الخميس أبريل 17, 2025

فَرَائِضُ الصِّيَامِ

   وَفَرَائِضُ الصَّوْمِ اثْنَانِ النِّيَّةُ وَالإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ.

   النِّيَّةُ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ فَلا يُشْتَرَطُ النُّطْقُ بِهَا بِاللِّسَانِ وَيَجِبُ تَبْيِيتُهَا أَىْ إِيقَاعُهَا لَيْلًا قَبْلَ الْفَجْرِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِالْقَلْبِ وَلَوْ قَضَاءً فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى الصَّائِمِ فَنَوَى قَبْلَ أَنْ يَتَعَاطَى مُفَطِّرًا صَوْمَ الْيَوْمِ التَّالِى عَنْ رَمَضَانَ ثُمَّ لَمْ يُعِدْ هَذِهِ النِّيَّةَ بَعْدَ الأَكْلِ كَفَتْهُ. وَيَجِبُ أَيْضًا تَعْيِينُ الصَّوْمِ فِى النِّيَّةِ كَتَعْيِينِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّهُ عَنْ نَذْرٍ أَوْ أَنَّهُ عَنْ كَفَّارَةٍ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهَا ثُمَّ إِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْوِىَ لِكُلِّ يَوْمٍ فَلا يَكْفِى أَنْ يَنْوِىَ أَوَّلَ الشَّهْرِ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ عِنْدَ الشَّافِعِىِّ.

   قَالَ الْعُلَمَاءُ كَمَالُ النِّيَّةِ فِى رَمَضَانَ »نَوَيْتُ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَة إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى» وَالِاحْتِسَابُ طَلَبُ الأَجْرِ. وَقَالَ بَعْضٌ يَكْفِى أَنْ يَنْوِىَ فِى لَيْلَةِ الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْهُ عَنْ جَمِيعِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ »نَوَيْتُ صِيَامَ ثَلاثِينَ يَوْمًا عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَة».

   وَعَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ لَيْلَةَ الصِّيَامِ أَنْ تَنْوِىَ صِيَامَ الْيَوْمِ التَّالِى مِنْ رَمَضَانَ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلا يَضُرُّ الأَكْلُ وَالنَّوْمُ وَالْجِمَاعُ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَمَنْ نَامَ لَيْلًا وَلَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ أَمَّا صَوْمُ النَّفْلِ فَلا يُشْتَرَطُ فِى نِيَّتِهِ التَّبْيِيتُ فَلَوِ اسْتَيْقَظَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا وَلَمْ يَشْرَبْ وَنَوَى صِيَامَ هَذَا الْيَوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ تَطَوُّعًا لِلَّهِ تَعَالَى صَحَّ صِيَامُهُ.

   الإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ يَجِبُ الإِمْسَاكُ عَنِ

   (1) الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَعَنْ إِدْخَالِ كُلِّ مَا لَهُ حَجْمٌ وَلَوْ صَغِيرًا إِلَى الرَّأْسِ أَوِ الْبَطْنِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ كَالْفَمِ وَالأَنْفِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ أَجْزَاءً صَغِيرَةً كَدُخَانِ السِّيجَارَةِ وَالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ.

   وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا وَلَوْ كَثِيرًا لَمْ يُفْطِرْ وَلَوْ فِى صِيَامِ النَّفْلِ فَفِى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ »مَنْ نَسِىَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.

   (2) وَالِاسْتِقَاءِ أَىْ إِخْرَاجِ الْقَىْءِ بِالإِصْبَعِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَىْءٌ إِلَى الْجَوْفِ وَأَمَّا مَنْ غَلَبَهُ الْقَىْءُ وَلَمْ يَبْلَعْ مِنْهُ شَيْئًا فَلا يُفْطِرُ وَلَكِنْ يُطَهِّرُ فَمَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَنْ ذَرَعَهُ الْقَىْءُ أَىْ غَلَبَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالأَرْبَعَةُ.

   (3) وَالْجِمَاعِ وَإِخْرَاجِ الْمَنِىِّ بِالِاسْتِمْنَاءِ أَوِ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنَّهُ مُفَطِّرٌ أَمَّا خُرُوجُهُ بِالنَّظَرِ وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا وَبِالْفِكْرِ فَهُوَ غَيْرُ مُفَطِّرٍ.

   وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الصِّيَامِ مِنَ الْفَجْرِ حَتَّى الْمَغْرِبِ وَجَبَ مَعْرِفَةُ طَرَفَىِ النَّهَارِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ الْيَوْمَ يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ الْجَهْلُ بِمَوَاقِيتِ الصَّلاةِ فَلا يُعْتَمَدُ عَلَى الإِسْطِوَانَةِ الَّتِى يُدِيرُونَهَا وَقْتَ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ.

   وَالْفَجْرُ هُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ بِالأُفُقِ الشَّرْقِىِّ وَيُوجَدُ فِى أَوَّلِهِ حُمْرَةٌ خَفِيفَةٌ مُخْتَلِطَةٌ بِبَيَاضِهِ ثُمَّ بَعْدَ حَوَالِى نِصْفِ سَاعَةٍ تَشْتَدُّ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فَهَذَا الْبَيَاضُ هُوَ الْفَجْرُ فَالنِّيَّةُ يَجِبُ إِيقَاعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ هَذَا الْبَيَاضِ.

   وَالْغُرُوبِ هُوَ مَغِيبُ قُرْصِ الشَّمْسِ كُلِّهِ.

   فَمَنْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ بَاقِى النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ اجْتَهَدَ فَأَكَلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ دَخَلَ الْفَجْرُ لَمْ يَأْثَمْ كَأَنِ اعْتَمَدَ عَلَى صِيَاحِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ وَكَذَا لَوْ أَكَلَ قُبَيْلَ مَغِيبِ قُرْصِ الشَّمْسِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ قَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلافُ ذَلِكَ فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ وَأَمَّا الَّذِى يَأْكُلُ بِدُونِ عُذْرٍ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَثِمَ قَالَ تَعَالَ ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾. وَغُرُوبُ الشَّمْسِ عَلامَةٌ عَلَى دُخُولِ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الثُّبُوتُ فِى الإِسْلامِ عَلَى الدَّوَامِ فِى رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَجَنُّبُ الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلاثَةِ

   (1) الْكُفْرِ الْقَوْلِىِّ كَالَّذِى يَسُبُّ اللَّهَ أَوِ الْقُرْءَانَ أَوِ الإِسْلامَ أَوِ الصَّلاةَ أَوِ الصِّيَامَ أَوِ الْكَعْبَةَ.

   (2) الْكُفْرِ الِاعْتِقَادِىِّ كَاعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ أَوْ ضَوْءٌ أَوْ رُوحٌ أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ فِى جِهَةٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ أَنَّهُ جَالِسٌ عَلَى الْعَرْشِ.

   (3) الْكُفْرِ الْفِعْلِىِّ كَرَمْىِ الْمُصْحَفِ فِى الْقَاذُورَاتِ أَوْ سُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ السُّجُودِ لِإِبْلِيسَ أَوْ كِتَابَةِ الْقُرْءَانِ بِالْبَوْلِ أَوْ دَمِ الْحَيْضِ.

   لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ إِيمَانِ الصَّائِمِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ صِيَامِهِ فَالْكُفْرُ مُبْطِلٌ لِلصِّيَامِ فَمَنْ وَقَعَ فِى شَىْءٍ مِنْهَا وَهُوَ صَائِمٌ فَسَدَ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْعَوْدُ فَوْرًا إِلَى الإِسْلامِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ ثُمَّ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ فَوْرًا.