الدَّرْسُ التَّاسِعُ
عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ
عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ الَّتِى تَوَعَّدَ اللَّهُ فَاعِلَهَا بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ فِى النَّارِ وَمَعْنَى الْعُقُوقِ أَنْ يُؤْذِىَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَذًى لَيْسَ بِهَيِّنٍ وَإِيذَاءُ الوَالِدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ أَذًى شَدِيدًا أَوْ خَفِيفًا حَرَامٌ.
وَمِنَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْعُقُوقِ شَتْمُ الأُمِّ أَوِ الأَبِ أَوْ ضَرْبُ الأُمِّ أَوِ الأَبِ أَوْ إِهَانَتُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا.
وَمِنْ جُمْلَةِ الْعُقُوقِ إِذَا أَطَاعَ الْوَلَدُ أُمَّهُ عَلَى ظُلْمِ أَبِيهِ أَوْ أَطَاعَ أَبَاهُ عَلَى ظُلْمِ أُمِّهِ وَلا يَنْفَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ أَطَاعَ أُمَّهُ وَظَلَمَ أَبَاهُ لِأَنَّهُ لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِى مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ فَنُصْرَةُ أَحَدِ الأَبَوَيْنِ فِى ظُلْمِ الآخَرِ حَرَامٌ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَّهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا﴾ [سُورَةَ الإِسْرَاء]
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ أَىْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ لا يُعْبَدَ سِوَاهُ وَبِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقُلْ لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ أَىْ قَوْلًا لَيِّنًا لَطِيفًا فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَهَى عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا أُفٍّ وَهَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُقَالَ لَهُمَا الْقَوْلُ الْكَرِيمُ أَىِ اللَّيِّنُ لا سِيَّمَا عِنْدَ الْكِبَرِ وَأَنْ نُخْفِضَ لَهُمَا الْجَنَاحَ بِأَنْ نُكَلِّمَهُمَا بِأَدَبٍ وَاحْتِرَامٍ.
عَذَابُ الْعَاقِّ لِوَالِدَيْهِ
إِنَّ عَذَابَ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمٌ حَيْثُ إِنَّ عَاقَّهُمَا لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ الأَوَّلِينَ بَلْ يَدْخُلُهَا بَعْدَ عَذَابٍ شَدِيدٍ مَعَ الآخِرِينَ إِنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الذَّنْبَ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ» رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ، أَىْ لا يَدْخُلُهَا مَعَ الأَوَّلِينَ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ كَافِرٌ مَحْرُومٌ مِنَ الْجَنَّةِ.
ءَايَاتٌ قُرْءَانِيَّةٌ فِى الْحَثِّ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَىَّ الْمَصِيرُ﴾ [سُورَةَ لُقْمَان/14] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [سُورَةَ النِّسَاء /36].
فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْءَ مَهْمَا كَانَ مُوَاظِبًا عَلَى أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْفَرَائِضِ إِذَا كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ يُؤْذِيهِمَا أَذًى شَدِيدًا بِالْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُتَّقِينَ الصَّالِحِينَ. فَاحْرِصْ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَإِيَّاكَ وَالْعُقُوقَ فَإِنَّكَ إِمَّا أَنْ تَمُوتَ قَبْلَهُمَا أَوْ يَمُوتَا قَبْلَكَ فَلا تُفَوِّتْ هَذَا الفَضْلَ الْعَظِيمَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَا مَعْنَى عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَمَا حُكْمُهُ.
(2) أَعْطِ أَمْثِلَةً عَلَى عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ.
(3) اذْكُرْ دَلِيلًا مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى تَحْرِيمِ الْعُقُوقِ.
(4) اشْرَحِ الآيَةَ ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.
(5) مَا مَعْنَى الآيَةِ ﴿وَقُلْ لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾.
(6) اذْكُرْ حَدِيثًا فِى تَحْرِيمِ الْعُقُوقِ وَمَا مَعْنَاهُ.
(7) اذْكُرْ ثَلاثَ ءَايَاتٍ فِيهَا الأَمْرُ بِالإِحْسَانِ لِلْوَالِدَيْنِ.