صفة العلم لله تعالى:
العلم صفة ثابتة لله تعالى أزلية لا ابتداء لها أبدية لا انتهاء لها كسائر صفاته، والله تعالى عالم بذاته وصفاته وما يحدثه من مخلوقاته، وهو عالم بكل شىء قبل حصوله، يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون، ولا يقبل علمه الزيادة ولا النقصان، لأن الله لو كان علمه يزيد وينقص لكان مثل خلقه، فعلم الله لا يتغير لأن تغير العلم جهل والجهل مستحيل على الله. فهو تبارك وتعالى لا يخفى عليه شىء فهو عالم لا كالعلماء لأن علم غيره مخلوق حادث. والله تعالى يعلم ما يحدث في الآخرة التي لا نهاية لها، يعلم ذلك جملة وتفصيلا. والدليل العقلي على صفة العلم فهو أنه تعالى لو لم يكن عالما لكان جاهلا والجهل نقص والنقص مستحيل على الله، وأما من القرءان فهو قوله تعالى: “وهو بكل شىء عليم”. أما قوله تعالى: “وكان الله بكل شىء محيطا” فليس معناه أن الله محيط بالعالم كإحاطة الحقة بما فيها (والحقة شىء مستدير توضع فيه الأشياء الثمينة)، إنما معناه إحاطة العلم والقدرة أي أنه لا يخرج شىء عن قدرة الله وعلمه. أما قول الله تعالى: “قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله” فمعناه علم جميع الغيب والغيب هو ما غاب عنا، أما بعض الغيب فإن الله يطلع عليه بعض خلقه من أنبياء وملائكة، فمن يقول إن الرسول يعلم بكل شىء يعلمه الله جعل الرسول مساويا لله في صفة العلم فلا مخلص له من الكفر. وأما قوله تعالى: “ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين” فليس معناه أنه سوف يعلم المجاهدين بعد أن لم يكن عالما بهم بالامتحان والاختبار، وهذا يستحيل على الله تعالى، بل المعنى أن الله تعالى يبتلي عباده بما شاء من البلايا حتى يظهر لعباده من هو الصادق المجاهد في سبيل الله الذي يصبر على المشقات مع إخلاص النية لله تعالى ومن هو غير الصادق الذي لا يصبر. ويكفر من يقول إن الله تعالى يكتسب علما جديدا.