فوائد منثورة البشارةُ النبوية ببقاء الدين المحمدي إلى قيام الساعة مهما كثرت أعداؤه
روينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود وغيرهما [(1210)] من حديث ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ مُلكها ما زوى لي منها. وأُعطيتُ الكنزين الأحمرَ والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسَنَة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح [(1211)] بيضتَهُم. وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يُرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنةٍ عامة وأن لا أسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها أو قال مَن بين أقطارها حتى يكون بعضهم يُهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا».
ورواه مسلم [(1212)] من طريق عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مرَّ بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين فصلينا معه ودعا ربه طويلًا ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم «سألت ربي ثلاثًا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة سألت ربي أن لا يُهلك أمتي بالسَّنة فأعطانيها وسألته أن لا يُهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».
وقد ظهر صدقُ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إن أمته لم يُسلَّط عليها إلى هذا الوقت مجاعةٌ عامةٌ ولا غرقٌ عامٌّ ولا عدوٌّ يستأصلهم مع أنهم يعلنون بفساد كل الأديان سوى دينهم الإسلام وهو ينادي بوجوب وفرضية نشره بين البشر فقد تحقق حفظ الله لهذا الدّين ولا يزال قائمًا إلى قيام الساعة. فليعلم العقلاءُ حقيَّة هذا الدين وصدقَ نبيه صلى الله عليه وسلم فلولا أنه صادق مصدوق لا ينطق عن الهوى لتَخَلَّفَ قولُهُ.
ـ[1210] انظر المصدر السابق من صحيح مسلم.
ـ[1211] الأسماء والصفات: باب قول الله عزّ وجلّ لعيسى عليه السلام { … إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ … *} [سورة ءال عمران] (ص/424).
ـ[1212] رواه أبو داود في سننه: كتاب الملاحم: باب خروج الدجال، وأحمد في مسنده (2/ 272).