سورة الفلق
مكية وقيل مدنية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر أهل التفسير في نزول المعوِّذَتين أن غلامًا من اليهود كان يخدم رسول الله فلم يزل به اليهود حتى أخذ مُشاطة رأس رسول الله وعِدَّة أسنان من مُشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ثم دسها في بئر لبني زرق يقال لها بئر ذروان. فبينا هو ذات يوم نائم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما للآخر: ما بال الرجل؟ قال: طُبَّ قال وما طب؟ قال: سُحِرَ قال ومن سحره قال : لبيد بن أعصم قال: وبم طبه؟ قال بمشط ومشاطة قال وأين هو؟ قال في جُفّ طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان – والجف قِشر الطلع – والراعوفة صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقيّ عليها فانتبه رسول الله فقال يا عائشة أما شعرتِ أن الله أخبرني بدائي ثم بعث عليًا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجُفًّ وإذا فيه مُشاطة رأسه وأسنان مُشطه وإذا وَتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبرة فأنزل الله تعالى المعوذتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله خِفة حين انحلت العقدة الأخيرة وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن حاسد وعين والله يشفيك.
(هذه الرقية معروفة برقية جبريل). يقال رقى يرقي
قل: يا محمد.
أعوذ: أستجير.
برب الفلق: الصبح قاله ابن عباس.
من شرِّ ما خلق: من الشر الذي خلقه الله وهو عام يدخل فيه جميع ما يوجد منه الشر من حيوان مكلف وغير مكلف وجماد كالسم والإحراق بالنار والإغراق بالماء وغير ذلك.
ومن شرِّ غاسق: هو الليل قاله ابن عباس ومجاهد.
إذا وقب: إذا أظلم ودخل على الناس وقيل هو القمر إذا كسف فاسوَدَّ فيكون معنى وقب دخل في الكسوف وقال الزجاج الغاسق البارد فقيل لليل غاسق لأنه أبرد من النهار.
ومن شرّ النَّفاثات: قال: هن السواحر ينفثن أي يتفلن إذا سحرن.
في العقد: التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشىء تقوله من غير ريق.
والاستعاذة من شرهن هو ما يصيب الله به من الشر عند فعلهن ذلك . قال بعض المفسرين: المراد بالنفاثات ها هنا بنات لبيد بن أعصم اليهودي سحرن رسول الله وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: تفسير نفث: نفخ نفخًا ليس معه ريق ومعنى تفل: نفخ نفخًا معه ريق.
ومن شر حاسد: يعني اليهود حسدوا رسول الله.
إذا حسد: أظهر حسده وعمل بمقتضاه كلبيد المذكور من اليهود والحاسدين لرسول الله. والحاسد لا يؤثر حسده إلا إذا أظهره بأن يحتال للمحسود فيما يؤذيه أما إذا لم يظهر الحسد فما يتأذى به إلا الحاسد لاغتمامه بنعمة غيره.
وقيل الحسد أخس الطبائع وأول معصية عُصِيَ الله بها في الجنة حسد إبليس آدم وفي الأرض حسد قابيل هابيل.
وذكر الله الثلاثة الشامل لها ما خلق بعده لشدة شرها.
وقرأ بعض المعتزلة القائلين بأن الله لم يخلق الشر {من شر} بالتنوين {ما خلق} على النفي وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل لما في القرءان من آيات كثيرة تنقض ما ذهبوا إليه.
والله أعلم وأحكم