الأربعاء أبريل 16, 2025

سورة الجن

مكية بإجماعهم وهي ثمان وعشرون ءاية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • {قُلْ}: يا محمدُ للناسِ.
  • {أُوحِيَ إليَّ أنَّهُ}: أنَّ الأمرَ والشأنَ.
  • {اسْتَمَعَ نفرٌ}: جماعةٌ من الثلاثةِ إلى العشرةِ.
  • {منَ الجِنِّ}: جنّ نَصِيبين.
  • {فقالوا}: لقومهم حينَ رجعوا إليهم من استماعِ قراءةِ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاةِ الصبحِ بموضعٍ بينَ مكةَ والطائفِ وهم الذينَ ذُكِروا في قوله تعالى: {وإذْ صَرَفْنا إليكَ نفرًا منَ الجنّ} (1).
  • {إنَّا سَمِعْنا قُرْءانًا عَجَبًا}: قال ابنُ عباس رضي الله عنهما: “بليغًا أي ذا عجبٍ يُعجَبُ منهُ لبلاغتِهِ وفصاحتِهِ”.
  • {يَهْدي إلى الرُّشْدِ}: أي يدعو إلى الصوابِ من التوحيدِ والإيمان.
  • {فآمَنَّا بهِ}: أي بالقرءانِ ولما كان الإيمانُ به إيمانًا باللهِ وبوحدانيته وبراءةً من الشركِ قالوا.
  • {ولَن نُشْرِكَ بربِّنا أحدًا}: أي لن نعدِلَ بربنا أحدًا من خلقِهِ وقيل عَنَوا إبليسَ أي لا نُطيعُهُ في الشركِ باللهِ.
  • {وأنَّهُ تعالى جدُّ ربِّنا}: فيها أقوالٌ منها: عَظَمةُ ربّنا وقيلَ جلالُهُ وقيلَ غِنى ربنا وقيلَ قدرة ربنا وقيلَ ارتفاعُ ذِكرِهِ وعظمته، وقيل مُلكُ ربنا وثناؤه وسُلطانُهُ والمعنى تنزَّهَ جلالُهُ وعظمتُهُ عما نُسِبَ إليه.

 

___________________

  • سورة الأحقاف/29.
  • {ما اتَّخَذَ صاحِبةً ولا وَلَدًا}: أي أنه تعالى جلالُ ربنا وعظمتهُ عن أن يتخذَ صاحبةً أو ولدًا لأنّ الصاحبةَ تُتَّخَذُ للحاجةٍ والولدَ للاستئناسِ بهِ والله تعالى منزَّهُ عن كلِّ نقصٍ (1).

________________________

  • تفسير قول الله تعالى {وقالتِ اليهُودُ والنصارى نحنُ أبْناؤا اللهِ وأحِبَّاؤُهُ قُلْ فلِمَ يُعَذِّبُكُم بذُنُوبِكُم} [سورة المائدة/18].

هذه الآية فيها تحذير من قول اليهود والنصارى “نحن أبناء الله” ومن قول كل من نسب لله الوالد ولو كان مازحًا أو غاضبًا أو عن غير اعتقاد أو يزعم معنى ءاخر للكلمة أو قال “أردتُ معنى مجازيًا”، لأن قولهم هذا كفر لا تأويل له، ولا اعتبار لقول بعض هؤلاء “نحن لا نقصد البنوة بمعنى الولادة إنما نقصدُ العناية والعطف والرحمة”، فقد ذكر المفسر ابن عطية الأندلسي المتوفى سنة 546هـ، عند شرحه للآية {وقالتِ اليهُودُ والنصارى نحنُ أبْناؤا اللهِ وأحِبَّاؤُهُ قُلْ فلِمَ يُعَذِّبُكُم بذُنُوبِكُم} في تفسيره “المحرر الوجيز” دار الكتب العلمية، (2/172) أن إطلاق نسبة البنوة إلى الله ولو قُصد به الحنان كفرٌ، فقال ما نصه: “والبنوة في قولهم هذا بنوة الحنان والرأفة، وذكروا أن الله تعالى أوحى إلى إسرائيل أن أول أولادك بكري فضلّوا بذلك”. اهـ. والضلال هنا هو الكفر، كما نقل القرطبي في تفسيره “الجامع لأحكام القرءان” (8/117) عنه –أي ابن عطية- في تفسير سورة التوبة ءاية 30، ونص عبارته: “قال ابن عطية: ويقال إن بعضهم يعتقدها بنوة حنو ورحمة وهذا المعنى أيضًا لا يحل أن تطلق البنوة عليه وهو كفر” اهـ. وكما ذكر القرافي المالكي في كتابه “الفروق” وبهامشه “أدرار الشروق على أنواء الفروق لابن الشاط” المكتبة العصرية 2003 (1/117) ناقلاً عن القاضي عياض المالكي الإجماع على تكفير من نسب الأبوة والبنوة إلى الله تعالى.

فالحذر مما قاله المجسم ابن تيمية الحراني في كتابه المسمى “بيان تلبيس الجهمية” (4/489-490)، وفي كتابه المسمى “شرح حديث النزول” دار العاصمة الطبعة الأولى 1414هـ ص217، يقول: “وفي الإنجيل (وفي حاشيته قال المعلق وهو محمد بن عبد الرحمن الخميس المشبه المجسم الوهابي: في الإنجيل الصحيح. والعياذ بالله من هذا الكفر) أن المسيح قال: لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي الله، وقال للحواريين: إن أنتم غفرتم للناس فإن أباكم الذي في السماء يغفر لكم كلكم، انظروا إلى طير السماء: فإنهم لا يزرعن ولا يحصدن ولا يجمعن في الأهواء، وأبوكم الذي في السماء هو الذي يرزقهم، أفلستم أفضل منهن؟ ومثل هذا من الشواهد كثير يطول به الكتاب” اهـ.

وقد حاول بعض المعلقين من الوهابية وهو يحيى بن محمد الهنيدي أن يؤول كفر ابن تيمية وذلك في تعليقه على كتاب ابن تيمية المسمى “بيان تلبيس الجهمية” فإنه قال: “إن معنى أباكم أي ربكم الله”. وهذا مسلك في التعصب لا غير بل ينطبق عليه ما قاله ابن عطية إنه كفر صريح، ومن العجب أن الوهابية تُكفّرُ المتأولين فكيف لجأوا هنا إلى التأويل البعيد غير الموافق لقواعد الدين واللغة العربية بل ليسوغوا لشيخهم قول الضلال وهيهات أن يسوغوا، بل ثبت عند كل محقق أنهم مذبذبون يؤلفون دينًا على حسب أهوائهم لتأييد معتقداتهم الكفرية، فانظر كيف لا يقبلون أن نؤول الآيات المتشابهات ويقولون “التأويل تعطيل” وكيف أجازوا لأنفسهم أن يؤولوا كفر شيخهم وإمامهم الصريح ابن تيمية الحراني؟! فيا لفضيحتهم ويا لتناقضهم ويا لسخافتهم.

