سَبَبُ نُزُولِ الإِخْلاصِ
قَالَتِ الْيَهُودُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صِفْ لَنَا رَبَّكَ [أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: »أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا إِلَى النَّبِيِّ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ. فَنَزَلَتْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ… «إِلَى ءَاخَرِ السُّورَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: »هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ] قَدْ كَانَ سُؤَالُهُمْ تَعَنُّتًا (أَيْ عِنَادًا) لا حُبًّا لِلْعِلْمِ وَاسْتِرْشَادًا بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الإِخْلاصِ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ أَيِ الَّذِي لا يَقْبَلُ التَّعَدُّدَ وَالْكَثْرَةَ وَلَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي الذَّاتِ أَوِ الصِّفَاتِ أَوِ الأَفْعَالِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ صِفَةٌ كَصِفَاتِهِ، بَلْ قُدْرَتُهُ تَعَالَى قُدْرَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْدِرُ بِهَا عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَعِلْمُهُ وَاحِدٌ يَعْلَمُ بِهِ كُلَّ شَىْءٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ أَيِ الَّذِي تَفْتَقِرُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَالَّذِي يُقْصَدُ عِنْدَ الشِّدَّةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَلا يَجْتَلِبُ بِخَلْقِهِ نَفْعًا لِنَفْسِهِ وَلا يَدْفَعُ بِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ضُرًّا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ نَفْيٌ لِلْمَادِّيَّةِ وَالِانْحِلالِ وَهُوَ أَنْ يَنْحَلَّ مِنْهُ شَىْءٌ أَوْ أَنْ يَحُلَّ هُوَ فِي شَىْءٍ.
وَمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ »مَوْلِدِ الْعَرُوسِ« مِنْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ نُورِ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهَا كُونِي مُحَمَّدًا فَكَانَتْ مُحَمَّدًا فَهَذِهِ مِنَ الأَبَاطِيلِ الْمَدْسُوسَةِ، وَحُكْمُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُزْءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّكْفِيرُ قَطْعًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَعْتَقِدُ فِي الْمَسِيحِ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ اللَّهِ.
وَلَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَمْ يَنْسِبْهُ إِلَيْهِ إِلَّا الْمُسْتَشْرِقُ بُروكلْمَان.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ أَيْ لا نَظِيرَ لَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.