فَصْلٌ فِى النَّجَاسَاتِ
الدَّمُ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ الْقَيْحُ وَمَاءُ الْجُرْحِ الْمُتَغَيِّرُ وَالْقَىْءُ وَالْخَمْرُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالْمَذْىُ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ وَالْوَدْىُ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ ثَخِينٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَىْءٍ ثَقِيلٍ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْمَيْتَةُ وَعَظْمُهَا وَشَعْرُهَا سِوَى مَيْتَةِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَالآدَمِىِّ.
وَالْمُنْفَصِلُ مِنَ الْحَىِّ حُكْمُهُ حُكْمُ مَيْتَتِهِ وَيُسْتَثْنَى شَعَرُ الْمَأْكُولِ وَصُوفُهُ وَرِيشُهُ وَرِيقُهُ وَعَرَقُهُ وَكَذَلِكَ رِيقُ وَعَرَقُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَشَعَرُ الْهِرَّةِ الْمُنْفَصِلُ عَنْهَا نَجِسٌ وَصُوفُ الضَّأْنِ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ وَهُوَ حَىٌّ طَاهِرٌ وَأَمَّا إِذَا انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَدُهُ وَهُوَ حَىٌّ فَهِىَ نَجِسَةٌ.
وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إِلَّا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا.
وَالنَّجَاسَةُ إِمَّا حُكْمِيَّةٌ وَإِمَّا عَيْنِيَّةٌ
أَمَّا النَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ فَهِىَ الَّتِى زَالَتْ عَيْنُهَا وَأَوْصَافُهَا فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِجَرْىِ الْمَاءِ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ فَإِنْ كَانَتْ بَوْلَ طِفْلٍ عُمُرُهُ أَقَلُّ مِنْ حَوْلَيْنِ لَمْ يَأْكُلْ سِوَى حَلِيبِ أُمِّةِ فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِى أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ حَتَّى يَعُمَّ الْمَحَلَّ وَيَغْمُرَهُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لِحَدِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَبَوْلُهَا كَبَوْلِ الْكَبِيرِ وَإِنْ صَغُرَتْ. وَإِنْ كَانَتْ بَوْلَ ءَادَمِىٍّ غَيْرِ الطِّفْلِ الذَّكَرِ فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِإِزَالَةِ عَيْنِهَا وَطَعْمِهَا وَلَوْنِهَا وَرِيـحِهَا بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ. وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِى إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَإِذَا عَسُرَ زَوَالُ اللَّوْنِ وَحْدَهُ أَوِ الرِّيحِ وَحْدَهُ عُفِىَ عَنْهُ.
وَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ كَبَوْلِ أَوْ رَوْثِ أَوْ رِيقِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِغَسْلِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ مَمْزُوجَةٌ بِتُرَابٍ طَهُورٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُوضَعَ فِى إِحْدَى الْغَسَلاتِ السَّبْعِ تُرَابٌ يُكَدِّرُ الْمَاءَ تَكْدِيرًا أَوْ يُوضَعَ التُّرَابُ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ إِزَالَةِ جِرْمِهَا ثُمَّ يُصَبُّ الْمَاءُ فَوْقَهُ وَذَلِكَ بَعْدَ إِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ فَمَا لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لا يُعْتَبَرُ التَّعَدُدُ فَالْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلا يَطْهُرُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ شَىْءٌ إِلَّا الْخَمْرَةُ إِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرحِ شَىْءٍ فِيهَا كَالْخُبْزِ فَلا تَطْهُرُ، وَجِلْدُ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ. وَأَمَّا شَعَرُ الْمَيْتَةِ فَلا يَطْهُرُ [قَالَ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ «اجْتَنِبْ كُلَّ شَىْءٍ يَنِشُّ» رَوَاهُ النَّسَائِىُّ وَالنَّشِيشُ هُوَ صَوْتُ غَلَيَانِ الشَّرَابِ].