لم يسلم الصحابة من شيخ الوهابية ابن تيمية كما في كتابه المسمّى «اقتضاء الصراط المستقيم»([1])، حيث اعترض على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما([2]) تتبُّعَهُ الأماكن التي صلى فيها رسول الله ﷺ، فقال ابن تيمية: «وذلك ذريعة إلى الشرك»، والعياذ بالله من الكفر.
وقد أدّت وقاحة مُحمد بن صالح العثيمين إلى القول في كتابه «لقاء الباب المفتوح»([3]) بأنّ ابن حجر العسقلاني([4]) والنووي([5]) ليسا من أهل السُّنَّة والجماعة في طريقتِهما البدعية.
ومشهور عن مشايخ الوهابية تكفير كثير من أهل العلم والفضل لأنه ثبت عنهم التوسل والتبرك بالأنبياء والصالحين، والأخبار في ذلك أكثر من أنْ تُحصى، والعياذ بالله تعالى.
والوهابية تسفِّه الإمامَ عليًّا رضي الله عنه، وقد ذكر ذلك ابن تيمية في كتابه المسمّى منهاج السُّنَّة النبوية([6]) فقال: «وعليٌّ إما عاجز عن العدل علينا أو غير فاعل لذلك وليس علينا أنْ نبايع عاجزًا عن العدل علينا ولا تاركًا له، فأئمةُ السُّنَّة يسَلِّمون أنه ما كان القتال مأمورًا به لا واجبًا ولا مستحبًّا»، وقد ذكر أيضًا ابن تيمية في كتابه المسمّى منهاج السُّنَّة النبوية([7]) فقال: «فلا رأي أعظم ذمًّا من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في دنياهم، بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان…». فكيف يقال لمن أطاع اللهَ في أمره: إنّ فعلَه ليس بواجب ولا مستحب؟ ومن المعلوم أنّ الإمامَ عليًّا رضي الله عنه الخليفة الراشد لا يجوز الخروج عليه، وقتاله للخارجين عليه أمر واجب بدليل قوله تعالى {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9]. ولكن قول الوهابية هذا يدل على ضغينة كامنة في قلوبهم للإمام علي رضي الله عنه ولآل بيت رسول الله الأطهار عليه الصلاة والسلام.
[1])) ابن تيمية، الكتاب المسمّى اقتضاء الصراط المستقيم، ص390.
[2])) عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نُفَيْل بن عبد العزّى بن رباح، القرشيّ العَدويّ المكي ثم المدنيّ، الإمام القدوة شيخ الإسلام. روى علمًا نافعًا عن النبيّ r وعن أبيه وكثير من الصحابة الأجلاء، شهد الفتح وله عشرون سنة، قال عنه النبيّ r «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل» فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا القليل. مات بمكة سنة أربع وتسعين للهجرة، وهو ابن أربع وثمانين سنة t. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج4، ص107 – 125، رقم الترجمة: 403.
[3])) ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، ص42، 43.
[4])) أحمد بن عليّ بن محمد الكنانيّ العسقلانيّ، أبو الفضل شهاب الدين ابن حَجر، من أئمة الحديث والتاريخ، أصله من عسقلان بفلسطين، ومولده ووفاته بالقاهرة، علت شهرتُه فقصده الناس للأخذ عنه، من مصنفاته «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة»، و«لسان الميزان»، و«الإصابة في تمييز الصحابة»، والقول المسدّد في الذبّ عن مسند الإمام أحمد»، وغيرها كثير. ولد 773 للهجرة وتوفي سنة 852 للهجرة، الزركلي، الأعلام، ج1، ص178.
[5])) النوويّ، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف الحورانيّ، النوويّ الشافعيّ الزاهد العابد الفقيه، صاحب التصانيف التي سارت بها الركبان، ولد في المحرم سنة 631 للهجرة بنَوى، من تصانيفه: «شرح مسلم»، و«رياض الصالحين»، و«الأذكار»، و«الإرشاد»، ثم اختصره وسمّاه «التقريب». توفي سنة 676للهجرة، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج15، ص411 – 415، رقم الترجمة: 6618.
[6])) أحمد ابن تيمية الحراني، الكتاب المسمّى منهاج السُّنَّة النبوية، ج1، ص203.
[7])) أحمد ابن تيمية الحراني، الكتاب المسمّى منهاج السُّنَّة النبوية، ج3، ص156.