ومثله أحمد دِيدات في مناظرته المسماة “هل المسيح ابن الله” في اسكندنافيا في تسجيل له بالصوت والصورة من إنتاج (المغامسي للإنتاج والتوزيع-المدينة المنورة)، يقول: “مجازًا نحن جميعًا أبناء الله وعياله، الطيبون منا والأشرار، وعلى هذا الأساس يمكن أن يكون عيسى أقربنا في البنوة لأنه أكثرنا إخلاصًا لله أكثر منا، فمن هذه الناحية يمكن أن ننظر له ابنًا لله” اهـ، ولحقه علي جمعة الذي يقول في كتابه المسمى “الدين الحياة”
(ص171) حين سُئِلَ، قيل له: “هل يجوز أن أقول أنا ابن الله؟ فقال: لأن السيد المسيح كان كثيرًا ما يستخدم هذه الكلمة فكان يقول (قال أبوكم الذي في السماء، إن أبانا الذي في السماء)، والأبوة هنا بمعنى الرعاية والعناية

________________________________

والرزق والكلىء، فهي من الألفاظ التي حُرفت عن معانيها الأصلية فضلّوا بها، وقالت اليهود (نحن أبناء الله وأحباؤه) فهذه الكلمة لا بأس بها بمعنى عيال الله أو خلق من خلقه، لكن بعد ذلك نستدرج إلى البنوة الحقيقية والأبوة الحقيقية فهذا كلام لا يقول به إلا جاهل” اهـ والعياذ بالله تعالى.

ومن الضلال ما في الكتاب المسمى “الكتاب المدرسي الوطني، القراءة العربية التعليم الأساسي السنة الثامنة –الجمهورية اللبنانية” (ص29) يقولون: “وأُبصِرُ اللهَ على هيئة نخلة، كتاجِ نخلةٍ يبيَضُّ في الظلام، أحِسُّهُ يقول: يا بني” اهـ.

وفي مجلة أتباع رجب ديب المسماة “الأحباب” العدد 6 (ص14) يقولون: “وإن معنى البنوة والأبوة الواردة في الأناجيل تتطابق مع معنى الإيمان بالله ومحبته” ثم قالوا: “أي إن كل مؤمن بالله عز وجل يُدعى ابنًا لله أي مؤمنًا به محبًا له” ثم قالوا “أي إن كل صانع للسلام بين البشر في العالم أجمع يدعى ابنًا لله أي مؤمنًا به محبًا له”. اهـ. وهذا أخذوه من شيخهم رجب ديب الذي قال في شريط بصوته: “ليس عيسى وحده ابن الله، بل كلنا أبناء الله” اهـ.

وليُحذَر مما دُسَّ على محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي التلمساني الحسني المتوفى سنة 895هـ في كتاب “حواش على شرح الكبرى للسنوسي” الطبعة الأولى (ص488) في معرض الاستشهاد بهذا الكلام والإقرار له، يقولون إن في الزبور: “يقول الله لداود عليه السلام: سيولد لك ولد أدعى له أبًا ويُدعى لي ابنًا”، ثم قالوا: “فولد داود الذي دُعيَ ابنًا لله تعالى هو عيسى عليه السلام”، وفي كتابه المسمى “العقيدة الوسطى وشرحها” دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1427هـ (ص326) يقولون: “إن في الإنجيل: أنا أطلب لكم إلى أبي حتى يمنحكم”، وفي (ص327) يقولون: “قوله: أبي معناه: ربي وإلهي”، وفي (ص327) يقولون: “ومعنى انطلاق عيسى عليه السلام إلى أبيه أي ربه”، وفي (ص329) فيها تكرار العبارة التي في الكتاب الأول، وفي “شرح العقيدة الكبرى المسماة عقيدة أهل التوحيد” دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1427هـ 426 أيضًا فيها تكرار العبارة التي في الكتاب الأول.

ومن المعاصرين من حذا حذو هؤلاء الضالين رئيس لجنة البحث العلمي في جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية وهو عبد الرحمن عبد الخالق الذي تمادى في هذا الكفر وراع يدافع عنه ويؤوله، ففي بحثه الذي سماه “شهادة الإنجيل على أن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه” وهي من جزءين يقول فيها: “ألفاظ ابن الله التي جاءت في الأناجيل والكتب المقدسة عند النصارى من المتشابه الذي يجب رده إلى المحكم فإن هذه اللفظة: “ابن الله” استخدمت في عيسى وفي أتباعه وفي كل مؤمن بالله غير كافر به”، وزاد في كفره أيضًا فقال: “وهذه الكلمة تحتمل معنيين: بنوة الهداية والتشريف وهو ما يسمونه بالبنوة الروحية، والمعنى الثاني بنوة النسب والابن الذي هو قطعة من أبيه وبعضة منه” اهـ.

وهذا لم يقله مسلم من عامة المسلمين فضلاً عن علمائهم، وهو ادعاء التأويل في لفظ صراح في الكفر وهو باطل غير مقبول، وعجيبة هذه الصفاقة من هذا الكاتب الذي انبرى يضيع عمره وأنفاسه في تشجيع الناس على الكفر والضلال وعلى قومه لم تبق كفرية من الكفريات إلا وتكون من المتشابهات، وهذا فتح لباب الكفر على مصرعيه للناس.

فكلامهم كفرٌ صريحٌ لا يقبلُ التأويلَ وهو قولهم “نحن أبناء الله من باب المجاز”، فإن هؤلاء وافقوا اليهود بقولهم هذا، لأن اليهودَ لما قالوا: “نحن أبناء الله” ما قصدوا أن الله والدهم إنما قصدوا أن الله يعزهم، ومع ذلك الله تعالى كفرهم فنحن أيضًا نكفر هؤلاء عملاً بحكم القرءان {وقالتِ اليهُودُ نحنُ أبناءُ اللهِ وأحباؤهُ قُلْ فلِمَ يُعَذبُكُم بذُنُوبكم بل أنتُم بشَرٌ مِمَّنْ خلقَ} [سورة المائدة/18]، وقوله تعالى {وقالتِ اليهودُ عُزَيرٌ ابنُ اللهِ وقالتِ النصارى المسيحُ ابنُ اللهِ ذلكَ قولُهُم بأفواهِهِم يُضاهِؤنَ قولَ الذينَ كفروا من قبلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة التوبة/30].

وقال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه (ص940) تحت رقم 4974 و4975 من

  • {وأنَّهُ كانَ يقولُ سَفيهُنا}: جاهِلُنا وقيل إبليس إذ ليسَ فوقَهُ سفيهٌ.
  • {على اللهِ شَطَطًا}: كذِبًا وهو وصفُهُ بالشريكِ والولدِ والشَّطَط مجاوزةُ الحدِّ في الظلمِ وغيرهِ.

_______________________

طبعة دار الكتب العلمية سنة 1421هـ الطبعة الأولى، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لمرتبه الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي المتوفى سنة 739هـ (ص242) تحت رقم 267 من طبعة دار الكتب العلمية المجلد الأول الطبعة الأولى سنة 1407هـ والنسائي في سننه واللفظ للبخاري: “كذّبني ابن ءادم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته وأما شتمه إيّاي فقوله: اتخذ الله ولدًا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد”.

وقال المفسر فخر الدين الرازي في كتابه “التفسير الكبير” المجلد الرابع عشر (27/172-173) طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الأولى سنة 1411هـ في تفسير الآية {وجعلوا له من عبادهِ جزءًا) ما نصه: “معناه وأثبتوا له جزءًا وذلك الجزء هو عبد من عباده والحاصل أنهم أثبتوا لله ولدًا” اهـ.

وقال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ المجلد الثامن (ص18) من طبعة الدار المسمى الريان للتراث الطبعة الأولى سنة 1407هـ ما نصه: “قوله (وأما شتمه إيّاي) إنما سمّاه شتمًا لما فيه من التنقيص” اهـ.

