صفة القدم لله تعالى:
اعلم أخي المسلم أنه يجب لله القدم بمعنى الأزلية لا بمعنى تقادم العهد والزمن، لأن لفظ القديم والأزلي إذا أطلقا على الله كان المعنى أنه لا بداية لوجوده، فيقال الله أزلي، الله قديم أي لم يسبق وجوده عدم لأنه لو كان سبقه العدم لكان حادثا أي مخلوقا والحدوث مستحيل على الله، لو لم يكن الله قديما لكان له بداية وكل ما له بداية يحتاج إلى من أبرزه من العدم إلى الوجود والمحتاج لا يكون إلها، فلا يقال له متى كان متى وجد أما غيره فيقال له متى وجد لأنه كان معدوما ثم صار موجودا. والدليل النقلي على أن الله قديم أي أزلي ءايات منها قوله تعالى “هو الأول” والمعنى أنه لا ابتداء لوجوده فهو وحده الأول بهذا المعنى، قال علماء البيان: إذا جاء المبتدأ والخبر معرفة فإن ذلك يفيد الحصر أي لا أول بهذا المعنى إلا الله أي لا شىء لا ابتداء لوجوده إلا الله. وإذا أطلق القديم أو الأزلي على المخلوق كان بمعنى تقادم العهد والزمن، قال الله تعالى في القمر: “حتى عاد كالعرجون القديم” فالعرجون هو عذق النخل وهو شىء في أعلى النخل فإنه إذا مضى عليه زمان ييبس فيتقوس، فالقمر في ءاخره يصير بهيئة ذلك، فهنا القديم جاء بمعنى الشىء الذي مضى عليه زمان طويل. وقال صاحب القاموس الفيروزءابادي: الهرمان بناءان أزليان بمصر. ولقد أجمعت الأمة على جواز إطلاق القديم على الله، ذكر ذلك مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين. ويدل على ذلك أيضا ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أراد دخول المسجد: “أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم” والحديث إسناده حسن. فإذا ثبت جواز إطلاق القديم على سلطان الله الذي هو صفته جاز إطلاقه على الذات. وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: “قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء” وقال الإمام عبد الغني النابلسي: “فهو القديم وحده والباقي في القيد نحن وهو في الإطلاق” وقال ابن تيمية في سبعة من كتبه إن العالم أزلي بنوعه حادث بأفراده وهذا كفر صريح كما قال الزركشي وغيره لأن القول بأزلية العالم نفي لخالقية الله. ويكفي في رد عقيدة ابن تيمية هذه قوله تعالى: “هو الأول” وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان الله ولم يكن شىء غيره” لأن نوع العالم غير الله كما أن أفراده غير الله. فقوله “ولم يكن شىء غيره” أي أنه لا أزلي سواه.