الأحد ديسمبر 22, 2024

ولسنا نقع في التجني والشطط إذا قلنا إن سيد قطب زعيم حزب ما يسمى “الإخوان المسلمين” هو أبرز شخصية متطرفة ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين وتركت بصمات واضحة وءاثارًا جلية في مناهج مختلف الحركات المتطرفة في الوطن العربي، من خلال مجموعة من الافكار والمؤلفات وعلى رأسها الكتاب المسمى “في ظلال القرءان” وهذا ما يفسر ترجمة هذا الكتاب إلى لغات متعددة، وانتشاره في الآفاق والأمصار، واعتباره الدستور الذي لا تحيد عنه هذه الحركات والذي تبني عليه تصوراتها الاستراتيجية، وعملياتها الإجرامية وخطواتها التكتيكية.

ولا بد من الإشارة إلى أمر هام جدًا ينبغي للباحثين والمهتمين بدراسة ظاهرة التطرف عدم إهماله، وهو أن هذه الحركات وإن اختلفت أسماؤها وتباينت وسائل عملها، وتعددت قياداتها تبقى مجتمعة تحت قواسم مشتركة فكرًا ومنهجًا ويجمعها عنوان عريض هو عنوان الولاء والتعصب الأعمى لمبادئ وأفكار سيد قطب. وليس بالمستغرب صدور منشورات وكتب وشرط كاسيت سواء في مصر والجزائر وتونس وحتى في لبنان وكل بقعة تدوسها أقدام المتطرفين، لأن هذه الإصدارات إنما تعبر عن حقيقة فكر هؤلاء المستقى من سيد قطب، على الرغم من محاولات البعض التستر والتكيّف مع واقع البلاد التي يعيشون فيها كما هو الحال مثلًا في لبنان.

والحديث عن سيد قطب وأفكاره السوداء وءارائه الشاذة حديث طويل يحتاج إلى معالجة دقيقة، وهو أيضًا حديث يسوء أنصاره وقد يدفعهم إلى الاعتداء الجسدي، لِمَا يمثل سيد قطب عندهم من مثال بطولي وحالة فريدة، ولاعتبارهم له القدوة الجهادية التي ينبغي الاحتذاء بها والسير على نهجها، ولكننا ومن خلال الرسالة التي نحملها ونسعى لتأديتها على ما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نجد أنفسنا في موقع لا ينبغي إخلاؤه، فالخطر جسيم وهو على ما يبدو خطر سرطاني يشكل الوجه الثاني للمؤامرات التي تحاك ضد الإسلام.

من هو سيد قطب؟

إلى كل متعصب لسيد قطب وأفكاره، إلى كل متحزب لجماعة سيد قطب ونهجهم الإفسادي إليكم من هو سيد قطب كما شهد هو بذلك على نفسه، ففي كتابه المسمى “الإسلام مشكلة الحضارة” طبعة دار الشروق الطبعة السابعة 1982- [ص/86] يقول سيد قطب: “كنت ليلة في إحدى الكنائس ببلدة [جريلي] بولاية [كولورادو] فقد كنت عضوًا في ناديها، كما كنت عضوًا في عدة نوادٍ كنسية في كل جهة عشت فيها ما بين واشنطن في الشرق وكاليفورنيا في الغرب إذ كانت هذه ناحية هامة من نواحي المجتمع تستحق الدراسة عن كثب، من الباطن لا من الظاهر وكنت معنيًا بدراسة المجتمع الأمريكي…. وبعد أن انتهت الخدمة الدينية في الكنيسة، واشترك في التراتيل فتية وفتيات من الأعضاء. دلفنا من باب جانبي إلى ساحة الرقص الملاصقة لقاعة الصلاة، وكانت ساحة الرقص مضاءة بالأنوار الحمراء والأضواء الزرقاء، وقليل من المصابيح البيضاء، وحمي الرقص على أنغام “الجرامنون” وسالت الساحة بالأقدام والسيقان، والتفت الأذرع بالخصور والتقت الشفاه والصدور وكان الجو كله غرامًا” ا.هـ.

وقال سيد بشير أحمد كشميري في كتابه المسمى “عبقري الإسلام سيد قطب” “دار الفضيلة” ما نصه: “وإننا نرى أن سيد قطب حين وصل الثلاثينات بلغ حد التمرد في بعض كتاباته، حيث سخر من القيود الأخلاقية والاجتماعية ودافع عن الإباحية، وصرّح أنه لو وكل إليه تكوين الكون من جديد لم يجعله “إلا حدائق ومنتزهات فيها الأصدقاء والخلان والمحبوبون والحبيبات، للتناجي والسهر اللطيف، لا ضجيج ولا اضطراب. ويخفى على كثير من معارف سيد قطب وعشاقه وخاصة المسمّون الإسلاميين منهم – أن سيد قطب مر بمراحل مثل هذه- أو يغمض بعضهم عينيه عنها” ا.هـ، نقلًا عن كتاب “سيد قطب – صورة نفسية- مجلة الأسبوع 8 أغسطس 1934م العدد 37 – عدنان مسلم- ظهور داعية ص 154-156”.