وقال الإمام الحافظ شيخ الإسلام الفقيه الشيخ عبد الله بن محمد بن يوسف الهرري المعروف بالحبشي رضي الله عنه ورحمه رحمة واسعة في كتابه “الشرح القويم في حلّ ألفاظ الصراط المستقيم” (ص45-46) ما نصه: “وأما حديث: (الخلق كلهم عيال الله وأحبّهم إلى الله أنفعهم لعياله) فليس صحيحًا بل هو حديث ساقط شديد الضعف وبعض الناس يفهمونه على اللغة المحلية فيقعون في الكفر، فإنهم يفهمون من كلمة (عيال) أبناء وليس المعنى كذلك، فإن عيال في لغة العرب معناها الناس الذين ينفق عليهم الشخص لو كانوا أعمامه وأخواله وزوجاته ووالديه بمعنى أنهم تحت نفقته ورعيته لكونهم محتاجين إليه ويكفيهم نفقاتهم، ولا يوجد في اللغة عيال بمعنى الأولاد. وهذه العبارة من جملة ما أخرجه الناس عن معناه الأصلي في اللغة إلى غير معناه، ولو صحّ هذا الحديث الذي مرّ ذكره لكان معناه (فقراء الله) كما قال المناوي عند شرح هذا الحديث الذي أورده السيوطي في الجامع الصغير. فمن ظنّ أنه يجوز أن يقال عن البشر أبناء الله أو أولاد الله بالمعنى المجازي أي أنه كافيهم بالرزق كفر، كما ذكر ابن عطية الأندلسي في تفسيره هذه الآية: {وقالتِ اليهودُ والنصارى نحنُ أبناءُ اللهِ وأحباؤُهُ} [سورة المائدة/18]. وأما قول بعض الصوفية (أرباب القلوب) أي أصحاب العقول المتنورة بالتقوى ليس معناه أن هؤلاء خالقو العقول، والقلوب هنا بمعنى العقول ويقع في بعض مؤلفات العلماء (عن الله) قول (رب الأرباب) يعنون أن الله مالك الملاك وهذا صحيح” اهـ.

وقد قال المفسر المحدث إسماعيل بن محمد العجلوني في “كشف الخفاء” (1/457-458) من طبعة دار الرسالة، الطبعة السادسة 1416هـ عن حديث “الخلق كلهم عيال الله” ما نصه: “قال النووي في فتاويه: هو حديث ضعيف لأن فيه يوسف بن عطية ضعيف باتفاق الأئمة، ورواه الحافظ عبد العظيم المنذري في أربعينه عن أنس رفعه بلفظ “الخلق كلهم عيال الله فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله”، قال أبو عبد الله محمد السلمي في تخريجها ومعنى “عيال الله” فقراء الله، فالخلق كلهم فقراء إلى الله، وهو الذي يعولهم” ثم قال “وقال ابن حجر في الفتاوى الحديثية: حديث “الخلق عيال الله وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله” ورد من طرق ضعيفة” اهـ.

 

 

  • {وأنَّا ظَنَنَّا أن لن تَقولَ الإنسُ والجِنُّ على اللهِ كذِبًا}: أي كنا نظُنُّ أنَّ الإنسَ والجنَ صادقونَ في قولهم إن للهِ صاحبةً وولدًا وإنهم لا يكذِبونَ على اللهِ في ذلكَ فلما سمِعنا القرءانَ عَلِمْنا أنهم قد كذبوا على الله.
  • {وأنَّهُ كانَ رجالٌ منَ الإنسِ يعُوذونَ برجالٍ منَ الجِنِّ}: وذلك أنَّ الرجلَ في الجاهليةِ كانَ إذا سافرَ فأمسى في قفرٍ من الأرضِ قال: أعوذُ بسيد هذا الوادي من شر سفهاءِ قومِهِ فيبيتُ في جِوارٍ منهم حتى يُصبح. ومنهُ حديثُ كُردُم بن أبي السائبِ الأنصاري قال: خرجتُ مع أبي إلى المدينةِ في حاجةٍ وذلكَ أولَ ما ذُكِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمكةَ فآوانا المبيتُ إلى راعي غنمٍ فلما انتصفَ الليلُ جاءَ ذئبٌ فأخذَ حملاً من الغنمِ فوثبَ الراعي فنادى يا عامرَ الوادي جارَكَ فنادى مُنادٍ لا نراهُ يا سِرحانُ أرسلهُ فإذا الحملُ يشتدُ حتى دخلَ في الغنمِ لم تصبهُ كدمةٌ فأنزلَ اللهُ على رسوله: {وأنَّهُ كانَ رِجالٌ من الإنسِ يَعُوذُونَ برجالٍ منَ الجِنِّ}.

وقال ابن كثير: “وقد يكون هذا الذئبُ الذي أخذ الحمل، وهو ولدُ الشاةِ كان جنيًا حتى يُرهِبَ الإنسي ويخافُ منه ثم ردَّهُ عليهِ لما استجارَ بهِ ليضلَّهُ ويخرجَهُ عن دينهِ والله أعلم”.

  • {فزَادُوهُمْ رَهَقًا}: أي أن الإنسَ زادوا الجنّ رهقًا لتعوُّذِهِم بهم. قالهُ مقاتلٌ والمعنى أنهم لما استعاذوا بسادتِهم قالتِ السادةُ: قد سُدْنا الجنّ والإنسَ وقيل: زادوهم ضلالاً.
  • {وأنَّهُم ظَنُّوا كما ظَنَنْتُمْ أنْ لن يبعثَ اللهُ أحدًا}: أي أنَّ الجنَّ ظنوا كما ظننتم يا أهل مكة أنه لنْ يبعثَ أحدٌ بعدَ الموتِ.
  • {وأنَّا لَمَسْنا السماءَ}: أي طلبنا بلوغَ السماءِ الدنيا واستماعَ كلامِ أهلِها.
  • {فوَجَدْناها مُلِئَتْ حرَسًا شديدًا}: جمعًا أقوياءَ منم الملائكةِ يحرسُونَ.
  • {وشُهُبًا}: أي من النجومِ جمع شِهاب.
  • {وأنَّا كُنَّا نقْعُدُ منها}: من السماءِ قبلَ هذا.
  • {مقاعِدَ للسَّمْعِ}: لاستماعِ أخبارِ السماءِ يعني كنا نجدُ بعضَ السماءِ خالية من الحرسِ والشهبِ قبلَ المبعثِ.
  • {فَمَن يستَمِعِ}: يُرِدِ الاستماعَ.
  • {الآنَ}: بعدَ المبعثِ.
  • {يَجِدْ لهُ}: لنفسِهِ.
  • {شِهابًا رَّصَدًا}: يجدْ شِهابًا راصِدًا لهُ وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:

 

 

“كان الجنّ يصعدونَ إلى السماء (1) يستمعون الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا عليها تسعًا فأما الكلمةُ فتكون حقًا وأمّا ما زاد فيكونُ باطلاً فلما بُعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُنعوا مقاعدَهم فذكروا ذلكَ لإبليس ولم تكن النجومُ يُرمى بها قبلَ ذلكَ فقال لهم إبليسُ ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرضِ فبعثَ جنودَهُ فوجدوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يصلي بينَ جبَلَينِ أُرَاهُ قال بمكة فأخبروه فقالَ هذا الحدثُ في الأرض”. أخرجهُ الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

