السبت سبتمبر 7, 2024
      • شرح مَعنى العُبوديّة للهِ تعالى

        يقولُ أهلُ العِلمِ: “لمّا كانت العبادةُ أشرَفَ الخِصالِ والتَّسَمِّي بها أشرَفَ الخُطَب، سمّى اللهُ نبيَّهُ عبدًا”، ولذلك لمّا وصلَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم إلى الدرجاتِ العالية والمراتبِ الرَّفيعة أوْحَى اللهُ تعالى إليه <<يا محمّدُ بمَ أُشَرِّفُكَ>>، هذا في ليلةِ المِعراج، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “ربّي بأنْ تَنْسُبَني إلى نفسِكَ بالعُبودِيّة”، فأنزَلَ اللهُ في كتابِهِ  {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}.

        ولذلك قال القاضي عياض المالِكيّ “وممّا زادَني شرَفًا وتِيهًا وكِدْتُ بأخَمَصي أطَأُ الثُّريّا دخولي تحتَ قولِكَ يا عِبادي وأنْ صيَّرْتَ أحمدَ لي نبيًّا” صلّى اللهُ عليه وسلّم.

        فالعُبودِية يا أحبابَنا (كلمة عبد) تُطْلَقُ على ذَوِي الأرواحِ والعُقول. فلا نقولُ عنِ البَهيمةِ عبدٌ لأنّها ليستْ مِنْ ذَوِي العقول، ولا نقولُ عنِ الجِدارِ عبدٌ لأنّهُ ليسَ مِنْ ذَوِي الأرواحِ ولا مِنْ ذَوِي العقولِ.

        فإذًا العُبوديّة مرتبةٌ عظيمةٌ، أنْ تكونَ عبدًا خاشِعًا للهِ خاضِعًا تقيًّا صالِحًا، فإنَّ مَنْ وصلَ إلى هذه المَرتَبة يصيرُ مِنْ عِبادِ اللهِ الصّالِحين، واللهُ يَحْفَظُ عِبادَهُ الصّالِحينَ منَ الشيطانِ الرّجيمِ كما قال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}.

        وجاءَ في الحديثِ الذي رواهُ الشّيخانِ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، قال اللهُ تعالى: “أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصّالِحين ما لا عيْنٌ رَأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشر”، ثمَّ قالَ أبو هريرة فاقرَأوا إنْ شئتُمْ { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.