س33: ما الدليل على جواز انتفاع الميت بالصدقة؟

الحديث: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح([1]) يدعو له». مسلم، صحيح مسلم (كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الفوائد بعد وفاته، 3/1254). معناه: أن هذا مما ينتفع به المسلم مما يكون هو سببا فيه. وكذلك قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39]([2])، أي: ما يكون من فعله من الخير انتفع بهن وما كان من إحسان غيره إليه ولم يكن من فعله انتفع به، بفضل الله عليه، وذلك كصلاة الجنازة ليست من فعل الميت وينتفع بها، وكدعاء الرسول ﷺ لغيره، ليس من فعل هذا الغير وينتفع به.

[1])) دعاء الولد الصالح ليس من فعل الميت، هو دعاء غير الميت وينتفع به الميت.

[2])) أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط، 10/24. وهو سبحانه لم يقل إنه لا ينتفع إلا بما سعى، فليس في الآية تعرض لمنع الانتفاع بعمل الغير؛ بل في الحديث ما يشهد لصحة وصول الأجر والنفع من عمل الغير، كما في حديث: «إذا مات الإنسان» الحديث، وحديث البخاري في صحيحه (كتاب الوصايا، باب أرضي أو بستاني عن أمي فهو جائز […] 3/1013) عن تصدق سعد بن عبادة t عن أمه التي ماتت. فعن ابن عباس 5 أن سعد بن عبادة t توفيت أمه وهو غائب عنها، فقال: «يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ »، فقال عليه الصلاة والسلام: «نعم»، فقال سعد: «فأشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها».اهـ. (حائطي المخراف: بستاني المثمر). وما فعله سعد بن عبادة ليس من فعل أمه، والرسول ﷺقال له: «نعم»، أي ينفعها.

قال الزبيدي في «إتحاف السادة المتقن» (10/373): «ثم قال السيوطي: واستدلوا على الوصول بالقياس على الدعاء والصدقة والصوم والحج والعتق، فإنه لا فرق في نقل الثواب بين أن يكون عن حج أو صدقة أو وقف أو دعاء أو قراءة، وبالأحاديث الواردة فيه، وهي وإن كانت ضعيفة فمجموعها يدل على أن لذلك أصلا، وبأن المسلمين ما زالوا في كل مصر يجتمعون ويقرؤون لموتاهم من غير نكير، فكان ذلك إجماعا».اهـ.