الجمعة أكتوبر 18, 2024

بابٌ يُذكَرُ فِيه (سَبَبُ إِسْلامِ) عبدِ اللهبنِ مَسعودٍ) رضيَ الله عنه

121-        

جَـاءَ لَـهُ النَّـبِـيُّ وَهْـوَ يَـرْعَـى

 

غُنَيْمَةً يُسِـيـمُـهَا فِـي الْمَـرْعَى

122-        

قَـالَ لَـهُ شَـاؤُكَ فِـيـهَـا لَـبَـنُ

 

قَـالَ نَـعَـمْ لَكِـنَّـنِـي مُؤْتَـمَـنُ

123-        

قَـالَ فَـهَـلْ فِيهَا إِذَنْ مِـنْ شَـاةِ

 

مَـا مَسَّـهَا الفَحْـلُ إِذًا فَتَاْتِـي

124-        

بِهَا فَمَـسَّ الضَّـرْعَ وَهْـوَ يَـدْعُوْ

 

فَامْـتَـدَّ ضَـرْعُـهَا وَدَرَّ الضَّـرْعُ

 














(جَاءَ لَهُ) أي إلى ابنِ مَسعُودٍ (النَّبِيُّ)(وَهوَ) أي ابنُ مَسعُودٍ (يَرْعَى غُنَيْمَةً) تَصغِير غَنَمٍ، وهو اسمٌ مؤَنَّثٌ موضُوع للجِنْس يقع على الذكور والإناث وعلَيهِما جَمِيعًا، وإذا صَغَّرْتَها أَلْحَقْتَها الهاءَ فقُلتَ “غُنَيمَة” لأَنّ أسماءَ الجموع التي لا واحِدَ لها مِن لَفْظِها إذا كانَتْ لِغَير الآدَمِيِّينَ فالتَّأنيثُ لها لازِمٌ([1])، وكان ابنُ مَسعُودٍ (يُسِيمُهَا) أي يَرْعَى الغُنَيمةَ (فِي الْمَرْعَى) فـ(ـقَالَ لَهُ) النَّبِيُّ ﷺ: هَلْ (شَاؤُكَ) جمعُ شاةٍ وهي أُنثَى الضَّأْنِ، أي هلْ شِياهُك (فِي) ثَدْيِـ(ـهَا لَبَن) أي حليبٌ، فـ(ـقَالَ) ابنُ مَسعودٍ لَهُ (نَعَمْ) فيها لبَنٌ (لَكِنَّنِي) أَجِيرٌ (مُؤْتَمَنٌ) أي أَمِينٌ علَيها لا يُؤْذَنُ لِي أنْ أَسقِيَ مِن لبنِها أحَدًا، فـ(ـقَالَ) لَهُ ﷺ (فَهَلْ فِيهَا إِذًا) أي هل فِي شائِكَ حينَ إذْ أنتَ مانِعٌ إباحةَ لبَنِ ذواتِ اللَّبنِ لَنا (مِنْ شَاةٍ) ليسَ فيها لبَنٌ لأنّه (مَا مَسَّهَا) أيْ لَم يَنْزُ علَيها (الفَحْلُ) أي الضّاْنُ (إِذًا) أي إذا كان عِندَك تِلكَ (فَتَأْتِيـ)ـنِي (بِهَا) فقال ابنُ مسعودٍ: نعم، فأتَاهُ بِشَاةٍ لَم يَمَسَّها الضّأْنُ، وَمِن شأْنِها أنْ لَا يكَونُ فِيها لَبَنٌ، (فَمَسَّ) النَّبيُّ ﷺ (الضَّرْعَ) أي الثَّدْيَ مِن الشَّاةِ بِيَدِه الشَّرِيفةِ المُبارَكةِ (وَهوَ يَدْعُوْ) اللهَ عزَّ وجلَّ (فَامْتَدَّ) أي انَتفَخَ (ضَرْعُهَا وَدَرَّ) أي امتَلَأَ (الضَّرْعُ) لَبَنًا ببرَكِة مَسِّ النّبِيّ ﷺ لَها بكَفِّه وبدَعوتِه المبارَكةِ.

125-        

فَاحْتلَبَ الشَّاةَ وَأَسْـقَى ثُمَّ مَصّْ

 

فِي شُـرْبِهِ قَالَ لَهُ اقْلُصْ فَقَـلَصْ

126-        

قَـالَ فَعَلِّمْنِـيْ لَـعَـلِّـيْ أَعْـلَـمُ

 

قَـالَ لَـهُ غُـلَــيِّــمٌ مُــعَــلَّــمُ

 








قال ابنُ مسعود رضي الله عنه: أتَيتُ النَّبِيَّ ﷺ بِصَخرةٍ مُنْقَعِرةٍ أي لَها قَعرٌ كالإناءِ (فَاحْتلَبَ) أي حلَبَ النّبيُّ ﷺ (الشَّاةَ) بِيَدِه الشَّرِيفةِ (وَأَسْقَى) أبا بَكرٍ ثُمّ ابنَ مَسعُود لَبَنًا (ثُمَّ) شَرِبَ ﷺ ءاخِرًا شُربًا رقِيقًا مِن تواضُعِه وسُمُوِّ خُلُقِه و(مَصّ) مَصًّا (فِي شُرْبِهِ) ثُمّ (قَالَ)(لَهُ) أي لِضَرْعِ الشّاةِ (اقْلُصْ) أي تَدانَ وانْضَمَّ (فَقَلَص) الضّرْعُ ورَجَع كما كانَ أوّلًا، فلَمَّا رأَى ابنُ مَسعودٍ ذلكَ (قَالَ) يا رَسُولَ اللهِ (فَعَلِّمْنِيْ) مِمّا عِندَك (لَعَلِّيْ أَعْلَمُ) فَمسَحَ ﷺ رأسَ ابنِ مَسعُودٍ و(قَالَ لَهُ) بَارَكَ اللهُ فِيكَ فَإِنَّكَ (غُلَيِّمٌ) أي غُلامٌ (مُعَلَّمٌ)، وليس الوارِدُ في الحديثِ: «غُلَيِّمٌ» بالتّصغيرِ بل مُكبَّرٌ. وهذه مُعجِزةٌ باهِرةٌ لنبِيّنا المصطفى ﷺ.



([1])  مختار الصّحاح، زين الدِّين الرازي، (ص/230).