  • {وأنَّا لا نَدري أشَرٌّ أُريدَ بِمَن في الأرضِ}: بإرسالِ محمدٍ إليهم فيكذبونه فيَهْلِكُون.
  • {أمْ أرادَ بهم ربُّهُم رَشَدًا}: وهو أن يؤمنوا فيهتدوا. وقيل إنه قولُ كفرةِ الجن والمعنى لا ندري أشرٌّ أريدَ بمن في الأرضِ بحدوثِ الرجمِ بالكواكبِ أم صلاحٌ. قاله الفراءُ. ثم أخبروا عن حالهم فقالوا:
  • {وأنَّا مِنَّا الصالِحونَ}: وهم المؤمنون المخلصون الأبرارُ المتقون.
  • {ومِنَّا دُونَ ذلكَ}: فيه قولان أحدهما أنهم المشركون والثاني أنهم أهلُ الشر دونَ الشرك.
  • {كُنَّا طرائِقَ قِدَدًا}: قال الفراء: “أي فِرَقًا مختلفةً أهواؤُنا”. وقال مجاهد: “يعنون مسلمين وكافرين”. وقال أبو عبيدة: “واحدُ الطرائقِ طريقةٌ وواحد القِدَدِ قِدَّةٌ أي ضروبًا وأجناسًا ومِللاً”. قال الحسن والسُّدّي: “الجِنّ مثلكم فمنهم قدريةٌ ومرجئةٌ ورافضة”.
  • {وأنَّا ظَنَنَّا}: أي أيقَنَّا.
  • {أن لن نُعجِزَ اللهَ في الأرضِ}: أي لن نَفُوتَهُ إذا أرادَ بنا أمرًا.
  • {ولن نُعجِزَهُ هَرَبًا}: أي أنه يدركُنا حيثما كنا.
  • {وأنَّا لَمَّا سَمِعْنا الهُدى}: وهو القرءانُ الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم.
  • {ءامَنَّا بِهِ}: أي صدقنا بهِ.
  • {فمَن يُؤمن برَبِّهِ فلا يخافُ بَخْسًا}: أي نقصًا من الثواب.
  • {ولا رَهَقًا}: أي ولا ظلمًا ولا مكروهًا يخشاهُ.
  • {وأنَّا مِنَّا المُسلِمونَ}: المخلصونَ للهِ.
  • {ومِنَّا القاسِطُونَ}: الكافرون الجائرون عن طريقِ الحق يقال قسط إذا جار وأقسطَ إذا عدل. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: “إن المقسطين عندَ اللهِ على منابرَ من نورٍ”. رواه مسلم.

____________________

  • أي إلى الفضاء.

 

  • {فَمَنْ أسلَمَ فأولئِكَ تَحَرَّوا رَشَدًا}: أي قصدوا طريقَ الحقِّ وتَوَخَّوهُ.
  • {وأمَّا القاسِطونَ}: يعني الذين كفروا. وقال ابنُ عباس رضي الله عنه: “القاسطون هم الذين جعلوا للهِ أندادًا”.
  • {فكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}: وقودًا للنارِ وفيه دليلٌ على أن الجنيّ الكافرَ يعذَّبُ في النارِ فإن قيل كيفَ يُعذَّبُ الجنُّ بالنار وقد خلقوا منه فيقال: وإن خُلقوا من النار فقد تغيروا عن تلك الهيئة وصاروا خلْقًا ءاخر. ثم انقطعَ كلامُ الجنّ قال مقاتل: ثم رجعَ إلى كفار مكة فقال تعالى:
  • {وأَلَّوِ استقامُوا على الطريقةِ}: أي طريقةِ الهدى (1).

_______________________

  • قال الله تعالى: {وأَلَّوِ استَقاموا على الطريقةِ لأَسْقَيْناهُم ماءً غَدَقًا} [سورة الجن/16].

يقول الإمام المفسر محمد بن جرير الطبري في تفسيره في شرحه لهذه الآية ما نصه: “يقول تعالى ذكره: وأن لو استقام هؤلاء القاسطون على طريقة الحق والاستقامة” اهـ.

وروى عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهم قالوا: “أن لو استقاموا على الإسلام وعلى طريق الحق وعلى الدين” اهـ.

وقال المفسر الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المسمى “معالم التنزيل” في شرحه لهذه الآية ما نصه: “لو استقاموا على طريقة الحق والإيمان والهدى فكانوا مؤمنين مطيعين” اهـ.

وقال المفسر أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط في شرحه لهذه الآيات ما نصه: “والمعنى على طريقة الإسلام والحق” اهـ.

وقال المفسر محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي المتوفى سنة 951هـ في كتاب “حاشية محي الدين شيخ زادة على تفسير القاضي البيضاوي” طبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى سنة 1419هـ (8/365) قال في شرحه لهذه الآية ما نصه: “استقاموا على طريقة الإسلام” اهـ.

ليعلم أن قول الله تعالى {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقةِ} أي الشريعة الإسلامية، أي ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عقيدةً وأحكامًا، وعلماء التفسير متفقون ومجمعون على أن معنى هذه الآية الدين والإسلام وطريق الحق والشريعة، ولا عبرة بعد ذلك بقول من شذّ وانحرف وقال بخلاف ذلك، كجهلة المتصوفة الذين لعب بهم الشيطان وضحك عليهم، فلم يلتزموا بالشريعة ولا بأحكامها وانتسبوا للطريقة –أي طريقة الذكر- على غير بصيرة، وادعوا أن الطريقة في الآية هي “الطريقة النقشبندية” غير عابئين بما نصّ عليه علماء التفسير، يحرفون معنى الآية من غير خجل ولا وجل، يظنون أن الأمة ليس فيها من يعرف زيفهم وزيغهم، فجعلوا الطريقة، طريقة التصوف والذكر، فرض عين على كل مكلف، وهذا إيجاب ما لم يجب إجماعًا، وهذا تشريع ودين جديد، وهو كفر.

وهذا الشيخ النقشبندي المنحرف الذي قال بوجوب الطريقة ضلل كل الأمة الإسلامية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى القرن السادس الهجري، فقبل القرن السادس الهجري لم تكن قد ظهرت الطريقة، فهل تكون الأمة جاهلة فاسقة، ودين الله ناقص وجاء هذا المدّعي محمد الخزنوي يكمّل الدين الآن فيقول بوجوب الطريقة؟!

__________________

وليعلم أن الطريقة من البدع الحسنة، والبدعة لغة ما أحدث على غير مثال سابق يقال: جئت بأمر بديع أي محدث عجيب لم يعرف قبل ذلك. وشرعًا المُحدث الذي لم ينص عليه قرءان ولا سنة، قال ابن العربي: ليست البدعة والمحدث مذمومين للفظ بدعة ومحدث ولا لمعنيهما، وإنما يذم من البدعة ما يخالف السنة ويذم في المحدث ما دعا إلى الضلال اهـ.

وقد قسم العلماء البدعة إلى قسمين: بدعة حسنة وبدعة سيئة، فالبدعة الحسنة هي ما وافق الكتاب والسنة، والبدعة السيئة هي ما خالف الكتاب والسنة، ويؤكد هذا التقسيم ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عملَ بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شئ ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل من بعده بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ” رواه مسلم. فالحديث يبين أن ما يحدث في الإسلام ضربان: قسم يوافق الشرع وقسم يغايره أي يخالفه، ومما يدل على أنه حصل في زمن الصحابة استحداث أمور لم يرد فيها قرءان ولا سنة وتندرج تحت البدعة الحسنة موافقة للحديث الشريف الآنف الذكر ما جاء في صحيح البخاري في كتاب التراويح ما نصه: “قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك” قال الحافظ ابن حجر “أي على ترك الجماعة في التراويح”. ثم قال ابن شهاب في تتمة كلامه: “ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنه”. وفي صحيح البخاري أيضًا تتميمًا لهذه الحادثة عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة من رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي لصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر: “نعم البدعة هذه” اه،، وفي الموطأ بلفظ: “نعمت البدعة هذه” اهـ.

والأمثلة على هذا كثيرة من زمن الصحابة إلى يومنا هذا ومن جملة هذه البدع الحسنة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والطرق الشريفة التي أحدثها بعض أهل الله كالرفاعية والقادرية وغيرهما وهي نحو أربعين طريقة، فهذه الطرق أصلها بدع حسنة ولكن شذ بعض المنتسبين إليها وهذا لا يقدح في أصلها.

