الأحد ديسمبر 7, 2025

قال الله تعالى:
{عَبَسَ وَتَوَلَّى}
[عبس: 1].

معنى الآية أن الله تبارك وتعالى عاتب النبي صلى الله عليه وسلم عتابًا لطيفًا في ابن أم مكتوم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عندما يراه: «مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي».

قال الإمام الماتريدي في تفسيره «تأويلات أهل السُّنَّة»([1]): «والثاني: أن تعبّس الوجه على الأعمى، والإعراض عنه لا يظهر للأعمى، لأنه لا يراه، فلا يعده جفاء، وكان في إقباله على أولئك القوم وحسن صحبته إياهم رجاء الإسلام منهم». اهـ.

وقال القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي في «حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي»([2]): «فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه، ويقول إذا رآه: مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي. واستخلفه على المدينة مرتين». اهـ.

ولم يرد في كلام أهل العلم لفظ «التأنيب» ولا في كلام عامة المفسرين، ليس كما ادّعى محمد سعيد رمضان البوطي أن الله يؤنب النبي صلى الله عليه وسلم، ففي كتابه المسمى «هذه مشكلاتهم» يقول ما نصه([3]): «ثم إن القرءان يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان ناصحًا ومعاتبًا ومؤنبًا». اهـ.

فمن أين جاء هذا القائل بالتأنيب لماذا لا يلتزم بعبارات أهل العلم.

ثم إن قول الدكتور السوري «ومؤنبًا»، هذه العبارة فيها إساءة أدبٍ كبيرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يليق برسول الله ولا بمقامه ولا بعصمته، وأما إذا قيل «عاتبه عتابًا لطيفًا» فإنه لا يُشعِر بالنقص والازدراء، لأن العتاب ليس شرطًا أن يكون على معصية أو على شيء قبيح.

([1]) تأويلات أهل السُّنَّة (دار الكتب العلمية، المجلد العاشر الطبعة الأولى 1426هـ ص417).

([2]) حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (دار الكتب العلمية، الجزء التاسع الطبعة الأولى 1417هـ، ص412).

([3]) هذه مشكلاتهم (ص176).