً تَعْتَبِرُ مَا زَادَ عَلَى عَادَتِهَا اسْتِحَاضَةً [هَذَا عَلَى قَوْلٍ فِى الْمَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُرَجَّحِ فِى الْمَذْهَبِ فَالْمَرْأَةُ الَّتِى سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ فَإِنَّهَا إِنْ رَأَتِ الدَّمَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى مَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ مُخْتَلِفَ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَتْ تَرَى بَعْضَ الْوَقْتِ دَمًا قَوِيًّا وَبَعْضَ الْوَقْتِ ضَعِيفًا فَحَيْضُهَا الْقَوِىُّ وَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ لا تَنْظُرُ إِلَى عَادَتِهَا بِشَرْطِ أَنْ لا يَقِلَّ الْقَوِىُّ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَلا يَزِيدَ عَنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَأَنْ لا يَقِلَّ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَرَى فِى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ الدَّمَ أَسْوَدَ وَمَا بَعْدَهُ أَحْمَرَ فَتَمْضِى عَلَى هَذَا، وَإِنِ اخْتَلَفَ الأَمْرُ فَصَارَتْ تَرَى عَشَرَةَ أَيَّامٍ سَوَادًا ثُمَّ الْعِشْرِينَ الأَخِيرِينَ ضَعِيفًا أَحْمَرَ مَثَلًا فَتَأْخُذُ بِالتَّمْيِيزِ أَىْ تَعْتَبِرُ الْقَوِىَّ وَهُوَ الأَسْوَدُ حَيْضًا وَمَا بَعْدَهُ اسْتِحَاضَةً وَلا تَنْظُرُ إِلَى عَادَتِهَا هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الأَقْوَى فِى الْمَذْهَبِ].
وَأَمَّا النِّفَاسُ فَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَقِبَ الْوِلادَةِ.
وَيَحْرُمُ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ
الصَّلاةُ وَالصَّوْمُ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَالْمُكْثُ فِى الْمَسْجِدِ وَالْوَطْءُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ.
فَائِدَةٌ لا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَضَاءُ مَا تَتْرُكُهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَثْنَاءَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِىَ مَا فَاتَهَا مِنَ الصِّيَامِ.