الإثنين ديسمبر 8, 2025

رحمة رسول الله بالحيوان

 

يقول سيدنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام “إنما بعثت رحمة“. ما أحلاك يا رسول الله كيف حولت أولئك وائدي البنات قطاع الطرق إلى أناس ملئت قلوبهم رحمة وإيمانا، علمتهم الرحمة بالحيوان. هذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام وهذه تعاليمه، حرم على الأمة أن نؤذي الحيوان كما وحرم عليهم وسمها بالنار كما وحرم عليهم ضرب وجوهها، ومما يروى في جميل ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل مع رجل من الصحابة إلى داخل بستان فوجد النبي عليه الصلاة والسلام جملا فما رأى الجمل رسول الله حتى دمعت عيناه كأنه يشكو للنبي عليه الصلاة والسلام وجعا وألما فمسح النبي عليه الصلاة والسلام ذفراه وذلك في مؤخر العنق، ثم قال (من صاحب هذا الجمل؟) فجاء رجل فقال (هو لي يا رسول الله) فقال النبي عليه الصلاة والسلام (بعنيها) فقال (بل نهبها لك يا رسول الله، لكن هو لأهل بيت ما لهم معيشة غيره نعتاش منه) فقال النبي عليه الصلاة والسلام (أما ما ذكرت من أمره -أي أبقه عندك ولكن أحسن إليه- فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتتعبه). إخوتي في الله، الدابة تشكو للنبي عليه الصلاة والسلام، نعم، البهيمة تشكو أمرها للرسول عليه الصلاة والسلام، فلماذا لا يشكو المسلمون أمورهم وضيقهم وحوائجهم لصاحب الرسالة. وكذلك يروى عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه كان يميل الإناء لتشرب الهرة من الماء الذي في الإناء فإذا انتهت توضأ من بقية الماء، ويروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رأى ذات يوم بهيمة قد وسمت في وجهها، والوسم هو التعليم بالنار، فقال عليه الصلاة والسلام (من فعل ذلك؟) وعلم أن فاعل ذلك ملعون وذلك معدود من الكبائر. فروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها أي حبستها عندها لم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشائش الأرض. وقد ورد أيضا أن النبي عليه الصلاة والسلام قص على المؤمنين قصة، قصة رجل كان مسافرا فاشتد به العطش فوجد بئرا فشرب منه ثم وجد بعد ذلك كلبا يلهث فقال إن هذا الكلب أصابه ما كان قد أصابني فنزل هذا الرجل في البئر وأخذ خفه ووضع فيه الماء وأمسكه بفمه ثم صعد البئر وسقى الكلب فقال النبي عليه الصلاة والسلام فغفر الله له.

كما وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن امرأة كانت قد بغت أي زنت إلا أنها مرت بكلب يلهث من العطش فأخذت موقها -خفها- وسقت الكلب فغفر الله لها ذنبها بسقياها لكلب. نعم، هكذا كان رسول الله مليء القلب بالرحمة والشفقة فمما يروى عنه أنه جاءت حمرة وهي تشبه الحمامة تشكو للنبي فرخيها، فنظر رسول الله للصحابة فقال (من فجع هذه في فرخيها؟) فقال رجل أنا يا رسول الله، فقال النبي ردهما لها وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد حرم علينا أن نفرق بين الأم والأولاد ببيع إذا كان الأولاد لا يستقلون عن الأم بأن كانوا صغارا كانوا يحتاجون لحليب أمهم بحيث إنهم يعجزون عن العيش من غير الأم، فالنبي عليه الصلاة والسلام حرم علينا قتل هذه الحيوانات النافعة من غير منفعة، أي من غير سبب كالذبح مثلا للمأكل والمشرب، فقتل الحيوانات من غير سبب أو للعب أو للتشهي هذا مما نهى عنه رسول الله . وكذلك أرشدنا النبي إلى كيفية ذبح الحيوان فقال (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) وقد ركبت السيدة عائشة ذات يوم بعيرا فقست عليه فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام مرشدا إلى الرفق (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)، كما ويقول النبي عليه الصلاة والسلام (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة) وقد سئل الرسول عليه الصلاة والسلام (يا رسول الله أنؤجر في ذلك؟ -أي فيما نطعمه البهائم) فقال عليه الصلاة والسلام (في كل كبد رطبة صدقة) ويروى أن النبي عليه الصلاة والسلام حرم التمثيل بالبهائم والتمثيل هو تغيير في الخلقة بحيث يزيل الأذن أو يزيل العين أو يخدش خدشا كبيرا هذا محرم لما فيه من الإيذاء، ويروى أيضا أن رجلا كان قد وضع قدمه على شاة وهو يحد الشفرة ليذبحها وهي تلحظ إليه ببصرها فقال النبي عليه الصلاة والسلام (هلا قتلها، أيريد أن يميتها ميتتين) معناه بإحداده الشفرة آلمها إيلاما شديدا إذ إنها تحس أنها تقتل بذلك وهذا مصداق حديث النبي عليه الصلاة والسلام (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) فلا ينبغي أن يحد الشفرة أمام الذبيحة كما لا ينبغي أن يذبح ذبيحة أمام الأخرى. أيها المؤمنون هو حبيبنا رسول الله هو صاحب الرحمة هو من أتت إليه البهائم تستغيث هو من شكت إليه الدواب هو من حن على البهائم والطيور هو الرسول عليه الصلاة والسلام من نرجو أن يكون لنا شفيعا ومنقذا هو حبيبنا إلى الله فبه نسأل ربنا أن يحسن خاتمتنا وأن لا يميتنا إلا وهو راض عنا، نسأل الله تعالى بالرسول الذي رحم البهائم أن نرحم وأن نعتق من النار بحقه سيد المرسلين وبحق رمضان وبحق الأنبياء والمرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.