الجمعة نوفمبر 22, 2024

فَائِدَةٌ

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ: إِنَّهُ (أَيِ اللَّه) أَزَلِيٌّ لَيْسَ لِوُجُودِهِ أَوَّلٌ وَلَيْسَ لِوُجُودِهِ ءَاخِرٌ. وَإِنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ يَتَحَيَّزُ بَلْ يَتَعَالَى وَيَتَقَدَّسُ عَنْ مُنَاسَبَةِ الْحَوَادِثِ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ مُؤَلَّفٍ مِنْ جَوَاهِرَ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ جِسْمٌ لَجَازَ أَنْ تُعْتَقَدَ الأُلُوهِيَّةُ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَوْ لِشَىْءٍ ءَاخَرَ مِنْ أَقْسَامِ الأَجْسَامِ فَإِذًا لا يُشْبِهُ شَيْئًا وَلا يُشْبِهُهُ شَىْءٌ بَلْ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَأَنَّى يُشْبِهُ الْمَخْلُوقُ خَالِقَهُ وَالْمُقَدَّرُ [الْخَلْقُ الْمُقَدَّرُ أَيْ لَهُ كَمِيَّةٌ هَذَا شَكْلُهُ مُرَبَّعٌ وَهَذَا شَكْلُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا حَارٌّ وَهَذَا بَارِدٌ] مُقَدِّرَهُ وَالْمُصَوَّرُ مُصَوِّرَهُ.

فَلَيْسَ هَذَا الْكَلامَ الَّذِي عَابَهُ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا عَابَ السَّلَفُ كَلامَ الْمُبْتَدِعَةِ فِي الِاعْتِقَادِ كَالْمُشَبِّهَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ وَسَائِرِ الْفِرَقِ الَّتِي شَذَّتْ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ افْتَرَقُوا إِلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ الصَّحِيحِ الثَّابِتِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِاسْنَادِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى على اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي إِلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَة وَهِيَ الْجَمَاعَةُ – أَيِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ -. وَأَمَّا عِلْمُ الْكَلامِ الَّذِي يَشْتَغِلُونَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ فَقَدْ عُمِلَ بِهِ مِنْ قِبَلِ الأَشْعَرِيِّ وَالْمَاتُرِيدِيِّ كَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ لَهُ خَمْسَ رَسَائِلَ فِي ذَلِكَ وَالإِمَامُ الشَّافِعِيُّ كَانَ يُتْقِنُهُ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: أَتْقَنَّا ذَاكَ قَبْلَ هَذَا، أَيْ أَتْقَنَّا عِلْمَ الْكَلامِ قَبْلَ الْفِقْهِ.