فصل في التحذير من جماعة منيرة قبيسي وأميرة جبريل الموجودات في سوريا ولبنان وغيرهما
أما القُبيسيات فيكفي في ضلالهن قولهن في كتابهن الذي سمينه “مزامير داود”: كل ما تهواه موجود في ذات الله، وقولهن: أستغفر الله من تركي للمعصية، وقولهن: أستغفر الله من توحيدي لربي، وقولهن: اثنان نحن وفي الحقيقة واحد، وقولهن: ما الكون إلا القيوم الحي اهـ. وقد سألنا قبل نحو عشرين سنة صاحب مكتبة الفارابي فقال: هذا الكتاب لا يطلبه مني إلا القبيسيات، والظاهر أنهن كن طلبن منه أن يطبعه فطبعه فكن يشترين منه وكانت أميرة جبريل لما كانت تقيم في بيروت للدراسة تبيعه للبنات.
ومما يدل على أنه من منيرة قبيسي ما في هذا الدفتر من قولهن “شيختنا لو كنا أينما كنا هي معنا لا تضيعنا” ومن يعنين غير منيرة. ثم ليس الشأن في صور العبادات بل في أن تكون العبادات موافقة لشرع رسول الله كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “كم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ” [1]، وفي رواية: “والعطش”. وهؤلاء يغتر الناس بأنهن يقمن حصة من الليل بالصلاة ويلتزمن قراءة جزء من القرءان مع الاستمرار.
فمن الذكر ما هو محرّم ومن الدعاء ما هو محرم وقد شرح القرافيّ ذلك في كتابه “الفروق”.
ومن هذا الذكر المحرم قولُ بعض القادريّين: “اللهمّ أجِرْنا وأجر والدَينا وجميع المسلمين من النار” يكررونه سبعَ مرات مجتمعين بين المغرب والعشاء وبين صلاة الفجر وطلوع الشمس، ووجه فساد هذا اللفظ أن معناه اللهم لا تُدخل أحدًا من المسلمين النار، وقد ثبت ثبوتًا قطعيًّا أن بعض المسلمين يدخل جهنم ثم يُخرجون.
فالجملة الأولى من أقوال القبيسيات المنقولة في هذا الفصل صريحة في عقيدة الحلول فإن الله تبارك وتعالى ليس جسمًا فيستحيل عليه أن يحُل فيه شئ أو أن يحل هو في شئ، قال الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه “الفتح الرباني” [2]: “من اعتقد أن الله يحل فيه شئ أو يحل هو في شئ أو أنه انحل من شئ أو ينحل منه شئ كافر” اهـ.
وقول: كلُّ ما تهواه موجود في ذات الله كفرٌ صريحٌ لمن فهم معناه أما من لم يفهم معناه بل يردده من غير فهم معناه لا يكفر ولكن يجب أن ينهى عنه وأن يحذّر منه لئلا يقوله.
وكذلك قولهن: اثنان نحن وفي الحقيقة واحد فيه دعوى الوحدة المطلقة وكلا الأمرين من أكفر الكفر.
وكذلك كلمة ما الكون إلا القيوم الحي صريحٌ في اتحاد العالم مع الله، لكن من الناس من يقولونه ولا يفهمون منه معنى الوحدة، فالذي يفهم منه معنى الوحدة إذا نطقَ به كفر والذي لا يفهم منه ذلك المعنى ويظن أن معناه أن مدبر العالم هو الله وحده فلا يكفر.
والسادة الرفاعية رضي الله عنهم هم أشد الناس تحذيرًا من الوحدة المطلقة والحلول، قال القطب سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه: “لفظتان ثُلمتان في الدّين القولُ بالوحدة والشطح المجاوز حدّ التحدث بالنعمة” اهـ أي أن التلفظ به هدم للدين ولو لم يعتقد قائله المعنى الذي هو اتحاد الله بالعالم.
ومن هنا قال أبو الهدى الصيادي شيخ الرفاعية في زمانه في شرح رسالة لبعض الصوفية في ءاخرها: “فائدة استطرادية: من قال أنا الله أو ما في الوجود إلا الله أو لا موجود إلا الله أو الكل هو الله أو نحو ذلك فإن كان عاقلاً صاحيًا في قيد التكليف فلا خلاف بين المسلمين جميعًا في كفره لمخالفته نص القرءان” اهـ. أي أنه مرتد فيُجرى عليه أحكام المرتد وإلا فلا.
والعجب كيف يستحلون هذه الكلمات وهم يعلمون أنّ أفضل الذكر هو لا إله إلا الله، لا ذِكرَ أحبُّ إلى الله من لا إله إلا الله وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن هذه الكلمة أحسنُ الحسنات، وهذا حديث صحيح رواه البيهقي وغيره وصححه الحافظ ابن حجر.
[1] أخرجه بهذا اللفظ الدارمي في سننه: كتاب الرقائق: باب في المحافظة على الصوم [2/301]، وللحديث ألفاظ أخرى.
[2] الفتح الرباني [ص/124].