س37: ماذا يجب للأنبياء؟ وماذا يستحيل عليهم؟
يجب أن يكونوا متصفين بالصدق والأمانة والفطانة والعفة([1]) والشجاعة([2]) والفصاحة([3]). ويستحيل عليهم الكذب([4]) والخيانة والرذالة والزنى وسائر الكبائر والكفر قبل النبوة وبعدها.
قال تعالى: {وكلا فضلنا على العالمين} [الأنعام: 86].
الحديث «ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت». الترمذي، الشمائل المحمدية (15).
[1])) يجب علينا أن نعتقد أن الأنبياء من صغرهم مؤمنون. لا يرتكبون الزنى، ولا يعزمون على فعله، ولا حتى يترددون: أفعل أو لا أفعل؟ سيدنا يوسف u لم يهم بالزنى، أصل الهم ما حصل، وهو كقول القائل: «زرتك لولا أمطرت»، ومعناه: أن الزيارة لم تحصل بسبب المطر.
[2])) أنبياء الله كلهم شجعان. سيدنا موسى u عندما ترك قومه كان هذا من الحكمة، لأنه لو بقى بينهم لقتلوه، فهو لا طاقة له بهم، فهذا لا يكون جبنا. وخروج سيدنا محمد ﷺ من مكة لا يدل على الجبن، إنما خرج بأمر من الله.
[3])) أنبياء الله ما فيهم من هو فأفاء أو ألثغ، والألثغ هو الذي يصير الراء غينا أو لاما والسين ثاء… وأما نبي الله موسى u الذي تأثر لسانه بالجمرة التي تناولها ووضعها في فمه حين كان طفلا أمام فرعون لحكمة ربانية، ما تركت تلك الجمرة في لسانه أن يكون كلامه غير مفهم للناس؛ بل كان كلامه مفهما لا يبدل حرفا بحرف؛ بل يتكلم على الصواب، لكن كان فيه عقدة خفيفة، أي: بطء من أثر تلك الجمرة، ثم دعا الله تعالى لما نزل عليه الوحي قال: {واحلل عقدة من لساني (27) يفقهوا قولي} [طه: 27، 28]، فأذهبها الله عنه.
[4])) سيدنا إبراهيم u لم يكذب لما قال عن سارة زوجته: «هذه أختي»، على معنى أختي في الإسلام، وذلك ليدرأ عن نفسه القتل. ولما قال: {إني سقيم} [الصافات: 89]، على تفسير أنه كان مريضا حقيقة. وقوله: {قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} [الأنبياء: 63]، معناه: إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم، أو أن تعظيمكم لهذا الصنم الكبير وكثرة عبادتكم له دفعني لتكسير الأصنام الصغيرة، فيكون نسبة الفعل إلى الكبير من باب الإسناد المجازي، فلا كذب في ذلك.
* ينبغي التنبيه أيضا إلى تبرئة الأنبياء عما لا يليق بهم من قصص مختلقة مفتراة درج بعض الجهال على ذكرها، ومن ذلك:
افتراؤهم على إبراهيم u أنه مر بمرحلة شك في معرفة الله.
افتراؤهم على يوسف u أنه هم بالزنا بامرأة العزيز.
افتراؤهم على داود u أنه أرسل أحد قادة جيشه، ليكون في مقدم المعركة ليقتل ليستأثر هو بعد ذلك بزوجته.
افتراؤهم على أيوب u أنه أكله الدود في المرض الذي أصيب به، وذلك منفر، لا يجوز في حق الأنبياء.
فينبغي التحذير من مواضع دست في «تفسير الجلالين»، وكذا «تفسير الثعالبي»، حيث ذكر فيهما ما بين آنفا وغيره كنسبة الشرك إلى ءادم وحواء. وكل ذلك من المفتريات التي لا يجوز اعتقادها في حق الأنبياء عليهم السلام.
* صان الله الأنبياء من المنفرات، ككون أساميهم من الأسماء القبيحة الشنيعة وأخلاقهم من الأخلاق القبيحة، فإذا كان الأنبياء هكذا تعين أن تكون أساميهم حسنة، ثم إن لفظ اللواط عربي، ولوطا اسم أعجمي، فكيف يدعي مدع أنه مشتق من اللواط، وكذلك عكسه، وهو القول بأن اللواط مأخوذ من لوط، فلفظ اللواط كان قبل قوم لوط، لأن اللغة العربية لغة قديمة، فلا يجوز ادعاء هذا الاشتقاق؛ بل على من ادعى ذلك أن يخلص منه بالتشهد.