سورة الغاشية
مكية وهي ست وعشرون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتاك: أي قد أتاك وقال الزجاج والمعنى هذا لم يكن من علمك ولا علم قومك.
حديث الغاشية: وفي الغاشية قولان أحدهما: أنها القيامة تغشى الناسَ بالأهوال قاله ابن عباس والثاني أنها النار تغشى وجوه الكفار قاله سعيد بن الجبير.
وجوه يومئذ خاشعة: ذليلة وفيها قولان أحدهما أنها وجوه اليهود والنصارى قاله ابن عباس والثاني أنه جميع الكفار قاله يحيى بن سلام.
عاملة ناصبة: عاملة في النار ناصبة تعبة فيها لأنها تكبرت عن العمل في الدنيا وعملها في النار جرها السلاسل والأغلال وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل.
تصلى نارًا حامية: قال ابن عباس: قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله، أي متسعرة .
تسقى من عين آنية: أي متناهية في الحرارة.
ليس لهم طعام إلا من ضريع: هو نوع من الشوك لا ترعاه الدابة لخبثه وقيل إنه شجر من النار. قال المفسرون : لما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمَنُ على الضريع فأنزل الله تعالى { لا يسمن ولا يغني من جوع } وكُذّبوا.
وجوه يومئذ ناعمة: لحسنها ونضارتها أو متنعمة.
لسعيها راضية: أي لعملها في الدنيا بالطاعة راضية إذ كان ذلك العمل جزاؤه الجنة.
في جنة عالية: أي مكانًا ومكانة.
لا تسمع فيها لاغية: لا تسمع فيها كلمة لغو.
فيها عين: بمعنى عيون.
جارية: بالماء.
فيها سرر مرفوعة: قال ابن عباس: ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة ما لم يجىء أهلها فإذا أراده أن يجلس عليها صاحبها تواضعت لهم حتى يجلسوا عليها ثم ترتفع إلى موضعها.
وأكواب: أقداح لا عُرى لها.
موضوعة: على حافات العيون معدة لشربهم.
ونمارق مصفوفة: أي وسائد صُفَّ بعضها إلى جنب بعض للاستناد إليها والاتكاء عليها.
وزرابي مبثوثة: وهي بسط عراض فاخرة كثيرة متفرقة هنا وهنا في المجالس .
أفلا ينظرون: أي كفار مكة نظر اعتبار.
إلى الإبل كيف خلقت: قال العلماء إنما خَصَّ الإبل من غيرها لأن العرب لم يروا بهيمة قط أعظم منها ولأنها كانت أنفس أموالهم وأكثرها لا تفارقهم ولا يفارقونها فيلاحظون فيها العبر الدالة على قدرة الخالق من إخراج لبنها من بين فرث ودم.
وإلى السماء كيف رُفعت: من الأرض حتى لا ينالها شىء بغير عمد.
وإلى الجبال كيف نصبت: على الأرض لا تزول ولا تتغير.
وإلى الأرض كيف سطحت: وسعت ليس معناها مربعة الشكل بل هي متسعة لو أشبهت الكرة. القول بأنها كروية إن كان للتقريب لا ينافي ما ورد بالنصوص.
فذكر: أي عِظ.
إنَّما أنت مذكر: أي واعظ ولم يكن حينئذ أُمِرَ بغير التذكير ويدل عليه قوله تعالى …
لست عليهم بمسيطر: أي بمسلَّط فتقتلهم وتكرههم على الإيمان ثم نسختها آية السيف.
بعد الهجرة نزلت آيات القتال. قبل ذلك لم يؤمر بالقتال بل كان مأمورًا بالكف عنهم ما كان يسكت عن جبن حين كانوا يهينونه بالضرب والشتم وغير ذلك إنما كان ينتظر الإذن بالقتال.
إلا: لكن.
من تولى: أعرض عن الإيمان. وكفر: بالقرءان.
فيعذبه الله العذاب الأكبر: وهو أن يدخله جهنم وذلك أنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقتل والأسر فكان عذاب جهنم هو الأكبر. الكفار عذبوا في الدنيا. أليس رؤساء الكفار قتلوا في بدر ومن كان على طريقتهم في الشرك فبعد أن أنذروا فلم يقبلوا عذبوا بالمجاعة. وقبله قاتل الأنبياء كفارًا كثيرين. بعض الجهال يظنون أن الأنبياء سوى محمد لم يقاتلوا وهذا جهل.
إنَّ إلينا إيابهم: أي رجوعهم ومصيرهم بعد الموت.
ثمَّ إنَّ علينا حسابهم: قال مقاتل: أي جزاؤهم.
والله اعلم وأحكم
سورة الفجر
وهي مكية كلها بإجماعهم وهي ثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
والفجر وليال عشر: الظاهر أن الفجر هو المشهور والمعروف أقسم به كما أقسم بالصبح ويراد به الجنس لا فجرَ يوم مخصوص. والليالي العشر التي أقسم بها هي العشر الأواخر من رمضان قاله ابن عباس وقيل العشر الأوائل منه وقيل العشر الأوائل من المحرم وقيل العشر من ذي الحجة.
والشفع والوتر: روى أبو أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشفعَ يوم عرفة ويوم الأضحى والوتر ليلة النحر. وقيل الشفع الزوج والوتر الفرد.
