الأحد ديسمبر 22, 2024

 

فصل في نقول عن العلماء في المنع من الصلاة خلف المبتدع الكافر ببدعته

 

نقل الحافظ اللغوي الفقيه الحنفي محمد مرتضى الزبيدي في “شرح إحياء علوم الدين” [1] عن سفيان الثوري أن الصلاة تصح خلف المبتدع وقال المرادُ البدعةُ التي لا نكفّر صاحبَها وإلا لم تصِح إمامَتُه. قال ما نصه: “القدوة بأهل الأهواء صحيحة إلا الجهمية والقدرية والروافض الغالية والخطابية ومن يقول بخلق القرءان والمشبهة ونحوهم ممن تكفّره بدعته” انتهى كلامه. ويعني بقوله ونحوهم المرجئة فإنهم كفار وهم الذين يقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة.

 

وقال الحافظ المجتهد ابن المنذر في “الأوسط”: “قيل للثوريّ: رجل يكذب بالقدر أصلي وراءه؟ قال: لا تقدموه” اهـ.

 

أما المرجئة والقدرية فقد ورد فيهما حديث صريح يحكم بكفرهم وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام: المرجئة والقدرية”. أخرجه الحافظ المجتهد محمد بن جرير الطبري في كتابه “تهذيب الآثار” وصححه [2]. والمرجئة هم الذين يقولون بالإرجاء أي أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة.

 

وأما المجسمة فهم الذين يعتقدون أن الله جسم وهم في هذا العصر الوهابية. وقد قال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه “النوادر”: “المجسم جاهل بربه فهو كافر به” اهـ.

 

[1] إتحاف السادة المتقين [3/179].

[2] تهذيب الآثار [2/178].

 

 

 

 

والمجسمة نوعان مجسمة يعتقدون أن الله جسم كثيف ومجسمة تعتقد أن الله جسم لطيف فقد كان فيما مضى مجسّمة تعتقد أن الله نورٌ يتلألأ.

 

ولا بد من ذكر أنه لا يُعتمد ما في كتاب قواعد عز الدين بن عبد السلام من ترك تكفير الجِهَويّ الذي يعتقد أن الله مستقر في جهة فوق لأن هذا تجسيم لأن الشافعي كفر المجسم فلا معنى لقول ابن عبد السلام فيما يخالف قول إمامه وكذلك كل من ينتسب إلى مذهب الإمام الشافعي ويخالف كلامَ الشافعي في هذه المسئلة.

 

وأما ما رواه الربيع من أنّ الشافعيّ روى عن فلان وهو قدري فهو محمول على أنه لم يكن من القدرية الذين يعتقدون كفرياتهم لأن بعض القدرية لا يعتقد مقالاتهم الكفرية إنما يوافقهم في بعض الأمور فتحمل رواية الشافعي عن هذا الرجل على هذا الباب لأنه ثبت عن الربيع أنّ الشافعي كفر القدري فيحمل تكفيره على من يقول بمقالاتهم الكفرية، وروايته عن هذا الراوي الذي ذكره الربيع على أنه من الصنف الآخر أي من الذين لا يعلم فيهم الشافعي تلك المقالات الكفرية، وبهذا يتفق كلام الشافعي في التكفير وروايته عن بعضهم لأنه من المعروف بين أهل الأهواء أن بعضهم لا يعتقد جميع مقالات طائفته إنما يعتقد بعضها وبنتسب إليهم. وقد ذكر أبو حامد الشافعيّ كفر القدرية كما حكاه صاحب البيان العمراني اليمني.