ضَرُورِيَّاتُ الِاعْتِقَادِ
الشَّرْحُ أَنَّ هَذَا بَيَانَ ضَرُورِيَّاتِ الِاعْتِقَادِ أَيْ يُذْكَرُ هُنَا مَا يَلْزَمُ وَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَضَرُورِيَّاتٌ جَمْعُ ضَرُورِيٍّ فَالشَّىْءُ الَّذِي لا يُسْتَغْنَى عَنْهُ يُقَالُ لَهُ ضَرُورِيٌّ وَيُقَالُ أَيْضًا الضَّرُورِيُّ لِلشَّىْءِ الَّذِي يُفْهَمُ بِلا تَفَكُّرٍ كَكَوْنِ الْوَاحِدِ نِصْفَ الِاثْنَيْنِ وَكَوْنِ النَّارِ حَارَّةً كَمَا يُطْلَقُ عَلَى عِلْمِ كَوْنِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ حَرَامًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْعَوَامُّ وَالْخَوَاصُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ عِلْمُ التَّوْحِيدِ هُوَ أَسَاسُ قَوَاعِدِ عَقَائِدِ الإِسْلامِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ، وَغَايَتُهُ الْفَوْزُ بِالسَّعَادَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَبَرَاهِينُهُ الْحُحَجُ الْقَطْعِيَّةُ مِنْ سَمْعِيَّةٍ وَعَقْلِيَّةٍ، وَيُسَمَّى هَذَا الْعِلْمُ عِلْمَ التَّوْحِيدِ وَعِلْمَ أُصُولِ الدِّينِ وَيُسَمَّى أَيْضًا عِلْمَ الْكَلامِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَصْلٌ: يَجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْمُكَلَّفِينَ الدُّخُولُ فِي دِينِ الإِسْلامِ وَالثُّبُوتُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ وَالْتِزَامُ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنَ الأَحْكَامِ.
الشَّرْحُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ أَيْ مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ لَمْ يَكُنْ أَصَمَّ فَهَذَا هُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي هُوَ مُلْزَمٌ بِأَنْ يُسْلِمَ وَيَعْمَلَ بِشَرِيعَةِ الإِسْلامِ أَيْ أَنْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبَ الْمُحَرَّمَاتِ. أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ مَسْئُولِيَّةٌ فِي الآخِرَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ جُنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَاتَّصَلَ جُنُونُهُ إِلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَمَاتَ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَلَيْسَ مُكَلَّفًا [لَوْ كَفَرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَهُ ثُمَّ اتَّصَلَ جُنُونُهُ مِنْ قَبْلِ الْبُلُوغِ إِلَى مَا بَعْدَهُ فَمَاتَ وَهُوَ مَجْنُونٌ هَذَا نَاجٍ مَا عَلَيْهِ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ كَفَرَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَجُنَّ وَاسْتَمَرَ جُنُونُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فَهَذَا كَافِرٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، انْظُرْ شَرْحَ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ]، وَكَذَلِكَ الَّذِي عَاشَ بَالِغًا وَلَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ أَيْ أَصْلُ الدَّعْوَةِ. وَلَيْسَ شَرْطًا لِبُلُوغِ الدَّعْوَةِ أَنْ تَبْلُغَهُ تَفَاصِيلُ عَقَائِدِ الإِسْلامِ بِأَدِلَّتِهَا بَلْ يَكُونُ مُكَلَّفًا بِمُجَرَّدِ أَنْ يَبْلُغَهُ أَصْلُ الدَّعْوَةِ، وَلا يَكُونُ لَهُ عُذْرًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَكَّرَ فِي حَقِيَّةِ الإِسْلامِ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَنِ لِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُمْهِلُ الْكُفَّارَ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَنِ لِيُفَكِّرُوا بَعْدَ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ دَعْوَةَ الإِسْلامِ فِي حَقِّيَّتِهَا يَوْمًا وَلا يَوْمَيْنِ وَلا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ كَانَ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ كَافِيًا فِي انْتِفَاءِ الْعُذْرِ عَنْهُمْ إِنْ لَمْ يَتَّبِعُوا الإِسْلامَ وَكَانَ يَكْتَفِي بِأَنْ يُسْمِعَ الْعَرَبَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَوْسِمِ أَيْ مَوْسِمِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ حِينَ يَجْتَمِعُونَ مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ كَانَ يَمُرُّ فِيهِمْ مُرُورًا؛ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ الإِذْنُ بِالْقِتَالِ كَانَ يُحَارِبُ كُلَّ مَنِ اسْتَطَاعَ مُحَارَبَتَهُ مِنْ كُلِّ أُولَئِكَ الَّذِينَ بَلَّغَهُمْ بَعْدَ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ إِلَّا مَنْ بَدَتْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي مُصَالَحَتِهِمْ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لا لِلأَبَدِ، لِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الدَّعْوَةِ بِلا إِيْجَابٍ أَمَامَ الْقِتَالِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ [فِي صَحِيحَيْهِمَا] أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ أَيْ لا عِلْمَ لَهُمْ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ فَلَوْ كَانَ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ مُقَاتَلَةِ الْكُفَّارِ أَنْ يُعْطَوْا مُهْلَةً لِلتَّفْكِيرِ فِي صِحَّةِ الإِسْلامِ وَحَقِّيَّتِهِ فَالرَّسُولُ كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُمْهِلُهُمْ بُرْهَةً لِلتَّفْكِيرِ بَلِ اكْتَفَى لِقِتَالِهِمْ بِأَنَّهُ كَانَ بَلَّغَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَ الدَّعْوَةِ.
فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ فِي الأَذَانِ الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ يَفْهَمُ الْعَرَبِيَّةَ فَهُوَ مُكَلَّفٌ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمِ اسْتَحَقَّ عَذَابَ اللَّهِ الْمُؤَبَّدَ فِي النَّارِ. وَلا يَحْصُلُ شُكْرُ الْمُنْعِمِ الْخَالِقِ إِلَّا بِالإِسْلامِ أَيْ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ وَالإِيـمَانِ بِالرَّسُولِ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمَا يَكْرَهُ اللَّهُ، وَلا يَحْصُلُ شُكْرُ الْمُنْعِمِ الْخَالِقِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ وَإِغَاثَةِ الْمَكْرُوبِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ [أَيْ مِنْ دُونِ الإِيـمَانِ].
ثُمَّ إِنَّ نِيَّةَ الثُّبُوتِ عَلَى الإِسْلامِ ضَرُورِيَّةٌ أَيْ أَنْ يَخْلُوَ قَلْبُهُ عَنْ أَيِّ عَزْمٍ عَلَى تَرْكِ الإِسْلامِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ تَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ نَوَى الْكُفْرَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَفَرَ فِي الْحَالِ [قَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيُّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ «أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَّقَهُ بِشَىْءٍ كَقَوْلِهِ إِنْ هَلَكَ مَالِي أَوْ وَلَدِي تَهَوَّدْتُ أَوْ تَنَصَّرْتُ أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لا لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الإِيـمَانِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا كَفَرَ» اهـ].
قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَمِمَّا يَجِبُ عِلْمُهُ وَاعْتِقَادُهُ مُطْلَقًا وَالنُّطْقُ بِهِ فِي الْحَالِ إِنْ كَانَ كَافِرًا وَإِلَّا فَفِي الصَّلاةِ الشَّهَادَتَانِ وَهُمَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الشَّرْحُ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ الْمُكَلَّفِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَمَعْرِفَةُ رَسُولِهِ وَالنُّطْقُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِنْ كَانَ كَافِرًا، وَمَنْ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ فَهُوَ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ، ثُمَّ لا يَكْمُلُ إِيـمَانُهُ وَإِسْلامُهُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْمَرَّةِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي كُلِّ صَلاةٍ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ بِعَدَمِ وُجوُبِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي الصَّلاةِ حَيْثُ إِنَّ التَّشَهُّدَ عِنْدَهُ فِي الصَّلاةِ سُنَّةٌ لَيْسَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلاةِ أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ.
