الأحد ديسمبر 7, 2025

ذكر أحاديث أخر في أصل الباب

  • أخبرني الإمام أبو الفرج بن حمادٍ قال: أخبرنا أحمد بن منصورٍ الجوهري، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري عن أبي الـمكارم اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيمٍ، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارسٍ، قال: حدثنا يونس بن حبيبٍ، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا سوار بن ميمونٍ أبو الجراح العبدي، قال: حدثني رجل من ءال عمر عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا([1])، ومن مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة».

هذا حديث غريب أخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك عن ابن فارسٍ وقال: هذا إسناد مجهول. قلت: قال بعض: ليس فيه إلا الذي لـم يسم وأما سوار فروى عنه أيضا شعبة وهي كافية في توثيقه. قلت: لكنه لـم يترجم له البخاري ولا من تبعه ولا ذكره أبو أحمد في «الكنى»، وقد اختلف عليه في هذا الحديث سندا ومتنا:

  • فأخرجه العقيلي في «الضعفاء» من طريق عبد الـملك الجدي عن شعبة عن سوار بن ميمونٍ عن هارون بن قزعة عن رجل من ءال الخطاب عن النبي r قال: «من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة».

هكذا أورده في ترجمة هارون ونقل عن البخاري أنه قال لا يتابع عليه. قلت: لكن لفظ البخاري عن رجل من ءال حاطبٍ بإهمال الحاء وتقديم الألف على الطاء، واستفدنا من هذه الرواية أن هارون سقط من الرواية الأولى وقد جاء من وجهٍ ءاخر بسندٍ أتم:

  • قرأت على الزين عمر البالسي بدمشق عن أبي بكرٍ الدقاق سماعا قال: أخبرنا علي بن أحمد السعدي عن محمد بن معمرٍ، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل، قال: أخبرنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا علي ابن عمر، قال أبو عبيد بن إسماعيل الـمحاملي وأخوه الحسين، حدثنا محمد بن وليدٍ، قال: حدثنا وكيع عن خالد بن أبي خالدٍ وابن عونٍ عن الشعبي وأسود بن ميمونٍ عن هارون أبي قزعة عن رجلٍ من ءال حاطبٍ عن حاطبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات في أحد الحرمين» الحديث.

وهكذا أخرجه ابن عساكر من طريق زكريا الساجي عن محمد بن الوليد وهذا السند أشبه بالصواب مما قبله، وحديث: «من مات في أحد الحرمين» له طرق أخرى يقوى بعضها ببعضٍ وله شاهد صحيح عن ابن عمر، والله أعلم.

  • عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «من استطاع منكم أن يموت بالـمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن مات بها([2])». هذا حديث حسن أخرجه الهيثم الشاشي في مسنده عن علي بن عبد العزيز عن الرقاشي، قال الترمذي: حسن غريب.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله علي روحي([3]) حتى أرد عليه». هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن الـمقرئ والبيهقي عن السكري فوقع لنا موافقة عالية فيهما وأخرجه أبو داود عن محمد بن عوفٍ عن الـمقرئ فوقع لنا بدلا عاليا. وعن الشيخ تقي الدين السبكي في كتابه «شفاء السقام» قال: «اعتمد جماعة من الأئمة على هذا الحديث في استحباب زيارة قبر النبي r وهو اعتماد صحيح لأن الزائر إذا سلم وقع الرد عليه عن قربٍ وتلك فضيلة مطلوبة».

تنبيه: ذكر الشيخ الـموفق بن قدامة في «الـمغني» هذا الحديث وفيه زيادة بعد قوله: «يسلم علي عند قبري» ولم ارها في شيءٍ من طرق هذا الحديث والعلم عند الله. وقد أخرج أبو الشيخ في كتاب «الثواب» من وجهٍ ءاخر عن أبي هريرة مرفوعا: «من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي من بعيدٍ أعلمته» وينظر في سنده.

  • عن مالكٍ عن عبد الله بن دينارٍ قال: «رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يقف على([4]) قبر النبي r ثم يسلم على النبي r ويدعو، ثم يدعو لأبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما». هذا موقوف صحيح أخرجه البيهقي.
  • عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قدم من سفرٍ دخل الـمسجد فقال: «السلام عليكم يا رسول الله، السلام عليكم يا أبا بكرٍ، السلام عليكم يا أبتاه». هذا موقوف صحيح أيضا أخرجه البيهقي.
  • عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «منبري على ترعةٍ من ترعٍ الجنة»([5]). هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
  • عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي r قال: «ما بين منبري وحجرة عائشة» فذكر الحديث، وهو شاهد جيد.

[1])) قال السيوطي في عقود الزبرجد (2/59): «قال القاضي عياض: ذكر بعض شيوخنا أن «أو» هنا للشك من الراوي، والأظهر عندنا أنها ليست للشك، لأن جماعة من الصحابة رووه هكذا. ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم عليه، بل إما أن يكون للتقسيم أي لبعضهم «شهيدا» ولبعضهم «شفيعا» أو تكون بمعنى الواو».

[2])) أي: من المؤمنين.

[3])) قال الحافظ العسقلاني في الفتح (6/488): «ووجه الإشكال فيه أن ظاهره أن عود الروح إلى الجسد يقتضي انفصالها عنه وهو الموت. وقد أجاب العلماء: عن ذلك بأجوبةٍ: أحدها: أن الـمراد بقوله: «رد الله علي روحي» أن رد روحه كانت سابقة عقب دفنه لا أنها تعاد ثم تنزع ثم تعاد».

وقال السيوطي في مرقاة الصعود (2/540): «الـمراد بالروح هنا النطق مجازا فكأنه قال: إلا رد الله إلي نطقي».

[4])) أي: عند.

[5])) قال ابن الأثير في النهاية (1/187): «الترعة في الأصل الروضة على الـمكان الـمرتفع خاصة، فإذا كانت في الـمطمئن فهي روضة. معناه: أن الصلاة والذكر في هذا الـموضع يؤديان إلى الجنة فكأنه قطعة منها».