ولا ريب أن الطريقة السهروردية والجشتية والقادرية والسعدية والشاذلية والنقشبندية والبدوية والدسوقية والمولوية والرفاعية وغيرها من الطرق المباركة صحيحة تندرج تحت البدعة الحسنة وهذا يثبت أن هؤلاء القوم على نهج قويم وصراط مستقيم، دلوا الناس على مشرب نبيهم وجليل حاله، فالقوم أهل العلم والذكر والأحوال، والالتزام بطاعة الله تعالى.

وهذا الكلام يردده رجل ينتسب انتسابًا إلى الطريقة النقشبندية يقال له: “محمد الخزنوي” وهو ابن الشيخ العالم الجليل عز الدين ابن الشيخ الولي الكبير أحمد الخزنوي رحمهما الله تعالى. فقيل له: [إنّ أباك قال: “ليست واجبة”] فأصر على كلامه ولم يرجع، ويشهد عليه الثقات أنه قال ذلك من المنتسبين إليه يقولون هذه العبارة.

فقوله: “إن الطريقة واجبة” أي فرض ردة لأنه أوجب ما ليس بواجب عند المسلمين مما هو معلوم بالضرورة أنه ليس واجبًا كما قال الفقهاء في كتبهم في باب الردة.

وقد جاء في كتاب السعادة الأبدية في ما جاء به النقشبندية لعبد المجيد بن محمد الخاني الخالدي النقشبندي ويليه الحديقة الندية والبهجة الخالدية للعلامة محمد بن سليمان البغدادي الحنفي النقشبندي من خلفاء الخالدية وفيه: “الثالثة أن ابن حجر ذكر في شهادات فتاواه الكبرى صورًا لأخذ المشايخ العهد على التائب وذكر في الفتاوى الخليلية أنّ أخذ العهد حسن محبوب” ثم قال بعد كلام: “وكفى بما ذكرناه شاهدًا على حسن أخذ العهد من المشايخ العاملين بالشرع الشريف”، فبان وظهر خروج محمد الخزنوي عن إجماع الأمة عامة والنقشبندية خاصة وقوله هذا أي بأن الطريقة واجبة تضليل وتفسيق لكل الأمة الإسلامية خلفًا وسلفًا قبل القرن السادس الهجري أي قبل أن تتأسس الطرق على المعنى المتعارف عليه اليوم وقوله هذا تضليل لجده الولي الكبير الشيخ أحمد الخزنوي فإنه ما اشتغل بالطريقة والأوراد إلا بعد اشتغاله بالعلم عشرين عامًا وقول محمد هذا فيه إيجاب ما لم

  • {لَأسْقَيْناهُم ماءً غَدَقًا}: كثيرًا من السماءِ وذلك بعدما رفعَ عنهم المطرَ سبعَ سنين وإنما ذُكر الماءُ لأنه سببُ سَعَةِ الرزقِ.

________________________

يجب إجماعًا وهو كفر.

ومما يثبت ويؤكد أن الطريقة الرفاعية أو القادرية أو النقشبندية أو غيرها من الطرق الصوفية الصحيحة ليست واجبة هو ما قاله أئمة ومشايخ هذه الطرق.

فقد ذكر الشيخ يوسف النبهاني في كتابه “كرامات الأولياء” عند ذكر الشيخ أبي السعود ابن أبي العشائر رضي الله عنه أنه كان له خادم واسمه حازم بقي في خدمته 20سنة وفي كل مرة يطلب عهد الطريقة منه فلا يعطيه وهكذا إلى عشرين سنة لم يعطه” اهـ.

فليجبنا هؤلاء لمَ لم يعطه الطريقة؟! هل منعه من فرض؟! هل أخّره عن واجب؟!

لا، لم يعطه لأنها ليست فرضًا.

وفي كتاب “كيف القناع المسدول في حكم السماع المقبول” للشيخ محمد جميل الخطيب يقول في (ص90) ما نصه: “ناقلاً عن شيخه في الطريقة النقشبندية الشيخ “سَيْدَا” قدس الله سره العزيز في الجزيرة أنه قال: “وأما أخذ العهد فحسن محبوب”، وقال أيضًا: “وأنا تلقين الذكر فحسن محبوب” اهـ.

وذكر الشيخ فصيح الحيدري النقشبندي في كتابه “المجلد الثالث في مناقب مولانا خالد” أنه طلب الطريقة من خليفة مولانا خالد الشيخ محمد الجديد فقال له “عليك بالعلم ثم بعد ذلك تشتغل بالطريقة” اهـ.

ويقول مولانا خالد بن الجناحين قدّس الله سره العزيز في رسالة إلى خلفائه في بغداد في (ص112) من كتاب بغية الواجد في مكتوبات مولانا خالد ما نصه: “ولا تدخلوا الطريقة بعد هذا اليوم أحدًا منهم ولا من أعوانهم ولا من التجار المتفكهين بالدنيا المنهمكين في الشهوات ولا من العلماء وطلبة العلم الذين جعلوا العلم وسيلة الجاه عند الخلق وجمع الحطام ولا من البطالين الذين يستندون إلى الطريقة بسبب البطالة فيحملوا أثقالهم على رقاب الناس باسم الصلاح والإرادة”. إلى ءاخر الرسالة فماذا يقول هؤلاء الجهلة؟ هل يقولون إن مولانا خالدًا جاهل في دين الله تعالى هم ينتسبون إليه بزعمهم؟!

فلو كان أخذ الطريقة فرضًا فهل كان مولانا خالد يمنع الناس من الفرض؟! فأين عقولكم؟!

وقال السيد الشيخ محمد عثمان سراج الدين الثاني النقشبندي ناصحًا لأناس في تركيا: “الطريقة شئ ثانوي عليكم بتعلم أصول الدين” اهـ.

وقال أيضًا لآخر طلب منه الطريقة: “صلّ الأوقات الخمسة وابتعد عن المحرمات واترك الآن طلب الطريقة” اهـ.

ومن كتاب “المناقب السنية” لسيدنا شيخ الطريقة النقشبندية الشيخ أمين الكردي البغدادي رضي الله عنه تأليف الشيخ أحمد حمادة داود من علماء مصر يقول في (ص27) ما نصه: “وإنني لأذكر من العلماء الأجلاء من توقف عن تلقينهم الطريقة الشريفة معتذرًا منهم حضرات السادة الشيخ حسونة النواوي شيخ الأزهر الشريف والشيخ محمد السمالوطي رحمه الله رحمة واسعة، والشيخ بسيوني الشيخ عبد الرحمن قراءة مفتي الديار المصرية” اهـ.

فبالرغم من محبتهم للشيخ وتقديرهم له كان يعرض رضي الله عنه عن تلقينهم الذكر خشية تغيير منهجهم بأداء رسالة العلم ونفع الناس ويرى ما لديهم من النفع للناس عن طريق الشريعة يكفيهم.

_______________________

ومن كتاب تنوير القلوب للشيخ محمد أمين الكردي الأربيلي وهو غير الشيخ محمد أمين الكردي البغدادي رضي الله عنهما وهما خليفة الشيخ عمر ضياء الدين جد الشيخ محمد عثمان سراج الدين النقشبندي، يذكر أنه جاءه شخص ليأخذ منه الطريقة فأبعده عنه وزجره لأنه كان عاصيًا وقال له: “تكفيك التوبة”. وهذا مذكور في ترجمة الشيخ محمد أمين.

فلمَ لم يلقن الشيخان الجليلان من طلب منهم الطريقة؟ فهل ينسبهما هؤلاء للجهل وعدم الفهم والعياذ بالله؟!

هل هؤلاء مشايخ يأمرون الناس بترك الفرض؟! ناديتم يا جهلة المتصوفة على أنفسكم بالجهل.

