الأحد ديسمبر 7, 2025

س38: ما معنى قوله تعالى: {لم يلد ولم يولد} [الإخلاص: 3]

معناه: نفي المادية([1]) والانحلال عن الله، فالله لا يحل في شيء، ولا ينحل منه شيء، ولا يحل فيه شيء،

قال الإمام جعفر الصادق([2]): «من زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك».اهـ. القشيري، الرسالة القشيرية([3]).

[1])) المادية: المادة والجسم.

[2])) هو مجتهد مطلق كابن سيرين وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد y.

* نقل السيوطي الإجماع على كفر الاتحادية والحلولية. السيوطي، الحاوي للفتاوى، 2/125.

* فمن قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد. على أن أهل الحلول والزيغ ينسبون إلى الشيخ محيي الدين بن عربي قولا باطلا، افتراء وزورا، وهو قولهم: «إن الله خلق الخلق من أصل هو عينه»، وهذا يفهم منه أن هذه الكائنات بما فيها من جمادات وبهائم وإنس وجن هي عن ذات الله وقد حل فيها والعياذ بالله تعالى، وهل يتحول ويتبدل ويتكثر ويتطور إلا المخلوق الحادث؟! فهذه الكلمة منافية لما يتردد على ألسنة المسلمين، وهي قولهم: «سبحان الذي يغير ولا يتغير»، وهي منسجمة مع قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11].

* معنى قوله تعالى: {وهو معكم أين ما كنتم} [الحديد: 4] يعلم بكم أينما كنتم. وقوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16]، أي: أعلم بنفس الشخص من نفسه بنفسه، فالله سبحانه مع الأنبياء والأولياء بالنصرة والكلاءة والحفظ.

* والعجب كيف يستحلون هذه الكلمات، وهم يعلمون أن أفضل الذكر هو «لا إله إلا الله»، لا ذكر أحب إلى الله من «لا إله إلا الله!؟» وقد قال رسول الله ﷺ عندما سئل عن «لا إله إلا الله»: «نعم، هي أحسن الحسنات». حديث صحيح رواه البيهقي في الأسماء والصفات، (1/ 351).

* وأما ما يتناقلونه على ألسنتهم عن الله: «ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن»، فهو ليس حديثا، قال ملا علي القاري في «الأسرار المرفوعة»، ص301: «ذكره في «الإحياء»، وقال العراقي: «لم أر له أصلا».اهـ. ثم قال: «ومعناه وسع قلبه، أي: العبد المؤمن الإيمان بي وبمحبتي، وإلا فالقول بالحلول كفر».اهـ. مع أنه لا حاجة لتأويله لأنه لا أصل له.

* ويجدر التنبيه من كلام ينسب زورا وبهتانا إلى العارف المكين العالم الزاهد الشيخ أبي يزيد البسطامي قدس الله سره، وهو قول: «الجنة ملعبة الصبيان»، و«سبحاني ما أعظم شأني»، وغيرها من الأكاذيب، فحاشاه أن يتكلم مثل هذا الكلام القبيح لأنه من المتمسكين بآداب السنة الشريفة حالا وقالا وفعلا.

* ومن الأشعار المدسوسة على أولياء الله تعالى في كتاب «إيقاظ الهمم في شرح الحكم» وغيره: [المتدارك]

دع طرق الغي فالدنيا فـي

 

ما الكون إلا القيوم الحي

والمعروف الصواب عند أهل التصوف السابقين قولهم: [المتدارك]

دع طرق الغي فالدنيا فـي

 

الكل يفنى والباقي حي

والفرق بينها جلي، فلك أن ترى كم بلغ التحريف والدس مبلغه، ومنها قولهم والعياذ بالله:

أنا أنت بلا شك سبحانك سبحاني، توحيدك توحيدي وعصيانك عصياني.

