الأربعاء ديسمبر 11, 2024

(فصلٌ) في حكم تارك الصلاة.

  وقد ذكره غيرُهُ في كتابِ الصلاة لكن الْمصنف رحمه الله اختار أن يذكرَهُ هنا فقال (وتاركُ الصلاةِ) الْمفروضةِ أصالةً على الأعيانِ ولو جمعةً وجبت عليه بالإجماعِ بلا عُذرٍ مِن نومٍ أو نسيانٍ (على ضربَين) أي نوعَين وخرج بالْمفروضة النافلةُ فلا شَىْءَ على تاركِها وباصالةً الْمنذورةُ ولو مؤقتةً فلو تركها لم يُقتل وبِعَلَى الأعيان فرضُ الكفاية كصلاة الجنازة فلا يُقتل بتركِهِ (أحدُهما) أي أحدُ الضَّربَينِ (أن يتركها) وهو مكلفٌ (غير معتقدٍ لوجوبها) عنادًا لا لكونه نحوَ حديثِ عهدٍ بإسلامٍ (فحكمُه حكمُ الْمرتد) وقد تقدَّمَ فيجب استتابتُه وقتلُه إن لم يتب ولا يجبُ غسلُه ولا تكفينُه وتحرم السلاةُ عليه ودفنُه في مقابر الْمسلمينَ. وإنما ذكرَ الْمصنفُ رحمهُ الله عبارة أن يتركها مراعاةً للتقسيم وإلا فلا حاجةَ لذكر الترك إذ مجرد جحود الصلاة كافٍ في كفره حتى لو صلاها وهو جاحدٌ وجوبَها أو وجوبَ ركعة منها كفرَ لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة ونقل الْماورديُّ الإجماعَ على ذلك وهو جارٍ في جحد كلِّ مجمَع عليه معلومٍ منَ الدين بالضرورة. قال الغزاليُّ ولو زعم زاعمٌ أنَّ بينه وبين الله حالةً أسقطَت عنه التكاليفَ بحيث لا تجب عليه الصلاةُ ولا الصومُ ونحوهما وأُحِلَّ له شربُ الخمر وأكلُ أموال الناس كما زعمه بعضُ مَن يدَّعِي التصوفَ فلا شكَّ في وجوب قتله على الإمامِ أو نائبِهِ اهـ (والثاني أنْ يتركَها) أو شرطًا مِن شروطها أو ركنًا مِن أركانِها الْمُجْمَعِ عليها (كَسَلًا معتقِدًا لوجوبِها) حتَّى يخرجَ وقتُها الأصلِيُّ ووقتُ الصلاةِ التي تُجْمَع معها (فيُسْتَتَابُ) وجوبًا ويكفي استتابتُهُ في الحال على كلا القولين لأنَّ تأخيرَها يفوِّت صلواتٍ أُخرَى (فإنْ تابَ وصَلَّى) وهو تفسيرٌ للثَّوبةِ تُرِكَ (وإلَّا) أي وإن لم يَتُب حتَّى خرجَ وقتُ العُذْرِ والضرورةِ للصلاةِ وامتنعَ مِن قضائِها أي غذا تركَ صلاةَ الظهرِ أو العصر حتى غربَت الشمسُ أو ترك الْمغرب أو العشاءَ حتى طلع الفجرُ أو تركَ الصُّبحَ حتى طلعَت الشمسُ ولم يقضِ الْمتروكَ (قُتِلَ حدًا) لا كفرًا لحديثِ أحمدَ وغيرِهِ خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العباد مَن أتَى بهِنَّ بتمامِهِمَّ كان له عهدٌ عند الله أن يدخلَه الجنةَ ومَن لم يأتِ بهِنَّ بتمامِهِنَّ لم يكن له عند الله عهدٌ أن يدخلَه الجنةَ إن شاء عذَّبَه وإن شاء أدخلَه الجنةَ اهـ (و)كان (حكمُهُ حكمَ الْمسلمين في الدَّفْنِ) في مقابرهم وأنه لا يُطْمَسُ قبرُهُ (و)في (الغسلِ) والتكفينِ (والصلاةِ) عليه. فإن أبدَى تاركُ الصلاة عذرًا لتركها كنسيان أو نحوه ولو عذرًا باطلًأ لم يُقتل لأنه لم يُتَحَقَّقْ منه قصدُ تأخيرِها عنِ الوقت بلا عذرٍ. وكذا لو أخبر بأنه صلى ولو كاذبًا. كما لا يُقتل بترك القضاءِ. والله أعلم.