ومن كتاب “المنن” للشعراني رضي الله عنه في (ص243) ما نصه: “ومما وقع لي أن شخصًا جاءني يطلب مني أن ألقنه فلم أجد عنده همة ففارقني” اهـ.

وفي كتاب الرشحات على الهامش (ص46) أن الشيخ سيف الدين هو خامس أولاد الشيخ محمد معصوم أخذ الطريقة النقشبندية المجددية عن والده بعد فراغه من تحصيل العلوم المتداولة.

ومن نفس الكتاب (ص73) عند ذكر الشاه عبد الله الدهلوي أنه عندما بلغ عمره 22 سنة ذهب إلى مولانا “مظهر الشهيد” فالتمس منه الطريقة، فقال له: اذهب إلى محل فيه ذوق وشوق فإن هنا لحس حجر بلا ملح، فقال: هذا هو المنظور لدي، فقال له السيد: إذا يبارك لك.

ومن زنادقة المتصوفة الذين يجب التحذير منهم المدعو “ناظم قبرصلي” أو ما يسميه أتباعه “ناظم الحقاني” تلميذ “عبد الله الداغستاني”، فهذا بيان لبعض أقوال ناظم القبرصلي التي خالف بها الشرع ليحذر منها حتى لا يُظن الباطل حقًا فيلتبس الأمر على الناس.

قال ناظم القبرصلي في كتابه المسمى “محيطات الرحمة ص 117” ما نصه: “علماء كثيرون يذكرون هذا الحديث أو ذلك في حين أن الأولياء يثبتونها، لذلك نحن نأخذ الحديث من هؤلاء” اهـ.

الرد:

أولاً: إن أولياء الله تعالى يتبعون علماء الحديث، فما أنكره علماء الحديث فهم ينكرونه وما أثبته علماء الحديث فهم يثبتونه.

ثانيًا: يريد هذا الرجل من أتباعه أن يطيعوه طاعة عمياء ولا يعترضوا عليه حتى في ما ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان كذبًا عليه، فكان يقول لهم: “ما نسبته إلى الرسول فهو من كلام الرسول وإن كان علماء الحديث أنكروه وقالوا إنه مكذوب على الرسول”.

وهذا شأن المتلاعبين بالدين ليتوصلوا إلى تحليل وتحريم ما يريدون. وهذا الشاذ أخذ من شيخه عبد الله الداغستاني الذي قال له كما في كتابه المسمى “محيطات الرحمة” ص45: “شرط صحة اتباعك لنا أن تتبعنا من غير أن تحكم على أعمالنا ولا تعترض” اهـ.

وقال القبرصلي في نفس الكتاب ص57 ما نصه: “كلما ازددنا علمًا ازدادت مسؤوليتنا، أما الجاهل فلا مسؤولية عليه” اهـ.

الرد:

يريد القبرصلي من ذلك أن ينفر أتباعه من تعلم علم الدين الضروري الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليمه بقوله: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” رواه البيهقي.

 

________________

ثم إن هذا الكلام هو ضد قول الله عز وجل: {قُلْ هَلْ يستوي الذينَ يعْلَمونَ والذينَ لا يعلَمُون}، فمما يؤخذ من هذه الآية الحث على طلب العلم، وهذا خلاف ما يدعو إليه القبرصلي الذي يحث أتباعه على الاستمرار على الجهل، فنصيحتنا لأتباعه وللمسلمين أن يتفقهوا في الدين لأنه بالعلم يميز الإنسان بين الحق والباطل.

ومن فساد عقيدة القبرصلي وشيخه عبد الله الداغستاني أنهما ساويا أنفسهما بالله تعالى والعياذ بالله، فقد قال القبرصلي في نفس الكتاب (ص6): “أوامر القطب هي أوامر الله، ومشيئته مساوية لمشيئة الله”، وقال شيخه الداغستاني في كتابه المسمى “الوصية” (ص9) ما نصه: “التعريف الثاني للطريقة هو أن يكون المريد مستعدًا لتلقي الأمر من مرشده كما كان الرسول ينتظر مجيء الوحي من الله” اهـ.

الرد:

العبد مهما علا شأنه عند الله لا يصل إلى درجة يوصف بها بصفة من صفات الله عز وجل، ومن وصفه بذلك فقد وقع في الكفر والعياذ بالله، فكيف بمن يدّعي لنفسه المساواة مع الله عز وجل؟!

فالولي يُعَظَّم بما يليق به، والنبي يُعَظَّمُ بما يليق به، والله تعالى نعظمه بكل كمال يليق به، فلا نرفع مرتبة الولي إلى مرتبة النبي ولا نرفع مرتبة النبي إلى الوصف بالألوهية.

فكلام القبرصلي وشيخه دليل على فساد عقيدتهما. فالحذر الحذر أخي المسلم مما يوقع في المهالك.

ومن الكفر الذي قاله ناظم القبرصلي في نفس الكتاب (ص13): “الله كان موجودًا بلا بداية وعباده كانوا موجودين بلا بداية لو لم يكن هناك بشر فالله إله من كان إذا؟ إله نفسه؟ كلا، الحديث القدسي يقول: “كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أن أعرف”، عباد الله كانوا جزءًا من هذا الكنز” اهـ.

الرد:

هذا الكلام كفر ظاهر لا لبس فيه، فالله تبارك وتعالى هو وحده الأزلي الذي لا بداية له، وهذا ما أجمع عليه المسلمون سلفًا عن خلف، ولم يخالف في ذلك إلا الفلاسفة الذين قال فيهم الفقيه الأصولي بدر الدين الزركشي: “وضللهم المسلمون وكفّروهم”.

وأما الحديث المذكور فهو مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال علماء الحديث، لا سيما أن الله يستحيل أن يشبّه نفسه بالكنز وهو القائل: {ليسَ كمثلهِ شئٌ} [سورة الشورى/11].

قال الله تعالى: {إنَّ اللهَ لعنَ الكافرينَ وأعدَّ لهُم سعيرًا خالدينَ فيها أبدًا لا يَجِدُونَ وليًّا ولا نصيرًا}، وقال أيضًا عن الكفار: {لا يُقْضَى عليهم فيَمُوتُوا ولا يُخَفَّفُ عنهُم من عذابِها}. هاتان الآيتان فيهما دليل على أن الكفار يخلدون في نار جهنم ولا ينقطع عنهم العذاب في الآخرة، وهناك ءايات وأحاديث عديدة تدل على ذلك، فتكذيب هذه النصوص فيه ردة عن الإسلام والعياذ بالله. وممن خالف هذه العقيدة ناظم القبرصلي الذي قال في نفس الكتاب (ص78): “طرق جهنم هي طرق إلى الله أيضًا بعد جهنم. جهنم هي تنظيف الناس، تنظيفهم من الخطايا والصفات السيئة، ثم بعد ذلك يقادون إلى الله”، وقال أيضًا: “الله لن يترك عبيده بين يدي الشيطان… رحمته لن تترك أحدًا في جهنم إلى الأبد” اهـ.

هكذا هم أدعياء التصوف المنحرفين يتسترون تحت طريقة من الطرق الصوفية ثم يبثون وينشرون عقيدة الإلحاد والزندقة.

ومن كلام القبرصلي الذي فيه تكذيب لنصوص الشريعة دعوته إلى الإباحية، فعندما تحدث عن الأولياء قال في نفس الكتاب ص 20: “يجوز لهم النظر إلى أي مكان، إلى الرجال أو النساء، هم مأمورون بالنظر، لا يوجد تحريم بالنسبة إليهم لذلك نظرهم واجب” اهـ.

