صفة السمع والبصر لله تعالى:
قال الله تعالى: “ليس كمثله شىء وهو السميع البصير” فالله تعالى وصف نفسه بأنه ليس كمثله شىء وأنه سميع بصير، نفى أولا أن يكون مشابها للمخلوقات بوجه من الوجوه، ثم وصف نفسه بأنه سميع بصير، فهذا يدل على أن سمع الله لا يشبه سمع المخلوقات وبصره لا يشبه بصر المخلوقات، وكذلك سائر صفات الله لا تشبه صفات خلقه، فالله تعالى يسمع كل المسموعات بسمع أزلي لا ابتداء له، لا بسمع يحدث عند حدوث الأصوات وهو سبحانه يرى كل الموجودات بلا استثناء برؤية أزلية لا ابتداء لها وليست برؤية تحدث له عند حدوث المرئيات لأن ذلك شأن العباد يسمعون الأصوات بسمع يحدث لهم عند حدوثها ويرون المبصرات برؤية تحدث لهم عند رؤيتها. والله تعالى لو لم يكن بصيرا رائيا لكان أعمى، والعمى أي عدم الرؤية نقص على الله، والنقص عليه مستحيل. فالله تعالى يسمع كل المسموعات من غير حاجة إلى أذن أو ءالة أخرى ويرى كل المبصرات من غير حاجة إلى حدقة ولا إلى شعاع ضوء وبلا شرط قرب أو بعد أو جهة. ولا يجوز أن يقال لله أذن ليست كآذاننا لأنه لم يرد إطلاق الأذن مضافا إلى الله لا في الكتاب ولا في السنة ومن قال لله أذن فقد كفر ولو قال له أذن ليست كآذاننا، قال الإمام أبو الحسن الأشعري: “ما أطلق الله على نفسه أطلقناه عليه وما لا فلا”. واعلم أن علماء الإسلام يقولون: نؤمن بإثبات ما ورد في القرءان كالعين على أنها صفة يعلمها الله لا على أنها جارحة كعيوننا، فإن الجوارح أي الأعضاء مستحيلة على الله لقوله تعالى: “ليس كمثله شىء”. فلو كان لله عين بمعنى العضو والجسم لكان مثلا لنا ولجاز عليه ما يجوز علينا من الموت والفناء والتغير والتطور. فالعين في لغة العرب تأتي بمعنى الماء النابع والجاسوس وتأتي بمعنى الحفظ كما في قول الله تعالى عن سفينة نوح: “تجري بأعيننا” أي بحفظنا لها وليس كما قال المشبهة الذين يحملون الآيات المتشابهة على الظاهر عين حقيقية، هؤلاء جعلوا تلك السفينة بما فيها من بشر وبهائم وبقر وحمير في ذات الله والعياذ بالله من الضلال والكفر.