الإثنين ديسمبر 8, 2025

س3: كيف تصح العبادة؟

تصح عبادة الله ممن يعتقد وجود الله ولا يشبهه بشيء من خلقه([1]). قال تعالى: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11].

…………………………………………………………………………………………………….

 

 

الحديث: «لا فكرة في الرب([2])». السيوطي، الدر المنثور.

[1])) لا تكون عبادة الإنسان صحيحة إلا مع الإيمان، ودليل ذلك قوله تعالى: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولـئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} [النساء: 124].

فالله تعالى جعل الإيمان شرطا لا بد منه لصحة العمل، ثم لا بد من موافقة العمل للشريعة. ولا تصح العبادة إلا بعد معرفة المعبود، ومعنى معرفة المعبود أن يعتقد أن الله موجود لا كالموجودات، لا يشبه القمر ولا الضوء ولا الظلام، ليس حجما وليس جسما، لا يتحيز في السماء ولا العرش.

* جندب بن عبد الله t قال: «كنا مع النبي ﷺ ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرءان، ثم تعلمنا القرءان فازددنا به إيمانا». ابن ماجه، سنن ابن ماجه، (كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب في الإيمان، 1/ 23). قال الحافظ البوصيري: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات».اهـ. البوصيري، مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، 1/ 120.

* وقال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأبسط: «الفقه في الدين أفضل من الفقه في الأحكام».اهـ.

* وقال الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأكبر عن التوحيد وعلم العقيدة والفقه الأكبر: «أصل التوحيد وما يصح الاعتقاد عليه».اهـ.

* وقال الإمام الأشعري: «أول ما يجب على العبد العلم بالله ورسوله ودينه».اهـ. السبكي، تشنيف المسامع، 4/323.

* وقال العلامة البياضي الحنفي: «فقد قال مشايخنا رحمهم الله تعالى: تعليم صفة الإيمان للناس وبيان فضائل أهل السنة والجماعة من أهم الأمور، وألف السلف فيها تآليف كثيرة، كما في «سير الذخيرة» و«التتار خانية»، وأشار إليه بقوله: «إذا مال إلى الحق وعرف أهله كان لهم وليا»».اهـ. البياضي، إشارات المرام، ص23، 24. وهذا يدل أن أولى العلوم تحصيلا هو معرفة الله ورسوله ﷺ.

* ومما يجب معرفته على كل مكلف ثلاث صفة لله تعالى، وهي: الوجود والقدم والوحدانية والبقاء والقيام بالنفس والمخالفة للحوادث والقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام. ذكر ذلك كثير من العلماء، ومنهم:

عبد المجيد الشرنوبي في «شرح تائية السلوك»، ص96 – 98.

أبو بكر الدمياطي المشهور بالسيد البكري في كتابه «إعانة الطالبين» (1/25، 26).

أحمد المرزوقي المالكي صاحب «عقيدة العوام»، ص6.

النووي في كتابه «المقاصد»، ص11، 12.

أبو حنيفة في «الفقه الأكبر»، (ص1 – 3).

ثم إنه لأهمية هذا العلم ألف أهل العلم المؤلفات المتعددة في بيانه، ومنهم:

  • الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي t (المتوفى سنة 150هـ)، ألف خمس رسائل، وهي: الفقه الأكبر، والرسالة، والفقه الأبسط، والعالم والمتعلم، والوصية. وهو أول متكلمي أهل السنة من الفقهاء.
  • وقد ألف أبو حنيفة t «الفقه الأكبر»، و«الرسالة» في نصرة أهل السنة، إلى مقاتل بن سليمان صاحب التفسير، وكان مجسما، وقد ناظر فرقة الخوارج والقدرية والدهرية، وكانت دعاتهم بالبصرة، فسافر إليها نيفا وعشرين مرة، وقضهم بالأدلة الباهرة.
  • الإمام الشافعي t (المتوفى سنة 204هـ) صنف كتاب «القياس»، رد فيه على من قال بقدم العالم من الملحدين، وكتاب «الرد على البراهمة»، وغير ذلك.
  • المحدث نعيم بن حماد الخزاعي هو من أقران الإمام أحمد5 (المتوفى في حبس الواثق سنة 228هـ) صنف كتابا في الرد على الجهمية وغيرهم.
  • المحدث محمد بن أسلم الطوسي (المتوفى سنة 242هـ) من أقران الإمام أحمد 5، صنف في الرد على الجهمية.
  • الحارث المحاسبي (المتوفى سنة 243هـ).
  • الحسين الكرابيسي (المتوفى سنة 248هـ) صاحب الإمام الشافعي t.
  • عبد الله بن سعيد بن كلاب المتوفى بعد الأربعين ومائتين هجرية بقليل.
  • الإمام البخاري محمد بن إسماعيل (المتوفى سنة 256هـ) سيد المحدثين في زمانه، صنف كتاب «خلق أفعال العباد».
  • الإمام أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة t (المتوفى سنة 324هـ).
  • الإمام أبو منصور الماتريدي إمام أهل السنة والجماعة t (المتوفى بقليل بعد أبي الحسن الأشعري).
  • القاضي أبو بكر الباقلاني (المتوفى سنة 403هـ).
  • الأستاذ أبو بكر بن فورك (المتوفى سنة 406هـ).
  • أبو إسحاق الأسفراييني (المتوفى سنة 418هـ).
  • الأستاذ أبو منصور عبد القاهر التميمي البغدادي (المتوفى سنة 429هـ) صنف «أصول الدين» وغيره.
  • إمام الحرمين عبد الملك الجويني (المتوفى سنة 478هـ).
  • الغزالي أبو حامد (المتوفى سنة 505هـ).
  • الحافظ ابن الجوزي (المتوفى سنة 597هـ)، ومن مصنفاته «الباز الأشهب».
  • وغيرهم كثير كثير، وليس مرادنا بما ذكرنا إحصاءهم، فمن منا يحصي نجوم السماء أو يحيط علما بعدد رمال الصحراء؟!

* ونحن نحمد الله تعالى على هذه العقيدة السنية التي نحن عليها، والتي كان عليها رسول الله ﷺ وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، والتي مدح الرسول ﷺ معتنقها فقال فيما رواه الإمام أحمد في مسنده، (4/335)، والحاكم في مستدركه، بسند صحيح، (كتاب الرقى والتمائم، 8/112): «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش». ولقد فتحت القسطنطينية بعد ثمانمائة عام، فتحها السلطان محمد الفاتح رحمه الله، وكان سنيا يعتقد أن الله موجود بلا مكان، ويحب الصوفية الصادقين، ويتوسل بالنبي ﷺ.

* وقد ألف العالم المتكلم الفقيه محمد بن هبة الله المكي الحموي رسالة سماها «حدائق الفصول»، والتي اشتهرت فيما بعد باسم قصيدة أو عقيدة ابن مكي، وقد أهداها للسلطان يوسف صلاح الدين رحمه الله، فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في المدارس، فسميت «العقيدة الصلاحية»، وقد كان صلاح الدين عالـما فقيها شافعيا، له إلمام بعلم الحديث، يحضر مجالس المحدثين، وله رواية عنهم، حفظ «التنبيه» في الفقه الشافعي.

[2])) البغوي، تفسير البغوي، 7/417. السيوطي، الدر المنثور في التفسير المأثور، 7/622، معناه: حرام التفكير في ذات الله. يروى عن أبي بكر الصديق t أنه قال: [البسيط]

«العجز عن درك الإدراك إدراك

 

والبحث عن ذاته كفر وإشراك»

اهـ. السبكي، تشنيف المسامع، 4/80.

* وقال أبو بكر الصديق t أيضا: «الحمد لله الذي لم يجعل للخلق سبيلا إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته».اهـ. محمد مرتضى الزبيدي، إتحاف السادة المتقين، 2/71.

* وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: «إن الذي يجب علينا وعلى كل مسلم أن يعلم، أن ربنا ليس بذي صورة ولا هيئة، لان الصورة تقتضي الكيفية، وهي عن الله وعن صفاته منفية».اهـ. البيهقي، الأسماء والصفات 2011، ص218، 219.

* ومن أسماء الله «الـمصور»، فلا يجوز أن يكون المصور مصورا فيكون صورة، وذلك منفي عن الله تبارك وتعالى.