الخميس نوفمبر 21, 2024

سُورَةُ التَكوِيرِ

مَكِيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشرُونَ آيَة

بِسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحِيمِ

رَوَى الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ فَليَقَرَأ قَوله تَعَالَى: إِذَا الشَمْسُ كُوِّرَتْ.

إِذَا الشَمْسُ كُوِّرَتْ: لُفَّتْ وَذُهِبَ بِنُورِهَا وَقِيلَ أَظْلَمَتْ.

وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ: أَي تَنَاثَرَتْ وَسَقَطَتْ عَلَى الأَرْضِ.

وَإِذَا الجِبَالُ سُيِّرَتْ: ذُهِبَ بِهَا عَنْ وَجهِ الأَرْضِ فَصَارَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا.

وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ: قَالَ المُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ : العِشَارُ النُوقُ الحَوَامِلُ عُطِّلَتْ تُرِكَتْ بِلَا رَاعٍ أَوْ بِلَا حَالِبٍ لِمَا دَهَاهُمْ مِنَ الأُمُورِ وَلَمْ يَكُنْ مَالٌ أَعْجَبَ إِلَيهِمْ مِنْهَا.

وَإِذَا الوُحُوشُ حَشِرَتْ: جُمِعَتْ بَعدَ البَعْثِ لِيُقْتَصَّ مِنْ بَعضٍ لِبَعضٍ ثُمَّ تَصِيرَ تُرَابًا.

وَإِذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ: أُوقِدَتْ فَاشتَعَلَتْ نَارًا قَالَهُ عَلِيٌ وَابنُ عَبَاس ٍرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَإِذَا النُفُوسُ زُوِّجَتْ: قَالَ عُمَرُ: الصَالِحُ مَعَ الصَالِحِ فِي الجَنَّةِ وَالفَاجِرُ مَعَ الفَاجِرِ فِي النَّارِ وَقِيلَ زَوِّجَتْ أَنْفُسُ المُؤمِنِينَ بِالحُورِ العِينِ.

وَإِذَا المَوؤُدَةِ: الجَارِيَةِ تُدفَنُ حَيَّةً خَوفَ العَارِ وَالحَاجَةِ.

سُئِلَتْ: هَذَا السُؤَالُ لِتَوبِيخِ الفَاعِلِينَ لِلوَأدِ لِأَنَّ سُؤَالَهَا يُؤَدِّي إِلَى سُؤَالِ الفَاعِلِينَ.

بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ: حِكَايَةٌ لِمَا تُخَاطَبُ بِهِ وَجَوَابُهَا أَنْ تَقُولَ قُتِلتُ بِلَا ذَنْبٍ.

وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ: أَي صُحُفُ الأَعمَالِ كَانَتْ مَطوِيَّةً عَلَى الأَعمَالِ فَنُشِرَتْ يَومَ القِيَامَةِ لِيَقْرَأَ كُلُّ إِنْسَانٍ كِتَابَهُ.

وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ: نُزِعَتْ عَنْ مَكَانِهَا فَطُوِيَتْ.

وَإِذَا الجَحِيمُ: النَّارُ.

سُعِّرَتْ: أُجِّجَتْ.

وَإِذَا الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ: قُرِّبَتْ لِأَهلِهَا لِيَدْخُلُوهَا.

عَلِمَتْ نَفْسٌ: كُلُّ نَفْسٍ وَقتَ هَذِهِ المَذكُورَاتِ وَهُوَ يَومُ القِيَامَةِ.

مَا أَحْضَرَتْ: مِنْ خَيرٍ تَدخُلُ بِهِ الجَنَّة وَمِنْ شَرٍّ تَدخُلُ بِهِ النَّار.

فَلَا أُقْسِمُ: لَا زَائِدَةٌ وَالمَعنَى أُقْسِمُ.

بِالخُنَّسِ: وَالخُنَّسُ قَالَ الجُمهُورُ الدَرَارِيُ السَبْعَةُ الشَمْسُ وَالقَمَرُ وَزُحَلُ وَعُطَارِدُ وَالمُشتَرِي وَالمَرِّيخُ وَالزُّهرَةُ.