ثُمَّ إِنَّ النُّطْقَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ يَحْصُلُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بِاللُّغَةِ الْعَرِبِيَّةِ وَبِتَرْجَمَتِهِ لِغَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ [قَالَ الأَرْدَبِيلِيُّ فِي الأَنْوَارِ: «وَيَصِحُّ الإِسْلامُ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ»]، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ يَعْرِفُ النُّطْقَ بِالْعَرَبِيَّةِ لا يَنْطِقُ بِغَيْرِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ [وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادُوا أَنَّ عَلَيْهِ مَعْصِيَةً إِنَّ نَطَقَ بِغَيْرِهَا مَعَ صِحَّةِ دُخُولِهِ فِي الإِسْلامِ]، فَمَنْ كَانَ أَعْجَمِيَّا يَقُولُ (أَنَّ مُحَمَّدًا) بِالْهَاءِ يُقَالُ لَهُ قُلْ (أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ)، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ يَأْتِي بِهَاءِ لَفْظِ الْجَلالَةِ (اللَّه) فَيَكْفِي تَرْجَمَتُهُ بِلُغَتِهِ. وَإِنْ كَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْطِقَ بِمَا قَبْلَ لَفْظِ الْجَلالَةِ فَيَنْطِقُ بِهِ مُتَرْجَمًا.
وَلا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ يَكْفِي مَا يُعْطِي مَعْنَاهُ كَأَنْ يَقُولَ لا رَبَّ إِلَّا اللَّهُ أَوْ لا خَالِقَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَكْفِي مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللَّهِ؛ لَكِنْ لَفْظُ أَشْهَدُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الأَلْفَاظِ لِأَنَّ أَشْهَدُ لَهَا امْتِيَازٌ عَلَى أَعْلَمُ وَأَعْرِفُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَلْفَاظِ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ الْعِلْمَ وَالِاعْتِقَادَ وَالِاعْتِرَافَ. وَاشْتِرَاطُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لَفْظَ «أَشْهَدُ» عِنْدَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِلدُّخُولِ فِي الإِسْلامِ مَرْدُودٌ وَبَاطِلٌ وَمَنِ اعْتَقَدَهُ لا يَكْفُرُ لِأَنَّهُمْ يَفْهَمُونَ أَنَّ لَفْظَ «أَشْهَدُ» فِيهِ مَعْنًى زَائِدٌ وَقَدْ تَرَكَهُ الَّذِي يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الإِسْلامِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ بِهِ. وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمُ التَّرْتِيبَ لِلشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِمَا.
وَمَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِلا إِدْغَامٍ صَحَّتْ شَهَادَتُهُ، أَمَّا الَّذِي يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [بِتَشْدِيدِ النُّونِ] لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ هَذَا كَلامٌ مَبْتُورٌ كَمَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ زَيْدًا وَسَكَتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْخَبَرِ.
وَمَنْ عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ بِاللِّسَانِ يَكْفِيهِ إِيـمَانُهُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ شِدَّةِ أَلَمِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ أَلْفِ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، أَعْصَابُهُمْ تَسْتَرْخِي فَلا يُطَاوِعُهُمْ لِسَانُهُمْ عَلَى النُّطْقِ إِلَّا بَعْضَ عِبَادِ اللَّهِ مِنَ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ.
وَيَصِحُّ إِسْلامُ مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ بِنَصْبِ مُحَمَّدًا وَرَسُولَ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ وَصْفُ مُحَمَّدٍ بِالرِّسَالَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ كَلامًا مَبْتُورًا إِلَّا عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَ جَوَازَ نَصْبِ اسْمِ إِنَّ وَأَنَّ وَخَبَرِهِمَا ذَكَرَ ذَلِكَ السُّيُوطِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي النَّحْوِ.