ومنها قولهم والعياذ بالله: [الطويل]

وما الكون في التمثال إلا كثلجة

 

وأنت بها الماء الذي هو نابع

ومنها قولهم والعياذ بالله: [موشح]

أنت نسخة الأكوان

 

فيك صورة الرحمن

ومنها قولهم والعياذ بالله:

إذا ذكرته بالجد ترى ما لا تراه
يا خليلي قل الله وحده في الكثرة
اثنان نحن وفي الحقيقة واحد

 

كل ما تهواه موجود في ذات الله
لا ترى ما سوى الله في كل كائنة
لكن أنا الأدنى وأنت الأكبر

وهذه الأبيات الأخيرة موجودة في كتاب يسمى «مزامير داود».

* وهاك قصيدة البدر المحمدي اللامع السيد محمد مهدي الصيادي الرفاعي الحسيني الشهير بالرواس t، وفيها رد على أهل الوحدة: [السريع]

دع وهم أهل الوحدة المطلقه
كل اتحاد حكمه باطل
من غير الأيام أحواله
ثم حنته ثم طاحت به
ومن يرى الفقر ويلقى العنا
وكل وقت كله حاجة
وتكتنفه في الخلا وحشة
يبول مقهورا وتلوى به
يكون عين الله عز اسمه
فنزه الخالق عن قول من
ما وحد الله تعالى امرؤ

 

وافهم رموز الجمع والتفرقه
وشاهد الظاهر قد مزقه
وشيبت رغما له مفرقه
تحت الثرى في حفرة مغلقه
وتعتريه النوب الـمقلقه
لثوبه والخبز والـملعقه
ويتزره الأنس بالطقطقه
لنومه جثته الـمعرقه
حاشا وذا من دنس الزندقه
أشرك واطرح هذه الشقشقه
معتقد بالوحدة الـمطلقه

الرواس، ديوان مشكاة اليقين، ص225.

* وقال السيد الكبير أحمد الرفاعي القطب الغوث أمدنا الله بأمداده ورضي الله عنه: «لفظتان ثلمتان في الدين: القول بالوحدة، والشطح المجاوز حد التحدث بالنعمة».اهـ. أحمد الرفاعي، حكم أحمد الرفاعي، ص7. أي: أن التلفظ به هدم للدين، ولو لم يعتقد قائله المعنى الذي هو اتحاد الله بالعالم، لكنه يفهم معنى تلك الألفاظ الصريحة بذلك.

* وقال السيد أحمد الرفاعي: «كل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة. إذا رأيتم شخصا تربع في الهواء، فلا تلتفتوا إليه حتى تنظروا حاله عند الأمر والنهي». أحمد الرفاعي، البرهان المؤيد، ص138.

* وفي قصة الشيخ عبد القادر الجيلاني حيث ظهر له الشيطان متشكلا بنور منبث في الهواء فتتدلى منه صورة نورانية، وقال له: يا عبدي، يا عبد القادر، أسقطت عنك الواجبات، وأبحت لك المحرمات. فعندما أنهى الشيخ عبد القادر صلاته، قال: خسئت يا لعين، فقال الشيطان: كيف عرفتني وقد أغويت سبعين عابدا من قبلك بهذه الطريقة؟ فقال الشيخ عبد القادر: كيف تسقط عني الواجبات وتباح لي المحرمات ولم يحصل هذا لسيدي محمد ﷺ، وجئتني بنور مخلوق والله خالق النور، وتكلمت بصوت وحرف ولغة، وكلام الله ليس ككلامنا، وكنت في مكان، والله لا يسكن الأماكن. وفيها من حسن الرد على المشبهة والحلولية من الشيخ الجيلاني t، وفيها أنه غالب الشيطان بالعلم الذي تعلمه. وهي قصة مشهورة جدا رواها الشيخ عبد القادر لولده الشيخ موسى، وذكرها العلماء بالإسناد. ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ٤/١٩٩.

* في كتاب «عقود الألماس بمناقب الإمام العارف الحبيب أحمد بن حسن العطاس»، لمؤلفه السيد علوي بن طاهر الحضرمي، فتوى الشيخ أحمد الرملي عن القائل بوحدة الوجود، ويحذر مؤلفه من مطالعة الكتب المنسوبة للقوم (لأن فيها دسائس، والصحيح فيها يحتاج لشرح وفهم وعلم).

[3])) القشيري، الرسالة القشيرية، ص35.