الجَوَارِ الكُنَّسِ: تَجرِي الخَمْسُ مَعَ الشَمْسِ وَالقَمَرِ وَتَرجِعُ حَتَّى تُخْفَى مَعَ ضَوءِ الشَمسِ فَخُنُوسُهَا رُجُوعُهَا وَكُنُوسُهَا اختِفَاؤُهَا تَحتَ ضَوءِ الشَمسِ.

وَاللَّيلِ إِذَا عَسْعَسَ: أَقسَمَ بِإِقبَالِهِ وَإِدبَارِهِ.

وَالصُبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ: فِيهِ قَولَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طُلُوعُ الفَجرِ وَالثَانِي طُلُوعُ الشَمسِ حَتَّى يَصِيرَ نَهَارًا بَيِّنًا.

إِنَّه: أَي القُرءَان.

لَقَولِ رَسُولٍ كَرِيمٍ: أَي كَرِيمٍ عَلَى اللهِ وَهُوَ جِبرِيلُ أُضِيفَ إِليهِ لِنُزُولِهِ بِهِ.

ذِيْ قُوَّةٍ: أَي شَدِيدِ القُوَى.

عِنْدَ ذِي العَرْشِ: اللهُ تَعَالَى.

مَكِينٍ: ذَا مَكَانَةٍ.

مُطَاعٍ: تُطِيعُهُ المَلَائِكَةُ فِي السَمَاواتِ.

ثَمَّ أَمِينٍ: أَمِينٌ عَلَى الوَحيِ.

وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ: يَعنِي مُحَمَّدًا وَالخِطَابُ لِأَهلِ مَكَّةَ وَهَذَا أَيضًا مِنْ جَوَابِ القَسَمِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَقسَمَ أَنَّ القُرءَانَ نَزَلَ بِهِ جِبرِيلُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَيسَ بِمَجنُونٍ كَمَا يَقُولُ أَهلُ مَكَّةَ.

وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ: رَأَى مُحَمَّدٌ جِبرِيلَ عَلَى صُورَتِهِ بِالأُفُقِ المُبِينِ وَهُوَ الأَعلَى بِنَاحِيَةِ المَشرِقِ.

وَمَا هُوَ: يَعنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

عَلَى الغَيْبِ: أَي عَلَى خَبَرِ السَمَاءِ الغَائِبِ عَنْ أَهلِ الأَرضِ.

بِضَنِينٍ: فَالمَعنَى مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ عَلَى مَا يُخبِرُ بِهِ عَنِ اللهِ تَعَالَى .

وَمَا هُوَ: يَعنِي القُرءَانُ.

بِقَوْلِ شَيطَانٍ: أَي الَّذِي يَستَرِقُ.

رَجِيْمٍ: مَرجُومٌ. قَالَ مُقَاتِلٌ[1] وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ قَالُوا إِنَّمَا يَجِيءُ بِهِ الشَيطَانُ فَيُلقِيهِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ: مَعنَاهُ فَأَيُّ طَرِيقٍ تَسلُكُونَ أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الطَرِيقَةِ الَّتِي قَدْ بُيِّنَتْ لَكُم.

إِنْ هُوَ: أَي القُرءَانُ.

إِلَّا ذِكْرٌ لِلعَالَمِينَ: أَي مَوعِظَةٌ لِلخَلقِ أَجمَعِينَ.

لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَستَقِيمَ: عَلَى الحَقِّ وَالإِيمَانِ وَالمَعنَى أَنَّ القُرءَانَ إِنَّمَا يَتَّعِظُ بِهِ مَنِ استَقَامَ عَلَى الحَقِّ وَقَدْ بَيَّنَا سَبِيلَ الاستِقَامَةِ فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ فِي تِلكَ السَبِيلَ.

وَمَا تَشَاؤُوْنَ: الاستِقَامَةَ عَلَى الحَقِّ يَا مَنْ يَشَاؤُهَا[2].

إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ: إِلَّا بِتَوفِيقِ اللهِ وَلُطفِهِ.

وَاللهُ أَعلَمُ وَأَحكَمُ.

 

[1] – قَالَ: مُقَاتِل مُجَسِمٌ خَبِيثٌ اسمُهُ مُقَاتِلُ بنُ سُلَيمَان لَكِن لَهُ شُهرةٌ كَبيرة فِي التفسير

[2] – قَالَ: يعني الاستِقَامة