والليل إذا يسرِ: مقبلا ومدبرًا والمراد بالليل هنا أنه عام في كل ليلة وهذا الظاهر وقيل ليلة المزدلفة وقيل ليلة القدر.
هل في ذلك: أي هل في ذلك المذكور من الأمور التي أقسمنا بها.
قسم لذي حجر: أي لذي عقل.
ألم تر: تعلم يا محمد .
كيف فعل ربك بعاد: فخوَّف أهل مكة بإهلاك من كان أشد منهم وهم عاد الأولى.
إرم ذات العماد: وفي ” إرم ” أربعة أقوال أحدها أنه اسم بلدة والثاني أنه اسم أمة من الأمم ومعناه القديمة والثالث أنها قبيلة من قوم عاد والرابع أنه اسم لجَدّ عاد . أما ” ذات العماد ” معناه ذات الطول روي عن ابن عباس وقيل كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع.
التي لم يخلق مثلها في البلاد: لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوة وقيل لم يخلق مثل مدينتهم ذات العماد.
وثمود الذين جابوا الصخر: خرقوه ونحتوه فاتخذوا في الحجارة منها بيوتًا قيل إن أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود بَنَوا ألفًا وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة.
بالواد: وادي القِرَى. هذا الوادي في الجزيرة العربية.
وفرعون ذي الأوتاد: كان يتد أربعة أوتاد يشد إليها يَدَيْ ورجليْ من يعذبه.
الذين طغوا في البلاد: يعني عادًا وثمودًا وفرعون عملوا بالمعاصي وتجبروا على أنبياء الله.
فأكثروا فيها الفساد:
بالقتل والمعاصي.
فصب عليهم ربك سوط عذاب: أي نوع عذاب.
إنَّ ربَّك لبالمرصاد: يرصد أعمال العباد فلا يفوته منها شىء ليجازيهم عليها معناه مطلع على أعمال عباده لا يخفى عليه شىء فيجازيهم بها.
فأمّا الإنسان: الكافر.
إذا ما ابتلاه: اختبره.
ربه فأكرمَه: بالمال وغيره.
ونعَّمه: بما وسَّع عليه من الأفضال.
فيقول ربي أكرَمَن: أي فضلني بما أعطاني ويظن أن ما أعطاه من الدنيا لكرامته عليه.
وأما إذا ما ابتلاه: بالفقر.
فقَدَر عليه رزقه: ضيَّق عليه.
فيقول ربي أهانن: أي هذا الهوان منه لي حين أذلني بالفقر.
كلا: ردعٌ أي ليس الإكرام بالغنى والإهانة بالفقر وإنما هو بالطاعة والمعصية وكفار مكة لا ينتبهون لذلك لأن من لا يؤمن بالبعث فالكرامة عنده زيادة الدنيا والهوان قلتها.
بل لا تُكرِمون اليتيم: لا يحسنون إليه مع غناهم أو لا يعطونه حقه من الميراث.
ولا تحاضُّون على طعام المسكين:
أي لا يحضون أنفسهم أو غيرهم على إطعام المسكين.
وتأكلون التراث أكلا لـمًّا: الميراث وكانوا لا يورثون النساء ولا صغار الأولاد فيأكلون نصيبهم واللم الجمع.
وتحبون المال حبًا جمًّا: أي تحبون جمعه حبًّا كبيرًا فلا تنفقونه في الخير.
كلا: ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم ثم أتى الوعيد وذكر تحسرهم على ما فرطوا في دار الدنيا إذا دكت الأرض دكًّا دكًّا : زلزلت حتى يتهدم كل بناء عليها وينعدم.
وجاء ربك: أي أمره.
والملك: أي الملائكة.
صفًا صفًا: تنزل الملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالإنس والجن.
وجيء يومئذ بجهنم: روى الإمام مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها يقربونها للناس حتى يروها العباد لكن المؤمنين الأتقياء لا يفزعون أما الكفار يكادون يموتون من رؤيتها.
(بعد الجمع 4 مليارات و900 مليون).
يومئذ: أي يوم يُجاءُ بجهنم.
يتذكر الإنسان: أي الكافر ما فرَّط فيه.
وأنّى له الذكرى: استفهام بمعنى النفي أي لا ينفعه تذكره ذلك.
يقول يا ليتني قدمت: العمل الصالح في الدنيا.
لحياتي: في الآخرة التي لا موت فيها.
فيومئذ لا يعذِّب عذابَه أحد: المعنى أنه لا يعذب أحد مثل عذاب الله في الآخرة للكافر.
ولا يوِثقُ وَثاقَه أحد: المعنى لا يعذب أحد مثل تعذيبه ولا يوثق أحد مثل إيثاقه. أي عذاب الله لا أحد يعذب مثل عذاب الله للكفار. الوثاق هنا الرَبْطُ.
يا أيتها النَّفس المطمئنَّة: الآمنة وهي المؤمنة.
ارجعي إلى ربك: قيل لها ذلك عند الموت أي ارجعي إلى أمره وإرادته وقيل ارجعي إلى ثواب ربك.
راضية: بالثواب.
مرضية: عند الله تعالى.
فادخلي في: جملة .
عبادي: الصالحين.
وادخلي جنتي: معهم.
والله أعلم وأحكم