الجمعة ديسمبر 12, 2025
صفة الكلام لله تعالى:
اعلم أخي المسلم أن الله تعالى متكلم بكلام هو صفة له لا يشبه كلام المخلوقين، وكلامه لا ابتداء ولا انتهاء له ليس حروفا متعاقبة يسبق بعضها بعضا ولا صوتا ولا لغة عربية ولا غيرها ولا يطرأ عليه سكوت. قال تعالى: “وكلم الله موسى تكليما” أي أسمعه كلامه الذي هو ليس حروفا ولا صوتا ولا لغة ففهم منه موسى ما فهم. ومما استدل به أهل السنة على أن كلام الله تعالى ليس حرفا ولا صوتا ءايات منها قوله تعالى: “ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين” وقالوا لو كان الله تعالى يتكلم بحرف وصوت كخلقه لجاز عليه كل صفات الخلق من الحركة والسكون وغير ذلك وهذا مستحيل على الله، فلذلك وجب أن يكون كلام الله غير حرف وصوت، ويدل على ذلك قوله تعالى: “وهو أسرع الحاسبين” وذلك لأن الله يكلم كل إنسان يوم القيامة فيسمعه كلامه ويحاسب من يحاسبه منهم به فيفهم العبد من كلام الله السؤال عن أفعاله وأقواله واعتقاداته، وينتهي الله عز وجل من حسابهم في وقت قصير من موقف من مواقف القيامة، ويوم القيامة كله خمسون ألف سنة. فلو كان حساب الله لخلقه من إنس وجن بالحرف والصوت ما كان ينتهي من حسابهم في مائة ألف سنة لأن الخلق كثير ويأجوج ومأجوج وحدهم يوم القيامة البشر كلهم بالنسبة لهم كواحد من مائة، وفي رواية كواحد من ألف، وبعض الجن يعيشون ءالافا من السنين، فلو كان حساب الخلق بالحرف والصوت لكان إبليس وحده يأخذ حسابه وقتا كثيرا لأن إبليس يجوز أن يكون عاش مائة ألف سنة ولا يموت إلا يوم النفخة في الصور، وحساب العباد ليس على القول فقط بل على القول والفعل والاعتقاد. وكذلك الإنس منهم من عاش ألفي سنة ومنهم من عاش ألفا وزيادة، ومنهم من عاش مئات من السنين فلو كان حسابهم بالحرف والصوت لاستغرق حسابهم زمانا طويلا جدا ولم يكن الله أسرع الحاسبين بل لكان أبطأ الحاسبين، والله تعالى يقول: “وهو أسرع الحاسبين”.