الأحد ديسمبر 7, 2025

س41: ما الدليل على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف([1])؟

قال الله تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفرحون} [الحج: 77].

الحديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها»([2]) الحديث. مسلم، صحيح مسلم، (كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة […]، 2/704).

[1])) روى مسلم في صحيحه (كتاب فضل الصيام، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر […]، 2/218) حين سئل النبي ﷺ عن صوم يوم الاثنين قال: «ذاك يوم ولدت فيه».

* من البدع الحسنة الاحتفال بمولد الرسول ﷺ، فهذا العمل لم يكن في عهد النبي ﷺ ولا الصحابة، وإنما أحدث في أوائل القرن السابع للهجرة، وأول من أحدثه المظفر ملك إربل، وكان عالـما سنيا تقيا شجاعا، جمع لهذا كثيرا من العلماء، فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين، فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها. وقد تقدم ذلك عند الكلام على البدعة الحسنة مع الأدلة والكتب والإلحاق بالمصورات.

[2])) فإن قيل: هذا معناه من سن في حياة رسول الله ﷺ، أما بعد وفاته فلا. فالجواب أن يقال: لا تثبت الخصوصية إلا بدليل. وهنا الدليل يعطي خلاف ما يدعون، حيث إن رسول الله ﷺ قال: «من سن في الإسلام»، ولم يقل: من سن في حياتي، ولا قال: من عمل عملا أنا عملته فأحياه، ولم يكن الإسلام مقتصرا على الزمن الذي كان فيه رسول الله ﷺ، فبطل زعمهم.

فإن قالوا: سبب الحديث أن أناسا فقراء شديدي الفقر يلبسون النمار (وهو شيء يعمل من صوف وشعر، خرقوا وسطه وأدخلوه على رؤوسهم، ليس معه شيء غيره يلبسونه، وهو شيء يلبس للبرد عادة) جاؤوا، فتمعر وجه رسول الله ﷺ لما رأى من بؤسهم، فتصدق الناس حتى جمعوا لهم شيئا كثيرا، فتهلل وجه رسول الله ﷺ فقال: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها»، فالجواب أن يقال: «إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»، كما هو مقرر عند علماء الأصول، ومن أنكر ذلك فهو مكابر.

* تنبيهات:

  • هناك كتب ألفت في المولد، فيها الكذب الصريح المفترى، منها: كتاب نسب إلى الحافظ ابن حجر العسقلاني وليس له، وكتاب نسب إلى الحافظ ابن الجوزي وليس له، وهو المسمى «مولد العروس، فيجب اجتناب هذين وما أشبههما.
  • التحذير من فهم بعض الناس للرؤيا التي تنسب للعباس t في أبي لهب، أن أبا لهب يرتاح كل اثنين في نار جهنم، لأنه في هذا اليوم عندما ولد النبي أعتق جارية فرحا بولادة ابن أخيه. فهي إن ثبتت فمجرد رؤيا لا ترد النصوص أن الكافر لا يرتاح من العذاب في الآخرة طرفة عن، ولا في قبره. يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني (فتح الباري) (15/287، 288): «لكنه مخالف لظاهر القرءان، قال الله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} [الفرقان: 23] وأجيب أولا بأن الخبر مرسل، أرسله عروة، ولم يذكر من حدثه به، وعلى تقدير أن يكون موصولا، فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد، فلا يحتج به […] وأما عياض فقال: «انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض […] وقال ابن الـمنير في الحاشية: «هنا قضيتان إحداهما محال، وهي اعتبار طاعة الكافر مع كفره، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وهذا مفقود من الكافر. الثانية إثابة الكافر على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى، وهذا لا يحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة […] والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا»».اهـ.

* قال الشيخ العيني في «عمدة القاري» (20/95): «ومذهب المحققين أن الكافر لا يخفف عنه العذاب بسبب حسناته في الدنيا؛ بل يوسع عليه بها في دنياه. وقال القاضي عياض: «انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، ولكن بعضهم أشد عذابا بحسب جرائمهم».اهـ. وقال الكرماني: «لا ينفع الكافر العمل الصالح إذ الرؤيا ليست بدليل».اهـ».اهـ.