الخميس نوفمبر 21, 2024
  • فائدة في بيان أن الإنسان لا يؤاخذ على الخواطر السيئة التي ترد على قلبه بدون اختياره وإرادته

    اعلم أن ما يرد على القلب بدون إرادة من المؤمن من الخواطر القبيحة مما يكرهه المؤمن لا يؤاخذ به المؤمن ولا يكتب عليه ذلك الخاطر بل له ثواب بكراهيته للخاطر الخبيث. روى مسلم [(1048)] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق السماء من خلق الأرض فيقول الله فيقول من خلق الله فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل ءامنت بالله ورسوله». ومعنى ذلك أن يثبت على اعتقاد أن الله أزلي لا بداية لوجوده كما وصف نفسه بأنه الأول أي الأزلي لا يوصف بأنه خلق نفسه ولا بأنه خلقه غيره كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم بقوله «كان الله ولم يكن شىء غيره».
    وروينا في الصحيح [(1049)] ما يدل على أن المؤمن لايؤاخذ بهذه الوسوسة التي ترد على القلب بدون إرادته مع كراهيته لها حديث أبي هريرة قال: جاء أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إننا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال «وقد وجدتموه» قالوا نعم، قال «ذاك صريح الإيمان» يعني أن كراهية هذا الخاطر علامة الإيمان. أما الشك والارتياب في أصل الإيمان أو فيما عُلم من أمر الدين علمًا ظاهرًا بين المسلمين فهو كفر مخرج من الملة. قال الله تعالى [سورة الحجرات] فأعلمنا بقوله أن الإيمان لا يصح مع الارتياب أي الشك أي لا بد من الجزم. فما دام العبد جازمًا غير شاك لا يضره ما يطرأ على القلب بدون إرادته، والحمد لله على ذلك.

    ـ[1048] رواه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب شرح السنة. ـ

    [1049] رواه الترمذي في سننه: كتاب الإيمان: باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، قال الترمذي: «هذا حديث مفسَّرٌ غريب».