_________________________

الرد:

ليعلم أن الله عز وجل فرضَ على عبادهِ غضّ البصر عن العورات، قال الله تعالى: {قُل للمؤمنينَ يَغُضُّوا من أبصارِهِم}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “وزنا العين النظر” رواه البخاري.

فإذا كان الله تعالى حرّم على المسلمين –حتى الأولياء منهم- أن ينظروا إلى عورات بعضهم البعض، فكيف يزعم ناظم القبرصلي بعد ذلك أن نظر الولي إلى النساء واجب؟! كأنه يقول لأتباعه: أنا يجوز لي أن أستمتع بالنظر إلى النساء. ومثل هذا ضرره على الإسلام عظيم لأنه ينقض دين الله عروة عروة ويسعى إلى الإفساد في الأرض تحت ستار التصوف.

ثم إن القبرصلي أنكر فرضية الصلاة والعياذ بالله، فقد ققال له شخص كما في نفس الكتاب المسمى “محيطات الرحمة”: “ما هي التكاليف على زوجاتنا؟”، فأجابه بقوله: “للمبتدئات سجدة واحدة في وقت كل صلاة من الصلوات الخمس، في وقت كل صلاة تكفي سجدة واحدة تكفي، وعندما يتقدمن يطلبن الإذن، هذا ما أمرني به شيخي!!” اهـ ويعني بشيخه عبد الله الداغستاني.

الرد:

هذا عين الضلال، وهو كفر كما قال الشيخ ابن حجر الهيتمي في الإعلام وغيره. فقد تواتر بين المسلمين أنه يجب على كل مسلم مكلف خمس صلوات في اليوم والليلة، فالقول إن سجدة واحدة تكفي بدل الصلاة المفروضة إلحاد في الدين وتكذيب لقوله تعالى: {وأقيمُوا الصلاةَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “خمس صلوات كتبهن الله على عباده” رواه أحمد.

وقد قال ناظم القبرصلي في نفس الكتاب (ص58) ما نصه: “إن جبريل نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له إن الله تعالى يبشرك بأن من قرأ من أمتك الفاتحة ولو مرة واحدة في حياته يكون هذا كافيًا بل وزيادة على الكفاية، وحتى لو كان كافرًا فإن قراءتها مرة واحدة تجليه إلى الإيمان ربما في ءاخر لحظة في حياته” اهـ.

الرد:

هذا الكلام كذب على الله والرسول وجبريل، وواقع الحال شاهد على كذب هذا الادعاء، فكم من أناس قرؤوا الفاتحة مرات ومرات ثم ماتوا على الكفر.

وله غير ذلك من ضلالات وأباطيل، نسأل الله السلامة، والله المستعان وهو نعم الوكيل.

وممن حذر منه ومن شيخه الداغستاني، مفتي داغستان سيد أحمد بن سليمان درويش حاجيو “الإدارة الدينية لمسلمي داغستان” –محاج قلعة، في فتوى عليها الختم والتوقيع- موجود عندنا نسخة منها- ما نصه:

“بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وبعد فإن التحذير من أهل الضلال واجب أمرنا به ولا سيما الذين اتخذوا اسم الدين ستارًا لهم ليُضلوا به الناس وهم في الحقيقة أعداء الدين وبعيدون كل البعد عنه، وكان من هؤلاء ناظم القبرصلي الذي أفسد في الأرض كثيرًا وشوَّه اسم الإسلام عند من لا علم له بالإسلام، وهو يلبس زي أهل العلم تمويهًا على الناس ليس إلا، وناظم هذا هو تلميذ عبد الله الداغستاني” اهـ.

وفتوى لمفتي الداغستان نفسه في التحذير من عبد الله الداغستاني شيخ ناظم القبرصلي، عندنا نسخة منها وعليها الختم والتوقيع، ومما جاء فيها: “إن الرجل الخبيث عبد الله الداغستاني غير مشعور في الداغستان ولم يكن فيه في زماننا ولكن سمعت في الداغستان عن العلماء الثقات ومشايخ الطريقة الحقيقون الكرام أن سلسلة عبد الله الداغستاني مقطوعة، وكذلك شرف الدين الداغستاني وطريقتهما منحرفة غير صحيحة باطلة ولم يصدقهما في عملهما أحد من عندنا”. ثم يقول عن عبد الله الداغستاني: “هذا الخبيث قال وكتب ما هو كذب وافتراء على

  • {لِنَفْتِنَهُم فيهِ}: أي لِنَخْتَبِرَهُم فننظرَ كيفَ شُكرُهُم.
  • {ومَن يُعرِضْ عن ذِكرِ ربِّهِ}: القرءانِ أو التوحيدِ أو العبادةِ.
  • {يَسْلُكْهُ عذابًا صَعَدًا}: أي يُدخِلهُ عذابًا شاقًا قاله ابن عباس وقيل عذابًا لا راحةَ فيه وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر “نَسْلُكْهُ” بالنون وقرأ حمزة والكسائي وعاصمٌ بالياء “يَسْلُكْهُ”.
  • {وأنَّ المساجدَ للهِ}: فيها أربعةُ أقوالٍ:

أحدُها: أنها المساجد التي هي بيوتُ الصلوات قاله ابن عباس. قال قتادةُ: “كانت اليهودُ والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبِيَعَهم أشركوا فأمرَ الله المسلمين أن يخلِصوا له إذا دخلوا مساجدهم”.

والثاني: الأعضاءُ التي يسجدُ عليها العبدُ فيكون المعنى: لا تسجدوا عليها لغيره، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمرتُ أن أسجدَ على سبعةِ أعظمٍ، على الجبهةِ واليدينِ والركبتين وأطرافِ القدمين”.

والثالث: أن المراد بالمساجد ههنا البقاعُ كلها قاله الحسن فيكون المعنى أن الأرض كلها مواضع للسجودِ فلا تسجدوا عليها لغير خالقها.

والرابع: أن المساجد السجودُ فإنهُ جمعُ مسجَد.

_____________________

القرءان والسنة ومن كذَّبهما كافر إجماعًا لا خلاف فيه ولا شك”. اهـ.

وقد حذَّر من ناظم القبرصلي أيضًا، مفتى طرابلس الشام الشيخ طه الصابونجي في جريدة “النهار” بتاريخ 7/10/1999 قال تحت عنوان: “الصابونجي طالب القضاء بالتحقيق مع زعيمهم: القبرصلي مشعوذ وله علاقات مشبوهة.. سبق أن حذرنا مرارًا من أساليب الشعوذة التي يلجأ إليها البعض تحت ستار التصوف والكشف الغيبي، لأن الإسلام واضح في منهجه الديني والعلمي والثقافي”. وقال: “إن للقبرصلي صداقات مشبوهة مع قادة عالميين ولا يتفق عالم واحد أو شيخ مع أفكاره، وسبق أن صدرت فتاوى تكفير عالمية في حق معلمه عبد الله الداغستاني” اهـ.

وأما تلميذ  ناظم القبرصلي، المدعوعدنان قباني فيكفيه جهلاً وغلوًّا وكفرًا، ما في تسجيل صوتي له –معنا نسخة منه- يُكلِّم أتباعه فيقول: “منكن عارفين اللي المنسوب لمولانا- أي شيخه ناظم معو قوة من مولانا إذا قال للشئ كن فيكون” اهـ يريد من ذلك أن من أخذ الطريقة عن شيخه ناظم القبرصلي يصير يقول للشئ “كن فيكون”، وقد قال الله تعالى عن ذاته المقدس {إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئًا أن يقولَ لهُ كُنْ فيَكون} أي عبارة عن سرعة الإيجاد، لأن الله كلامه بلا حرف ولا صوت ولا لغة. وطريقتهم هي طريقة الرجس والزندقة ودجاجلة المتصوفة، طريقة عدنان قباني وأخيه هشام طريقة شيخهم ناظم وشيخه الداغستاني، طريقة سلسلة الدجالين الكذابين الزنادقة.

