فصل في التحذير من حزب التحرير
ومن قلة التحذير من الضلال ظهرت الفرق الضالة في هذا العصر وانتشرت هاتان الفرقتان الوهابية وجماعة سيد قطب والفرقة المسماة “حزب التحرير” فإنّهم إخوان القدرية يقولون إن الإنسان يخلق أعماله أي يبرزها من العدم إلى الوجود وهذا إشراك بالله قال الله تعالى: {هلْ مِنْ خالقٍ غيرُ الله} [سورة فاطر/3]. فيجب التحذير منهم.
وزادوا على هذا الكفر تحليلهم لمصافحة الرجال النساء وهو محرّم بإجماع علماء الإسلام الأئمة الأربعة وكلّ المجتهدين الذي مضوا عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اليدُ تزني وزناها اللمس”. رواه مسلم وابن حبان وغيرهما [1] وبقوله صلى الله عليه وسلم: “لأن يطعن أحدكم بحديدة في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له” رواه الطبراني.
ومن جملة ضلالهم قول زعيمهم [2]: “قبل النبوة والرسالة يجوز على الأنبياء ما يجوز على سائر البشر لأن العصمة هي للنبوة والرسالة” فعلى قوله تصح النبوة لمن كان لصًّا سراقًا ولوطيًا إلى غير ذلك من الرذالات التي تحصل من البشر. وأباحوا أيضًا قبلة الرجل للمرأة الأجنبية للتوديع [3] ولم يقل ذلك أحد من العلماء فتركوا ما أجمع العلماء في كل العصور على تحريمه واتبعوا أهواءهم
[1] أخرجه مسلم في صحيحه بلفظ: “واليد زناها البطش”: كتاب القدر: باب قدر على ابن ءادم حظه من الزنى وغيره، وابن حبان في صحيحه بلفظ: “اليد زناؤها اللمس”: كتاب الحدود: باب الزنا وحده، انظر “الإحسان” [6/300].
[2] انظر الكتاب المسمى “الشخصية الإسلامية”: الجزء الأول: القسم الأول [ص/120].
[3] نشرة جواب وسؤال تاريخ 24 ربيع الأول سنة 1390 هـ.
وشهواتهم. ويدعون أيضًا في كتبهم إلى الفوضى والإفتاء بغير علم وتحريم الحلال وتحليل الحرام تحت شعار “الاجتهاد ميسر لكل الناس” فزعموا في كتابهم المسمى “التفكير” [1] ما نصه: “إن الاستنباط أو الاجتهاد ممكن لجميع الناس وميسر لجميع الناس ولا سيما بعد أن أصبح بين يدي الناس كتب في اللغة العربية والشرع الإسلامي” اهـ.
ويكفي في رد مقالاتهم هذه الباطلة حديث البخاري [2] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فرب مبَلّغ أوعى من سامع”، وحديث الترمذي [3] وابن حبان [4]: “نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه”، فقوله عليه السلام: “فرب حامل فقه ليس بفقيه” معناه أن من الناس من حظه الرواية فقط وليس عنده مقدرة على فهم ما يتضمنه الحديث من المعاني.
وقد قال علماء الحديث من لم يتلق القرءان من لفظ ثقة عارف لا يسمى مقرئًا بل يسمى مصحفيًا ومن لم يتلق الحديث من عارف ثقة لا يسمى محدثًا بل يسمى صحفيًا. فهؤلاء جعلوا علم الدين أهون من علوم الدنيا فإنهم لا يقولون في علوم الدنيا هذا القول بل يقضون له سنوات حتى يطلع أحدهم مهندسًا أو محاميًا أو نحو ذلك بل كل علوم الدين تحتاج إلى نقل من الثقات العارفين، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “من قال في القرءان برأيه فأصاب فقد أخطأ” وقاله:
[1] انظر الكتاب المسمى التفكير [ص/149].
[2] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الحج: باب الخطبة أيام منى.
[3] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب العلم: باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع.
[4] أخرجه ابن حبان في صحيحه: كتاب العلم: باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها، انظر “الإحسان” [1/143].
“من قال في القرءان برأيه فليتبوأ مقعده من النار” فكفى هؤلاء خزيًا أنهم جعلوا علم الدين فوضى.
وكل هذه الأحاديث المتقدمة ثابتة عند أهل الحديث. ومثالُ كلام هؤلاء نقض الشريعة شيئًا فشيئًا.