الجمعة أكتوبر 18, 2024

شَهادَةُ الذِّئْبِ لَهُ بالنُبُوّةِ

453-        

……………………………………….


 

وَبِالنُّـبُـوَّةِ لَـهُ الـذِّئْـبُ شَــهِـدْ


 




(وَبِالنُّبُوَّةِ لَهُ) أي للنَّبِيّ ﷺ (الذِّئْبُ) قَد (شَهِدْ) بكلامٍ عربيّ فصيحٍ صحيحٍ مسموعٍ. رَوَى أبو نُعَيمٍ في «الدّلائِل» عن أبي سعيدٍ الخُدريّ قالَ: بَيْنَما راعٍ يَرْعَى بِالحَرَّةِ إِذِ انْتَهَزَ الذِّئْبُ شاةً فَتَبِعَهُ الرّاعِي فَحالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَها فَأَقْبَلَ الذِّئْبُ عَلَى الرّاعِي فَقالَ: يا راعِي أَلا تَتَّقِي اللهَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ ساقَهُ اللهُ إِلَيَّ، فَقالَ الرّاعِي: العَجَبُ مِنْ ذِئْبٍ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي بِكَلامِ الإِنْسِ فَقالَ الذِّئْبُ: أَلا أُخْبِرُكَ بِما هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذا؟ هَذا رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ الحَرَّتَيْنِ يَدْعُو النّاسَ إِلَى أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ، فَساقَ الرّاعِي شاءَهُ حَتَّى أَتَى إِلَى المَدِينَةِ فَزَواها إِلَى زاوِيَةٍ مِنْ زَواياها ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِما قالَ الذِّئْبُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صَدَقَ الرّاعِي، أَلا إِنَّهُ مِنْ أَشْراطِ السّاعَةِ كَلامُ السِّباعِ الإِنْسَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ([1]) لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّباعُ الإِنْسَ وَحَتَّى يُكَلِّمَ الرَّجُلَ شِراكُ نَعْلِهِ وَيُحَدِّثَهُ سَوْطُهُ وَيُخْبِرُهُ بِما أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ».

وقَد سَمّى بعضُهم([2]) الرّاعيَ أُهبانَ بنَ سِنانَ بنِ الأكوَعِ وأنّه أنشَدَ عَقِبَ ذلكَ: [الوافِر]

رَعَيتُ الضَّأْنَ أَحْمِيهَا بِنَفْسِي

¯¯

مِنَ اللِّصِّ الخَفِيِّ وَكُلِّ ذَيبِ

فَلَمَّا أَنْ رَأَيْتُ الذِّئْبَ يَعْوِي

¯¯

يُبَشِّرُنِي بِأَحْمَدَ مِنْ قَرِيبِ

يُبَشِّرُنِي بِدِينِ الحَقِّ حَتَّى

¯¯

تَبَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ لِلْمُجِيبِ

قَصَدْتُ إِلَيْهِ قَدْ شَمَّرْتُ ذَيْلِي

¯¯

عَنِ السَّاقَيْنِ قَاصِدُهُ رَكِيبِ

أَلَا أَبْلِغْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو

¯¯

وَإِخْوَتَهَا خُزَاعَةَ أَنْ أَجِيبِي

دُعَاءَ المُصْطَفَى لَا شَكَّ فِيهِ

¯¯

فَإِنَّكِ إِنْ فَعَلْتِ فَلَنْ تَخِيبِي

فكانَ بعد ذلكَ مِن خيارِ المُسلمِينَ، وشَهِدَ القادِسِيّةَ وماتَ بالكُوفةِ في خلافةِ عثمانَ ابنِ عفّانَ رضي الله عنه.



([1]أَيْ أَحْلِفُ بِاللهِ الَّذِي نَفْسِي تَحْتَ مَشِيئَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الجَارِحَةِ وَالعُضْوِ.

([2]أنساب العرَب، أبو المنذر العتابي، (ص/199).