 

 

 

  • {فلا تَدْعُوا معَ اللهِ أحدًا}: بأن تشركوا كما كانت اليهودُ والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا. وروي عن سعيد بن جبير: “قالت الجنُّ للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لنا أن نشهدَ معك الصلاة ونحن ناؤونَ عنك فنزلت {وأنَّ المساجدَ للهِ} ثم رجع إلى ذكرِ الجن فقال تعالى:
  • {وأنَّهُ لمَّا قامَ عبدُ اللهِ}: يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
  • {يَدْعُوهُ}: يعني يعبدُ اللهَ ويقرأ القرءانَ وذلك حين كان يصلي الفجرَ ببطنِ نخلةٍ.
  • {كادوا}: يعني الجن.
  • {يكُونونَ عليهِ لِبَدًا}: يعني يركبُ بعضهم بعضًا من الازدحامِ عليه حِرصًا على استماعِ القرءانِ. قاله ابن عباس.
  • {قُلْ إنَّما أدْعُوا ربي ولا أُشرِكُ بهِ أحدًا}: أي قال لهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم لما ءاذَوهُ وخالفوه وكذّبوه وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحقّ واجتمعوا على عداوتهِ: {إنَّما أدْعُوا ربي} أي إنما أعبدُ ربي وحده لا شريكَ له وأستجيرُ به وأتوكلُ عليه ولا أشركُ به أحدًا. وقرأ غيرُ عاصمٍ وحمزة قال.
  • {قُلْ إني لا أملِكُ لكُم ضَرًّا ولا رَشَدًا}: أي لا أقدرُ على أن أدفعَ عنكم ضَرًّا ولا أسوقُ إليكم رشدًا وإنما الضار والنافعُ والمرشدُ والمغوي (1) هو الله تعالى. والضُّر الغيُّ والرشد الخير.
  • {قُلْ إني لن يُجيرَني منَ اللهِ أحدٌ}: وذلك أنهم قالوا اترُكْ ما تدعو إليه ونحنُ نجيرك.
  • {ولَنْ أجِدَ مِن دونِهِ مُلتَحَدًا}: أي ملجأً ألجأُ إليه.
  • {إلا بلاغًا منَ اللهِ}: فيه وجهان ذكرَهما الفراءُ:

أحدُهما: استثناءٌ من قوله تعالى: “لا أملكُ لكم ضَرًّا ولا رَشَدًا إلا أن أبَلِّغكم.

والثاني: لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالته”.

وبالأول قال ابن السائب وبالثاني قال مقاتل وقال بعضهم: المعنى لن يجيرني من عذاب الله إلا أن أُبلِّغَ ما أرْسِلتُ فذلكَ البلاغُ الذي هو يجيرني.

  • {ورِسالَتِهِ}: عطف على “بلاغًا” كأنه قيل: لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالاتِ أي إلا أن أبلغَ عن الله فأقول قال الله كذا ناسبًا لقوله إليه وأن أبلغ رسالته التي أرسلني بها بلا زيادةٍ ولا نقصان.

____________________

  • أي أنه يخل فيهم ذلك، ليس معناه أنه من أسمائه.

 

  • {ومَن يَعْصِ اللهَ ورسولَهُ}: بترك الإيمان والتوحيد. وقال الحافظ المجتهدُ المحقق المجددُ الإمامُ الشيبي العبدري رحمه الله رحمة واسعة: “ومن يعص الله ورسولَه بتركِ الإيمان بهما”.
  • {فإنَّ لهُ نارَ جهَنَّمَ خالدينَ فيها أبدًا}: وفي هذا ردٌّ على ابنِ تيمية القائل بفناءِ النار.
  • {حتى إذا رأوا}: يعني الكفار.
  • {ما يُوعَدونَ}: به من العذابِ في الدنيا وفي الآخرة.
  • {فسَيَعلَمونَ}: عند حلولِهِ بهم يومَ بدرٍ أو يوم القيامةِ.
  • {مَنْ أضْعَفُ ناصِرًا وأقلُّ عددًا}: أهُمْ أم المؤمنون أي الكافر لا ناصرَ لهُ يومئذٍ والمؤمن ينصره الله وملائكتهُ وأنبياؤه. فقال بعضهم متى هذا الوعد فنزل:
  • {قُلْ إنْ أدْري}: أي ما أدري.
  • {أقَريبٌ ما تُوعَدونَ}: من العذاب.
  • {أمْ يَجْعَلُ لهُ ربي أمِدًا}: غايةً وبُعْدًا وأجلاً لا يعلمه إلا هو.
  • {عالِمُ الغَيبِ}: أي هو عالمٌ ما غابَ عن العبادِ.
  • {فلا يُظهِرُ على غَيبِهِ أحدًا}: أي لا يُطلعُ على غيبهِ الذي يعلمه أحدًا من الناس.
  • {إلا مَنِ ارتَضَى من رسولٍ}: وفي هذا دليلٌ على أن من زعمَ أن النجومَ تدل على الغيبِ فهو كافر. ثم ذكرَ أنه يحفظُ ذلك الذي يُطلع عليه الرسول فقال تعالى:
  • {فإنَّهُ يَسْلُكُ من بينِ يدَيهِ}: أي من بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • {ومِنْ خلفِهِ رَصَدًا}: أي يجعلُ له حفظةً من الملائكةِ يحفظونَ الوحيَ من أن تستَرِقَهُ الشياطين فتُلقيه إلى الكهنةِ فيتكلمون به قبل أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم الناسَ. فالرصدُ من الملائكةِ يدفعون الشياطين عن أن تستمع ما ينزلُ من الوحي.
  • {ليَعلَمَ أن قدْ أبْلغُوا رِسالاتِ ربِّهِم}: فيها أقوالٌ أحدُها: ليعلمَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم أن جبريل قد بلّغَ إليهِ قاله ابن جرير. والثاني ليعلمَ محمدٌ أن الرسلَ قبله قد بلغوا رسالاتِ ربهم وأن الله قد حفظها فدفعَ عنها. قاله قتادة. والثالثُ: ليعلمَ مُكذِّبو الرسلِ أن الرسلَ قد بلّغوا رسالاتِ ربهم قاله مجاهد. وقرأ الرويس عن يعقوبَ: ليُعلَمَ بضم الياء.
  • {وأحاطَ بما لَدَيهم}: أي علمَ الله ما عند الرسل.
  • {وأحصى كلَّ شئٍ عَددًا}: فلم يفُتْهُ شئٌ حتى الذرّ والخردل. وأخرج ابنُ الجوزي في كتابِ صفةِ الصفوةِ بسندهِ عن سهلِ بن عبد الله قال: “كنتُ في ناحيةِ ديارِ عاد إذ رأيتُ مدينةً من حجر منقورٍ في وسطها قصرٌ من حجارةٍ تأويه الجن فإذا شيخٌ عظيمُ الخلقِ يصلي نحو الكعبة وعليهِ جُبةُ صوفٍ فيها طراوةٌ فلم أتعجب من عِظَم خلقتهِ كتَعجّبي من طراوةِ جُبتهِ فسلمتُ عليه فردَّ عليَّ السلام وقال: يا سهل إن هذه الجبةَ علي منذ سبعمائة سنة لقيت فيها عيسى ومحمدًا عليهما الصلاة والسلام فآمنتُ بهما فقلت له: ومن أنتَ قال من الذين نزلت فيهم {قُلْ أوحيَ إليَّ أنهُ استَمَعَ نفرٌ منَ الجنّ}”.