سُورَةُ الاِنشِقَاقِ
وَهِيَ مَكِيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجمَاعِهِم وَهِيَ خَمسٌ وَعِشرُونَ آيَةً
بِسْمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ
إِذَا السَمَاءُ انْشَقَتْ: قَالَ المُفَسِّرُونَ انْشِقَاقُهَا مِن عَلَامَاتِ السَاعَةِ . قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ : انْشَقَتْ لِنُزُولِ المَلَائِكَةِ.
وَأَذِنَتْ: أَي استَمَعَتْ وَأَطَاعَتْ فِي الانْشِقَاقِ.
لِرَبِّهَا وَحُقَتْ: أَي حَقَّ لَهَا أَن تُطِيعَ رَبَّهَا الَّذِي خَلَقَهَا.
وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ: سُوِيِتْ وَزِيدَ فِي سَعَتِهَا كَمَا يُمَدُّ الأَدِيمُ وَلَم يَبْقَ عَلَيهَا بِنَاءٌ وَلَا جَبَلٌ.
وَأَلْقَتْ مَا فِيْهَا: مَا فِي بَطنِهَا مِنَ الأَموَاتِ إِلَى ظَاهِرِهَا وَقِيلَ مِنَ المَوتَى وَالكُنُوزِ .
وَتَخَلَّتْ: مِمَنْ عَلَى ظَهرِهَا مِنَ الأَحيَاءِ.
وَأَذِنَتْ: أَي سَمِعَتْ وَأَطَاعَت.
لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ: إِلقَاءُ مَا فِي بَطنِهَا وَتَخَلِّيهَا.
يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ: جَاهِدٌ فِي عَمَلِكَ .
إِلَى: لِقَاءِ رَبِّكَ: وَهُوَ المَوتُ.
كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ: أَي مُلَاقِي عَمَلَكَ المَذكُورُ مِن خَيرٍ أَو شَرٍّ يَومَ القِيَامَةِ.
فَأَمَّا مَنْ أُوْتِيَ كِتَابَهُ: كَتَابَ عَمَلِهِ.
بِيَمِينِهِ: وَهُوَ المُؤمِنُ.
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا: وَهُوَ أَنْ تُعرَضَ عَلَيهِ سَيِّئَاتُهُ ثُمَّ يَغفِرُهَا اللهُ لَهُ.
وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ: يَعنِي فِي الجَنَّةِ مِنْ حُورِ العِينِ وِالآدَمِيَّاتِ.
مَسْرُوْرًا: بِمَا أُوتِيَ مِنَ الكَرَامَةِ.
وَأَمَّا مَنْ أُوْتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ: قَالَ المُفَسِّرُونَ : تُغَلُّ يَدُهُ اليُمنَى إِلَى عُنُقِهِ وَتُجعَلُ يَدُهُ اليُسرَى وَرَاءَ ظَهرِهِ فَيَأخُذُ بِهَا كِتَابَهُ.
فَسَوْفَ يَدْعُو: عِندَ رُؤيَتِهِ مَا فِيهِ.
ثُبُوْرًا: يُنَادِي هَلَاكَهُ بِقَولِهِ يَا ثُبُورَاهُ.
وَيَصْلَى سَعِيرًا: يَدخُلُ النَّارَ الشَدِيدَة.
إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ: عَشِيرَتِهِ فِي الدُنيَا.
مَسْرُوْرًا: بَطِرًا لِاتِبَاعِهِ هَوَاهُ.
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ: أَي لَنْ يَرجِعَ إِلَى رَبِّهِ وَلَن ْيُبعَث وَهَذِهِ صِفَةُ الكَافِرِ.
بِلَى: يَرجِعُ إِلَيهِ.
إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيْرًا: عَالِمًا بَرُجُوعِهِ إِلَيهِ وَبَصِيرًا بِهِ عَلَى جَمِيعِ أَحوَالِهِ.
فِلِا أُقْسِمُ: وَالمُرَادُ أُقسِمُ.
بِالشَفَقِ: هَوَ الحُمرَةُ فِي الأُفُقِ بَعدَ غُرُوبِ الشَمسِ.
وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ: قَالَ بَعضُهُم : مَا جَمَعَ مِمَّا كَانَ مُنتَشِرًا بِالنَّهَارِ فَي تَصَرُفِهِ إِلَى مَأوَاه.
وَالقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ: اتِّسَاقُهُ اجتِمَاعُهُ وَاستِوَاؤُهُ لَيلَةَ ثَلَاثَ عَشَرَةَ وَأَربَعَ عَشَرَةَ إِلَى سِتَ عَشَرَةَ.
لَتَرْكَبَنَّ: أَيُّهَا النَّاسُ.
طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ: حَالًا بَعدَ حَالٍ وَهُوَ المُوتُ ثُمَّ الحَيَاةُ وَمَا بَعدَهَا مِنْ أَهوَالِ القِيَامَةِ.
فَمَا لَهُمْ: الكُفَارِ.
لَا يُؤْمِنُوْنَ: بِمُحَمَّدٍ وَالقُرءَانِ، أَيُّ مَانَعٍ لَهُم عَنِ الإِيمَانِ أَو أَيُّ حُجَةٍ لَهُم فِي تَركِهِ مَع وُجُودِ بَرَاهِينِهِ.
وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيهِمُ القُرْءَانُ لَا يَسْجُدُوْنَ: فِيهِ قَولَانِ : أَحَدُهُمَا : لَا يُصَلُّونَ قَالَهُ عَطَاءٌ وَالثَانِي : لَا يَخضَعُونَ لَهُ وَيَستَكِينُونَ أَي لَا يَخشَعُونَ.
بَلْ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا يُكَذِّبُوْنَ: بِالقُرءَانِ وَالبَعْثِ وَالجَزَاءِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوْعُوْنَ: فِي صُدُورِهِم وَيُضمِرُونَ فِي قُلُوبِهِم مِنَ التَكذِيبِ.
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيْمٍ: أَي أَخبِرهُم بِذَلِكَ. وَقَالَ الزَجَّاجُ : اجْعَلْ لِلكُفَّارِ بَدَلَ البِشَارَةِ لِلمُؤمِنِينَ بِالجَنَّةِ وَالرَّحمَةِ العَذَابَ الأَلِيمَ.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُوْنٍ: غَيرُ مَقطُوعٍ وَلَا مَنْقُوصٍ وَلَا يُمَنُّ بِهِ عَلَيهِم.
وَاللهُ أَعلَمُ.