غار حراء

غار حراء هو غار مبارك في أعلى جبل النور كان النبي عليه الصلاة والسلام يتردد إليه وكان يختلي به في كل سنة شهرا كاملا.  كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تعطي نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام الزاد أي الطعام فكان النبي يتزود ويذهب إلى هذا الغار ويتعبد ويسأل بعض الناس ما معنى تعبد النبي عليه الصلاة والسلام؟  ولم يكن نزل جبريل عليه بعد.  رسول الله صلى الله عليه وسلم كان موحدا كان مؤمنا بالله تبارك وتعالى لم يكن شاكا في وجود الله وفي قدرة الله بل كان موقنا متأكدا جازما بأن لهذا العالم خالقا خلقه وأوجده وهو قادر كامل لا يشبهه.

 كان الناس في ذلك الوقت يعبدون الأصنام هذا يعبد صنما من تمر فإذا جاع أكله وذاك يعبد صنما من الذهب فإذا افتقر باعه وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يحب ذلك ولا يقبله لأنه إشراك بخالق هذا الكون، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يختلي بنفسه في غار حراء. وكان  نبينا  عليه الصلاة والسلام  يرى المرائي أي الرؤى في المنام  وكانت تتحقق هذه المرائي  تأتي  مثل  فلق الصبح ، ذات  يوم  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء  فنزل جبريل عليه السلام ودخل الغار وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام  عن  هذه الحادثة  بان جبريل عليه السلام  قال  يا محمد  اقرأ فقال نبينا ما أنا  بقارئ  قال  فغطني  جبريل أي ضمه جبريل عليه الصلاة والسلام  ضمة شديدة  قال  فضمني  ثم قال  له اقرا  قال ما أنا  بقارئ أي أنا أمي لا أقرأ المكتوب ولا أجيد الكتابة وهذا ليس ذما في نبينا عليه الصلاة والسلام فإن الأمية في محمد معجزة  في غير محمد معجزة فرسول الله  صلى الله عليه وسلم  هو أفصح  خلق الله  قال يا محمد اقرا قال ما أنا  بقارئ  قال:{  اقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الإنسان من علق *اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم *علم الإنسان ما لم يعلم.}[العلق/١-٢-٣-٤-٥]  النبي عليه الصلة والسلام بلغ ذلك منه الجهد أي المشقة وإنما ضمه جبريل حتى يقوى على تحمل ما ينزل عليه.

 نزل النبي عليه الصلاة والسلام من غار حراء وتوجه إلى بيت خديجة ودخل بيت خديجة رضي  الله عنها وهي صاحبة سره هي الأمينة هي الصادقة المصدقة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهي أول من آمن من النساء. أخبرها الرسول صلى الله عليه وسلم بما جرى معه وحدث في الغار فصارت تسأله وتستفصل منه ورسول الله يخبرها. وكان من جملة ما حدث أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى جبريل بين الأرض والسماء وذلك انه مرة سمع صوتا يناديه فنظر إلى يمينه فلم يجد أحدا نظر عن شماله فلم يجد أحدا نظر أمامه وخلفه فلم يجد أحد نظر فوقه فوجد جبريل عليه السلام يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل.

 سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام  يقص على زوجته المباركة خديجة بنت خويلد  ما حدث معه في ذلك الغار وكان نبينا  شجاعا ولم  يكن  جبانا  ولكن  شعر نبينا عليه الصلاة والسلام  بالبرد  فلما نزل ودخل عند خديجة  قال زملوني زملوني   طلب التزميل  ليدفىء  وصار  يخبرها بما جرى  فقالت  له  السيدة خديجة  المباركة  لا تخف أبشر  كلا  والله لا يخزيك  الله  أبدا  إنك  لتصل الرحم  وتحمل الكل  أي  تعطف  على الضعفاء على الفقراء والمساكين وتقر الضيف أي  تكرم الضيف إذ ا جاءك  وتعين على نوائب الحق معناه إذا ألمت نزلت مصيبة أنت  تعين وتغيث وتساعد لا يضيعك الله  يا محمد.  ثم اخذته خديجة عند رجل يقال له ورقة ابن نوفل وهذا الإنسان كان قد تعلم الإنجيل الصحيح الذي نزل عل  نبينا عيسى عليه السلام . وكان  قد قرأ فيه  صفة  النبي  محمد  عليه الصلاة والسلام  فلم قص  رسول الله  صلى الله عليه وسلم على ورقة  ابن نوفل ما جرى معه وما رآه  قال له  ورقة  هذا  الناموس  الذي  نزل على موسى ابن عمران،  الناموس أي صاحب السر هذا الذي كان  ينزل  سرا  يراه موسى ولا  يراه أحد ثم قال له يا ليتني  فيها جدعا يا ليتني  فيها  أي يا ليتني  في أيام  الدعوى التي  تدعو  فيها إلى دين الإسلام  جدعا أي شابا وذلك لأن  ورقة  كان قد  شاخ أي  صار شيخا كبيرا في السن وعمي قال له  يا ليتني  فيها  في أيام دعوتك  جدعا يا ليتني  أكون حيا إذ  يخرجك قومك  يعني  يا ليتني أكون حيا  عندما  يخرجك قومك  عندما  يكفرون بك وعندما يرفضون دعوتك ولا يقبلون الإيمان فيك. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أمخرجي هم؟ يعني سيخرجني قومي فقال له ورقة نعم لم يأت بمثل دعوتك أحد إلا وعودي.

 وفي رواية أن ورقة ابن نوفل قال له أشهد أنك رسول الله حق أشهد أنك أنت الذي بشر به عيسى بن مريم ثم إن هذه الحادثة كما ذهب أكثر العلماء حصلت في شهر رمضان المبارك في يوم الإثنين إذ أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عن يوم الإثنين  فقال  ذاك  يوم أنزل  علي فيه وكان من كرم  نبينا عليه الصلاة والسلام أنه كان  يتصدق  على فقراء غار  فكانت  السيدة خديجة تعطيه  الزاد وكان رسول الله  يتصدق  به على الفقراء.

 وما معنى تعبد النبي عليه الصلاة والسلام في غار حراء؟ ليس معناه أن النبي كان شاكا  في وجود الله  وكان  يتفكر في ذات الله  تبارك وتعالى في غار حراء، حاشا،  بل الأنبياء كلهم يؤمنون بالله تبارك وتعالى قبل النبوة وبعد النبوة وإنما معنى ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام  كان  يفكر في ملكوت السماوات والأرض فإن الإنسان إذا تفكر في هذا  الكون ازداد يقينا  بكمال الله تعالى وعظمته ازداد يقينا بوجود الله تعالى وقدرته  وهذا ما كان  يفعله الرسول  صلى الله  عليه  وسلم  في تعبده في غار حراء ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام  بعدما حدثت هذه الحادثة فتر الوحي  مدة من الزمن أي  انقطع  الوحي  انقطع  نزول  جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام  مدة من الزمن  ثم بعد ذلك تجدد  نزول  جبريل عليه السلام  على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام  وانتشرت الدعوى  سرا وبعد ذلك جهرا .

 وما معنى قولنا الدعوة سرا؟  ليس معناه أن رسولنا الكريم كان خائفا لكن كان نبينا عليه الصلاة والسلام في أول أمره يدعوا الناس أفرادا إلى دين الإسلام ثم بعد ذلك صار يدور في المواسم و يدور بين الناس ويقول:” من شهد أن لا إله الا  الله  وأن محمدا رسول الله  فقد أفلح” وكان  الصحابة  يجلسون في أول أمرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف جبل الصفا بحيث  لا يراهم  المشركون إلا أن آمن عمر ابن  الخطاب  فغار حراء بجبل النور هو مكان نزول الوحي على رسول الله  صلى الله عليه وسلم في أول مرة.