وقال محمد حافظ دياب في كتابه المسمى “سيد قطب – الخطاب والأيديولوجيا” دار الطليعة للطباعة والنشر/ بيروت [ص/66]:

“لم يكن سيد قطب مجرد تلميذ للعقاد، بل كان أقرب تلاميذه إليه وألصقهم به وأشدهم تشيعًا لأدبه وأفكاره واتجاهاته، حتى إن مجلة [الرسالة] ظلت بعد وفاة الرافعي تفتح صفحاتها للكتابة عنه، وكان قطب أشدهم تهجمًا عليه وإشادة بأستاذه العقاد. في هذه الفترة مر سيد قطب بمرحلة ارتياب في عقيدته الدينية وظل كذلك لسنوات وهو ما ذكره للندوي حين أخبره أنه بعد انتقاله إلى القاهرة واستقراره فيها انقطعت كل صلة بينه وبين نشأته الأولى، وتبخرت ثقافته الدينية الضئيلة وعقيدته الإسلامية، وهو بمرحلة الارتياب في الحقائق الدينية، وهو نفسه يعترف بهذا بعدها، بقوله: “إن هذه الرواسب كان تغبش تصوري وتطمسه… وتحرمني من الرؤية الواضحة الأصلية” ا.هـ.

يعترف سيد قطب أكثر من مرة بمروره بمرحلة ارتياب في عقيدته الدينية، منها ما ذكره بقوله وهو يتكلم عن نفسه: “فإنما عرف الجاهلية على حقيقتها وعلى انحرافها وعلى ضالتها وقزامتها وعلى جعجعتها وانتفاشها وعلى غرورها وادعائها كذلك” اهـ، انظر سيد قطب “معالم في الطريق” [ص/131].

وليس أدل على ءاثار هذه المرحلة من مقال نشره في [الأهرام] بتاريخ 17 مايو 1934 [ص/7] دعا فيه دعوة صريحة إلى العري التام، وأن يعيش الناس عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، وهي بدعة كانت وقتها تنتشر في بعض بلاد أوروبا، كذلك تتضح نزعة ارتيابه في كثير من قصائده الشعرية التي كان ينظمها أيامها.

ومع نهاية عام 1948 سافر إلى الولايات المتحدة في بعثة تدريبية حول التربية وأصول المناهج، وأول ما يلفت النظر في هذه البعثة أنها جاءت فجأة وشخصية، فلم يعلن عنها ليتقدم لها من يرى نفسه كفؤًا خاصة وأن المبتعث تجاوز السن التي تشترط إدارة البعثات توفرها بكثير. وواضح أن ذهاب سيد قطب إلى الولايات المتحدة كان وليد تخطيط خفي بعيد عن سيد قطب نفسه بداهة.

[الطاهر أحمد مكي] سيد قطب وثلاث رسائل لم تنشر من قبل في مجلة الهلال – أكتوبر 1986 ص123-126].

وقد جاء في مجلة روز اليوسف [ص/34] سنة 1996 في 29 تموز العدد/ 3555 تحت عنوان ما نصه: “سيد قطب من الإلحاد إلى القداسة والعكس”.

– أحب فتاة من سبع بنات طرقن باب بيته… وبكى حين تزوجت.

– كتب عن الشفة الظامئة والعين الهاتفة والفخذ اللفاء والصدر الناهد.

– دعا إلى العري التام وأن يعيش الناس كما ولدتهم أمهاتهم.

– وصفه حسن البنا بأنه باحث عن الشهرة وجذب الأنظار… لا يحب إحراجه.

وفي نفس العدد [ص/36] سيد قطب هو الذي قال هذا، وهو الذي وصف هذه السهرة بأنها “اللذيذة البريئة”، وقد كتب ذلك في عام 1951 أي في عز مجد الجماعة التي تسمى “بالإخوان المسلمين” المحظورة قانونًا الآن والتي صارت أفكاره دستورا لها فيما بعد. وفي نفس المقال كتب سيد قطب عن بداية الأمريكي في حياته الجنسية وقال: “الفتاة الأمريكية تعرف جيدًا موضع فتنتها الجسدية، في العين الهاتفة والشفة الظامئة والصدر الناهد والردف المليء والفخذ اللفاء والساق الملساء وهي تبدي هذا كله ولا تخفيه، والفتى الأمريكي يعرف جيدًا أن الصدر العريض والعضل المفتول هما الشفاعة التي لا ترد عنه كل فتاة” اهـ.