لا شك أن أهل السُّنَّة والجماعة أجمعوا على فضل أصحاب المذاهب الأربعة أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل رضوان الله عليهم.
أما الألباني الذي يهوى الشذوذ فله رأي ءاخر حيث يقول: بأن عيسى لما ينزل لا يحكم بالنصرانية ولا باليهودية ولا بالفقه الحنفي([1]).
فانظروا كيف يتكلم عن هذا العالم الجليل الذي فسر به حديث: «لو كان العلم بالثُّريا لتناوله ناس من أبناء فارس»([2]).
فكيف يقول عن أبي حنيفة النعمان هذا وقد أخذ علمه عن التابعين والتقى بأنس بن مالك لما دخل الكوفة، ومشايخه كثر أمثال عطاء بن أبي رباح والشَّعبي ونافع مولى ابن عمر([3])، ومحمد بن المنكدر وابن شهاب الزهري ومحمد الباقر وعبد الرحمٰن بن هرمز الأعرج وحماد بن أبي سليمان وجميعهم من أكابر التابعين.
وروى عنه خلق كثير، ودرس على يديه أكابر العلماء مثل محمد بن الحسن شيخ الشافعي وأبي يوسف القاضي، ووكيع شيخ الشافعي وعبد الله بن المبارك وزفر بن هذيل التميمي وداود الطائي وحماد بن أبي حنيفة وغيرهم، حتى قال عنه الشافعي: «الناس عيال على فقه أبي حنيفة»، وقال عنه يحيـى ابن مَعين أحد نقاد الرجال: «كان أبو حنيفة لا يدرّس إلا من حفظه».
فلأي سبب تطعن بمثل هذا الإمام أيها الألباني، وأي شيء جعلك تطعن بالشافعي والحافظ البغدادي يروي عنه([4]) بالإسناد الصحيح أنه قال: «إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء على قبره كل يوم فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى».
فماذا تقول بعد هذا البيان أيها الألباني! هل ترجع عن قولك هذا أم تناطح رجلًا كالشافعي فُسر به حديث النبي ﷺ: «عالم قريش يملأ الأرض علمًا»([5])، أم تراك تغير على هذا الحديث بالتضعيف لتهشم الشافعي وترفع من قدر نفسك لجهلك بمعنى الحديث الذي رواه الحاكم([6]) وفيه: «من أقام بمسلم مقام سمعة أقامه الله يوم القيامة مقام سمعة ورياء».
وحسبنا حكمًا بيننا وبينك قول أفضل البشر وخاتم النبيين سيدنا محمد ﷺ: «ليس من أمتي من لم يجلّ كبيرها ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه» رواه أحمد وغيرُه([7]).
فمن أي باب يا ألباني تذم الإمام أبا حنيفة والشافعي وأنت بلغ جهلك مبلغه، ولأي سبب تحمل على أئمة السلف وأنت مفلس من العلم والفقه، لقد صدق سيدنا علي t حين قال: «والجاهلون لأهل العلم أعداء» أما ءان لكم يا جماعة الألباني أن تسكتوا وتكفوا عن هؤلاء الشرفاء الأطهار الذين رفعوا راية محمد وحفظوا السُّنَّة.
([1]) انظر: كتابه المسمّى «صحيح الترغيب والترهيب»، باب: نزول عيسى.
([3]) وهو أثبت الناس بحديث ابن عمر.
([5]) رواه البيهقي في مناقب الشافعي (1/54).
([7]) مسند أحمد (5/323)، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (1/127)، للطبراني في المعجم الكبير.