س22: ما هو أول المخلوقات؟
أول المخلوقات الماء.
قال تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} [الأنبياء: 30]([1]).
الحديث: «كل شيء خلق من الماء»([2]). ابن حبان، صحيح ابن حبان (كتاب الصلاة، ذكر إيجاب دخول الجنان للقائم في سواد الليل يتملق إلى مولاه، 3/421).
[1])) المراد الحي والجماد، وخص الحي بالذكر لشرفه على الجماد.
[2])) أبو هريرة t قال للنبي ﷺ: يا رسول الله، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء؟ فقال: «كل شيء خلق من الماء».
* روى السدي عن جمع من أبناء الصحابة عن آبائهم عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء». ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، 9/533. وروى البخاري في الصحيح (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [الروم: 27]، 3/789) أن رسول الله ﷺ قال: «كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء».
* فإن قيل: أليس قال رسول الله ﷺ: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر، خلقه الله من نوره قبل الأشياء»؟ فالجواب: أنه يكفي في رد هذا الحديث كونه مخالفا للأحاديث الثلاثة الصحيحة السابقة، وأما عزو هذا الحديث للبيهقي فغير صحيح، إنما ينسب إلى مصنف عبد الرزاق، ولا وجود له في مصنفه؛ بل الموجود في تفسير عبد الرزاق عكس هذا، فقد ذكر في تفسره (2/ 183) عن قتادة في شرح قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]: «هذا بدء خلقه قبل أن يخلق السماوات والأرض ».اهـ.
* وقال الحافظ السيوطي في «الحاوي» (1/311، 313) 100 «ليس له [أي حديث جابر] إسناد يعتمد عليه».اهـ. وهو حديث موضوع مكذوب جزما، وقد صرح الحافظ السيوطي بأنه لم يثبت، في شرحه على الترمذي، وأكد الشيخ الحافظ محدث عصره الشيخ أحمد بن الصديق الغماري الحكم عليه بالوضع في «الـمغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير» (ص52)، فهذا الحديث لم يصححه أحد من الحفاظ، لأن العبرة في التصحيح والتضعيف أن يكون من حافظ، وهذه القاعدة ذكرها الحافظ السيوطي في ألفيته في مصطلح الحديث، ص 8، فقال: [الرجز]
وخذه حيث حافظ عليه نص |
| أو من مصنف بجمعه يخص |
* ومن المعلوم أن كلام الرسول ﷺ لا ينقض بعضه بعضا، وهذا الحديث الموضوع الجملة الثانية منه تنقض الأولى، وذلك لأن في الجملة الأولى «أول ما خلق الله تعالى نور نبيك»، جعل نور النبي ﷺ أول العالم والمخلوقات على الإطلاق، ثم هذه الجملة «خلقه من نوره قبل الأشياء» إن اعتبر أن معنى «من نوره»، أي: نور مخلوق لله على أن الإضافة إضافة الملك إلى المالك ليست إضافة صفة إلى موصوف، يكون المعنى أن أول المخلوقات نور خلقه الله ثم خلق منه نور محمد، فهذا يناقض الجملة الأولى، لأن الجملة تدل على أن نور محمد أول المخلوقات على الإطلاق، وهذه الجملة «خلقه الله من نوره قبل الأشياء» تدل على أن أول المخلوقات نور خلق منه نور محمد، فيكون نور محمد متأخرا عن ذلك النور في الوجود، فلا يصح على هذا قول: «نور محمد أول المخلوقات على الإطلاق». وأما إن اعتبرت الإضافة التي في نوره إضافة الصفة إلى الموصوف فالبلية أشد وأكبر، لأنه يكون المعنى أن سيدنا محمدا جزء من صفة الله وهذا إثبات البعضية لله، وذلك كفر، والله منزه عن البعضية والتركيب والتجزؤ.